لن تقبل منا مساحة هذا الركن الحديث اليوم إلا على من كان له الفضل على صاحب هذا الركن.. الفقيد الكبير عبد الجبار السحيمي الذي غادرنا إلى دار البقاء. وإني مدرك أنه مهما اتسعت مساحات الكتابة فإنها لن تكون قادرة على استيعاب ما يمكن أن يقال أو يكتب عن رجل في حجم الأستاذ عبد الجبار السحيمي. مظاهر الحزن والأسى وحتى القلق تحاصر جميع الذين عرفوا عبد الجبار وخبروه في المواقف الصعبة والمحطات الحاسمة، لأنهم مقتنعون أنهم فقدوا أخا وصديقا وإنسانا نذر مثله ممن جايلوه من رجالات ونساء هذا الوطن، وممن جاؤوا من بعدهم. صحافيا مرموقا، لم يتعلم الصحافة في معهد أو في مدرسة، وأديبا شامخا لم يتخرج من كلية أو جامعة، وسياسيا محنكا لم تزده تضاريس السياسة الصعبة في بلادنا إلا إيمانا بأن السياسة لا يمكن أن تكون مرتعا للفساد ولا حتى سلما للترقية الاجتماعية ولا مساحة للمزايدات والشعبوية، بل كان عبد الجبار يصر على القول باستمرار إن السياسة أخلاق أولا وأخيرا. أقول فقدنا صاحب الفضل على صاحب هذا الركن لأنني ولجت الصحافة من بوابة تجربة وخبرة ورصيد هذا الرجل /الأستاذ... ويكفي لصاحب هذا العمود أن يكون تتلمذ على يد أستاذ من هذا المعدن ومن هذه الطينة. رحمك الله أستاذي الجليل... وكم أشعر بالحاجة إلى تقبيل رأسك قبل يدك، وجرح فقدك سيظل غائرا موشوما في هذا الجسد.