على مدى الأسبوعين الماضيين، عرف ملف الصحراء تطورات متسارعة اتسمت بحدثين بارزين، الحدث الأول هو تجديد الأمين العام للأمم المتحدة الثقة في مبعوثه الشخصي للصحراء كرسيتوفر روس، والحدث الثاني تصريحات الحكومة المغربية تؤكد فيها أن المملكة مستمرة في نهج التفاوض، والجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إيجاد حل لهذا النزاع، وتبرير الحكومة في ذلك ما أكده وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي خلال ندوته الأسبوعية التي اعتبر فيها أن المغرب يميز بين أمرين، الأول هو أن الرباط متشبثة بحل سياسي متوافق عليه في إطار الأممالمتحدة، والثاني، أن روس ليس إلا جزء من الحل، فالمغرب على ما يقول، ينتظر ردا وموقفا رسميا من الأممالمتحدة حول قضية المبعوث الأممي. وتطرح مسألة تجديد الثقة في المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء كريستوفر روس حسب الخبير في العلاقات الدولية تاج الدين الحسيني العديد من الإشكاليات في مسلسل التفاوض حول القضية، إذ أكد الحسيني في تصريح خص به "العلم"، أنه كان من المفترض أن يستقيل روس بعد سحب المغرب الثقة منه، لكن إصرار بان كي مون على بقاء روس بعد إعلانه تمسكه به، يدفع للتساؤل عن مستقبل المفاوضات خصوصا بعد تأكيد بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية تمسكها بخيار التفاوض، وهل سيواصل المغرب التفاوض بحضور روس؟، وأردف الحسيني قائلا إن الأممالمتحدة اليوم في وضعية غير صحية، فدورها هو تقريب وجهات النظر، ولا يمكنها فرض شيء على أحد الطرفين، مذكرا بأن مسألة سحب الثقة طالت في وقت سابق المبعوث الأممي للقضية بيتر فان فالسوم من طرف الجزائر والبوليساريو، بسبب تأكيده أن قرار "الإستقلال" عن المغرب خيار مستبعد ولايمكن تطبيقه. وأشار الأستاذ تاج الدين الحسيني إلى أن خروج الأمين العام للأمم المتحدة عن الحياد يطرح تساؤلات حول موقف الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ففرنسا "رغم تحولها من اليمين إلى اليسار" عبرت عن دعمها للمسلسل التفاوضي، وكذا للمقترح المغربي، أما الولاياتالمتحدة فيقول الحسيني إنها "تلعب لعبة غامضة" في شمال إفريقيا، فرغم علاقتها بالمغرب كحليف استراتيجي لها، إلا أن علاقاتِها مع الجزائر أكثر أهمية بسبب المصالح الاقتصادية بينهما، بالإضافة إلى تقديم الجزائر لنفسها كشريك للولايات المتحدة في المنطقة في حربها ضد الإرهاب، وشدد على أن الولاياتالمتحدة تبقى حافظا للتوازن بين البلدين، فهي من جهة تحاول الحفاظ على مصالحها، ومن جهة ثانية تعمل على الحفاظ على استقرار وأمن المنطقة. في السياق ذاته، قال تاج الدين الحسيني إن فترة الهدوء التي يمر منها الملف ليست في صالح أي من الطرفين خاصة بعد التصريحات الأخيرة التي أعلنها بعض قادة البوليساريو من خلال تلويحهم بالعودة لحمل السلاح، وأحاديث عن مناورات للبوليساريو مؤخرا، كلها مؤشرات تدل حسب الخبير المغربي أن الحرب خيارٌ وارد، رغم أن هناك مؤشرات أخرى تستبعد حدوث الأمر.