قصة النشيد الوطني الجزائري في بداية 1956 طلب عبان رمضان من مفدي زكريا كتابة نشيد وطني يعبر عن الثورة الجزائرية .. وخلال يومين فقط جهز شاعر الثورة "قسماً بالنازلات الماحقات"؛ وهو من أقوى الأناشيد الوطنية في العالم، وانتقل الشاعر الذي مات منفياً بالمغرب؛ الى تونس لنشره في صفوف جبهة التحرير. وفي العاصمة التونسية قام الموسيقار التونسي علي السريتي بتلحينه، إلا أن لحن السريتي لم يكن في مستوى قوّة النشيد، وهو مادفع بمفدي زكريا؛ تنفيذاً لأمر عبان رمضان؛ بنقله معه إلى القاهرة لإعادة تلحينه من جديد، وقد تبرّع الموسيقار المصري محمد فوزي بتلحين النشيد "هدية للشعب الجزائري". واقتنعت أخيراً جبهة التحرير باللحن الجديد، واعتبرته قوياً وفي مستوى النشيد. بعد الاستقلال، بقي الشاعر مفدي زكريا صاحب الإلياذة الشهيرة، يقدم "حديث الصباح" يومياً بالإذاعة الوطنية .. ويقول بعض الأحياء من أصدقائه أنه كان يتقاضى من الإذاعة راتباً شهرياً بقيمة 600 فرنك قديم ، فيما كان هو يقدم لسكرتيره الخاص الذي يساعده في إعداد "حديث الصباح" أجراً شهرياً بقيمة 800 فرنك. ودفع هذا "الغبن" بشاعر الثورة إلى التمرّد على وضعه والانتقال إلى تونس حيث أهداه بورقيبة سينما المونديال بوصفه شاعر المغرب العربي. ثم أهداه الملك الحسن الثاني مطعماً في الرباط، وقد شكل هذا الاهتمام "المغاربي" بمفدي زكريا هاجساً أرّق الرئيس بومدين، ودفع به سنة 1966 إلى اتخاذ قرار بتغيير النشيد الوطني الجزائري، فكلّف مستشاره المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم بإجراء مسابقة للشعراء الجزائريين لوضع نشيد وطني آخر للبلاد بدلاً من نشيد "ذلك الخائن الذي بات يمدح أعداء البلاد في تونس والمغرب" .. على حد قول المرحوم بومدين. ولكن مولود قاسم الذي كانت تجمعه علاقة صداقة بمفدي زكريا؛ تمكّن من إقناع هذا الأخير بدخول المسابقة، وهو ما حدث بالفعل، ليكتشف مستشار الرئيس بومدين في النهاية بأنّ النشيد الفائز ليس إلا لشاعر الثورة مفدي زكريا، وهو ما دفع بالرئيس بومدين إلى قول جملته المشهورة: "أتركوه .. أتركوا النشيد الأوّل" !!. النشيد الوطني الجزائري قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات والبنود اللامعات الخافقات في الجبال الشامخات الشاهقات نحن ثرنا فحياة أو ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا نحن جند في سبيل الحق ثرنا وإلى استقلالنا بالحرب قمنا لم يكن يصغى لنا لما نطقنا فاتخذنا رنة البارود وزنا وعزفنا نغمة الرشاش لحنا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب يا فرنسا إن ذا يوم الحساب فاستعدي وخذي منا الجواب إن في ثورتنا فصل الخطاب وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا نحن من أبطالنا ندفع جندا وعلى أشلائنا نصنع مجدا وعلى أرواحنا نصعد خلدا وعلى هاماتنا نرفع بندا جبهة التحرير أعطيناك عهدا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا صرخة الأوطان من ساح الفدا اسمعوها واستجيبوا للندا واكتبوها بدماء الشهداء واقرأوها لبني الجيل غدا قد مددنا لك يا مجد يدا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا .. فاشهدوا .. فاشهدوا