جرأة الفنان تتجلى في وقت تكون فيه الظروف السياسية اللاديمقراطية عند بعض الأنظمة تحد من حرية التعبير، عندها يكون الفنان واضحا وصادقا في التعبير بشتى الوسائل الفنية عما لا يستطيع المواطن الجهر به علانية، ومن أهم الفنون وأقدمها الذي أدى دوراً رياديا في التعبير عن إرادة الشعوب والرغبة من الحرية والكرامة المسرح. فالمسرح الصورة الأمتن والأقوى تعبيراً . ورغم ضرورة وضوح هذه الصورة، لكن يجب أن لا تكون بأي حال مختزلة أو مفسدة للذوق العام ، فالمسرح أرقى وأنبل وسيلة للتعبير ببلاغة الكلمة ودلالات الحركة التي لا يجدر أن تسقط في الإباحية. فالتجرد الكلي من المقومات والقواعد الضابطة للأخلاقيات التي من دونها لن يؤدي المسرح رسالته النبيلة في التوعية والتقويم،. قديما كان للمسرح الديني والفلسفي الدور الأهم في معالجة قضايا الكون، فابتكر القصص الأسطورية أولاً تجنبا للأحداث المعاشة ، وقد تطورت المسرحية خلال عدة مراحل لتكون أصدق من بدايتها وأقرب إلى الناس وأوضح ورغم ذلك عرف المسرح في بعض الفترات تدنيا وتحريفاً لأهدافه، لكن أهم الفترات الذهبية كانت مقرونة بمستوى النضج لدى الكتاب والمسرحيين، وهي فترات عرفت إقبالا وتجاوبا جماهيريا ، لأنها جاءت بأفكار ومواضيع متطورة وحافظت بالخصوص على الرؤية الجمالية للمشاهد . كان المسرح ولا يزال مدرسة مجتمعية تهذب الذوق وترقى بأفكار المشاهد. ولم يكن ليتدنى أبدا لاستقطاب المشاهدين بمختلف النماذج والمدارس المسرحية رومانسية كانت أو كلاسيكية أو تاريخية أو واقعية، بأساليب جادة وهادفة ملهاة كانت أو مأساة ، ورغم أن المسرحيين المغاربة مطالبون بالإبتكار فلا يعني ذلك التجرد من كل حشمة ووقار .