لو قدر لحوادث السير أن تتحول إلى بطولة عالمية فإن بلادنا ستقود العالم لسنوات، يكفي أننا نحتل المرتبة السادسة في آخر ترتيب عالمي، وهي المرتبة الأكثر تقدما لبلادنا في جميع أنواع التصنيفات الدولية من الأمية إلى الطاقة النووية، في اليومين الأخيرين فجع المغاربة بحادثتين في الناضور والصويرة، فقد على إثرها 26 مواطنا أرواحهم، من بينهم أجنبيان وهو رقم لم يتحقق في نفس الفترة لا في سوريا التي تعرف حربا أهلية غير معلنة، ولا في أفغانستان ولا في العراق أو فلسطين أو في أية منطقة في العالم تعرف توترا عسكريا وأمنيا، هذاما يجعل الوضع في بلادنا يعرف وضعا يمس في العمق عددا من القيم. لا يمكن اليوم أن تستمر مؤامرة الصمت حول هذا الموضوع، أوأن يتحول نظام السير إلى مجال للمزايدات السياسوية كتلك التي عرفتها بلادنا بمناسبة مدونة السير، حيث سعت العديد من اللوبيات إلى الحفاظ على الوضع القائم دون خجل، وانخرط البعض في جوقة التضليل وإستدرار دموع التماسيح، في الوقت الذي أصبحنا فيه مسخرة أمام العالم وأن هذا الوضع يجعلنا نخجل من أنفسنا، ونعرض عمقنا الحضاري إلى هزات عنيفة، فأي عمق حضاري لأمة تزهق أرواح أبنائها بسداجة كل يوم، وترفض أن تصدق بأن الخلل الأساسي هو خلل بشري، بل إن البعض يهرب من هذه الحقيقة بتركيزه على وضعية الطرقات، وهنا نتساءل هل كل هذه الدول التي تأتي في الترتيب العالمي وراءنا تملك طرقا أفضل منا ؟هل هذه الدول الإفريقية الفقيرة تملك بنية تحتية أحسن من المغرب ؟ بكل تأكيد الجواب هو النفي، ثم هل يعقل إذا سلمنا بوضعية الطرق المهترئة، أن نسلم بغباء السائقين، إذ في اللحظة التي تكون فيها الطرق سيئة، هنا بالضبط يجب أن يحضر السلوك السليم للإنسان المواطن، سواء اتجاه نفسه أو اتجاه باقي مستعملي الطريق، لكن العكس هو الذي يحصل، وبالتالي تصبح المسؤولية الأولى هي مسؤولية المواطن. ليست الصورة دائما على الشكل الذي يتم تسويقها، فالعديد من الحوادث المميتة تقع في المدار الحضري، وفي الطرقات الأكثر إستجابة للمعايير المرتبطة بالجودة والأمان، لكن كيف يمكن أن نتفادى الحوادث عندما تصل سرعة بعض المركبات إلى 200 كلم في الساعة ؟ كيف يمكن أن نتفادى حوادث السير مع استمرار التلاعب في المراقبة التقنية للمركبات؟كيف يمكن أن نتفادى الكوارث عندما تستمر حافلات وطاكسيات النقل العمومي المهترئة الهاربة من متاحف مركبات العالم ، في حمل أرواح الناس في طريق الموت؟اليوم نحن في فضيحة كبيرة عنوانها العريض انعدام الإحساس بالمسؤولية لامن المواطن ولا من الدولة. عندما تغيب المسؤولية عن شعب ما، فإننا لا يمكن أن نتوقع أن يحقق أي تطور على أي صعيد، ويبدو أننا سنظل نسبح في بركة التخلف، مادامت أخبار الموت تحملها لنا طرق المملكة كل يوم.