هذي الصفحة ستشف إذا أمعنتَ وأرهفتَ النظرة وستسفر من تلقاء طبيعتها عن خلفيةٍ لا تُبديها إلا للقراء السبعة ستريك، على سعة الأفقِ، جسدا حيا لكنه كالمُهر النزق النافر لا يستسلم للقيد ولا للمسِ، جسدا ذا أبعاد خمسة، خامس أبعاده كالسهم المارق يخترق الآفاق العليا، ومراتبُ ألوانهْ لا يحصيها قوس المطر العابرْ مهْما رقتْ فُرشاتهُ وامتزجتْ كيمياء الأصباغ بهِ، ستشيع روائحُهُ تتضوع في كل الرياحْ لكن حواسَك في معتاد وظائفها لن تتلقى لونا أو رائحةً أو حجما ممتدا في بُعد ما، سترى جسدا كالوردة أو عيْنَ الوردة قل هي الوردة شاخصةً بروافدها وقواسمِ كل سلالتها، أو قلْ هي الوردُ جميعا في كل بساتين الأزمان، فإذا لم تتبين جسم الوردة باللون وبالعطرِ في بُعد من خلفيات الصفحة فاطْوِ الصفحةَ وابحثْ عن تسلية أخرى يَصْطكُّ السمعُ بتصْدية الضفدعْ تأتي من لا جهة في المستنقعْ يَنْداحُ نقيقُ قبيلتهِ وتَسيل به الأذهانُ إلى وادِي الصَّمَم المزمنْ والجَلَبات الجوفاء، أما نحن فنُسمّي، عن طيب الخاطر، هذا المستنقعَ عمراناً ونسمي الضفدع إنسانا ونقيقه برهانا. لا جدوى سوى بُوهِيميَّة الفنانْ يمشي غُفْلا بين الناسِ ويراقب حبات الزئبق تندلق إذا انكسر المحرار وتسيح بلا وجهة قصدٍ وبلا وجه وملامح ناطقة بالحبِّ أو الغضب الخصْبِ، لا شيء سوى قلق هائج . الوقت يسيل ويحفر أوديةً في أذهان الناسِ يتناسل وفق كُريّات الزئبقْ ويميع كما ساعة "دالي". راعٍ بعصاه لا يزعجه حمَل خائفْ يثغو لكنه لا يشكو سيل الأحداق ترى من ثقب حوافرها كيف لعين تنقاد لإيقاع الحافر أن تعرف أن الفوق سماء ؟ لم يرَ البوهيميُ الرافضْ في الراعي وفي القطعان سلالةَ إنسيٍّ عارفْ فنوى أن يرجئ أسئلةً حتى يتبين في ضوء الصبح القادم من يحمل شارة مسؤول ومن السائل. ديسمبر