ما أن تطأ أرجل المرء مدينة تادلة حتى يدرك من الوهلة الأولى توقف عقارب ساعة التنمية منذ سنوات، فصارت شبيهة بقرية صغيرة تحاصرها كل المظاهر السلبية بشكل يسيء إلى ماضي وتاريخ هذا الربع التليد من المغرب وتضحيات رجاله من أجل الاستقلال والنماء. واقع مر بكل اختلالاته تلاحظ انعكاسه على محيا وجوه السكان الذين يتأسفون على ضياع وهدر الامكانيات التي كان بالامكان استغلالها لتتبوأ هذه المدينة مكانتها التي تستحقها بين مدن ومناطق بل وجماعات مجاورة قطعت أشواطا كبيرة في النماء والتطور، لكن عندما يعرف السبب يبطل العجب، فعندما يسند تدبير الشأن المحلي إلى غير أهله وأيد غير أمينة ولا مؤهلة، فإن النتيجة الحتمية هي تردي المرافق والاختلال في تدبير مالية البلدية والتلاعب في الصفقات وبلوغ الجانب البيئي حدا خطرا، هي اذن بعض من السمات البازرة للعيان في مدينة تسير من أسوأ إلى أسوأ، ليبقى الأمل فقط في مجموعة من الغيورين على تادلة الذين يراهنون على فضح اختلالات سوء تدبير الشأن المحلي لدى الأجهزة الوصية كي تقوم بواجبها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. في هذا التحقيق الموجز سنقف على أهم سمات تردي الأوضاع بمدينة تادلة والاختلالات التي تشوب التسيير، هدفنا في ذلك كشف القناع عن أشخاص ابتلى بهم المواطن التدلاوي باتوا يتحكمون في دواليب الأمور بالمجلس. سرقة إرادة الناخب التدلاوي بعد الانتخابات الجماعية بالعودة وراء، وبالضبط إلى الانتخابات الجماعية الأخيرة، فقد احتل حزب الاستقلال المرتبة الأولى بمدينة قصبة تادلة بعد أن نال 12 مرشحا ثقة الناخبين بفارق كبير عن الحزب الثاني في الترتيب بخمسة مقاعد وبثمانية مقاعد عن حزب العدالة والتنمية الذي يشرف مستشاروه على تسيير المجلس الحالي!. هذه النتيجة التي حققها حزب الاستقلال لم تأت صدفة بل هي نتيجة عمل جبار ومتفاني قام به المستشارون الستة الاستقلاليون في المجلس السابق ومشاركتهم الفعالة في تسيير الشأن المحلي والقرب من احتياجات ومتطلبات المواطن التدلاوي. وفي الوقت الذي كان فيه جل المتتبعين للشأن المحلي والمواطنين الذين صوتواعلى لائحة حزب الاستقلال بكثافة ان يؤول تسيير المجلس إلى مرشحي الحزب سيفاجأون بأن إرادتهم ستسرق منهم في رمشة عين بعد تحالف هجين وهش سيسند رئاسة المجلس إلى رئيس منتمي إلى حزب العدالة والتنمية، فيما وجد مستشارو حزب الاستقلال أنفسهم مضطرين إلى الوقوف في صفوف المعارضة، ليقينهم بأن هذا المجلس لن يقدر على خدمة المواطنين بهذه المدينة العريقة ولاتحقيق أي تنمية منشودة بل سيعود بها إلى الوراء، وهو ما تأكد اليوم إذ جل المدن المجاورة عرفت تطورا ملحوظا فيما تادلة تبكي حظها التعس في خضم مجموعة من المشاكل التي يعجز هذا المجلس على إيجاد حلول لها. تدهور بيئي وركود اقتصادي وإذا كان الفريق الاستقلالي اختار المعارضة، فإن هذا لايعني أنه أراد وجهه للمواطنين، بل العكس من ذلك فقد استمر في قربه من المواطن والدفاع عن مصالحهم بكل الوسائل المتاحة كعربون رد جميل الثقة الكبيرة التي وضعوها فيه إبان الانتخابات الجماعية. ولو حولنا رسم صورة حقيقية لواقع مدينة تادلة حاليا سنجد أنفسنا في خجل كبير لأن الوضع جد متردي ومأساوي، وأول ما سنقف عليه بعجالة هو الوضع الكارثي للمجال البيئي بما يعطي الانطباع ان المجلس الحالي ضد السياسة الوطنية الرامية إلى إيلاء هذا المجال العناية الفائقة وسلامته للأجيال القادمة، فالأزبال وبقايا النفايات تحتل أماكن عديدة من الأزقة والشوارع والأراضي الخالية مع ما يرافق ذلك من آثار سلبية على سلامة وصحة المواطنين، كما أن مطرح النفايات الواقع غير بعيد عن مركز المدينة فهو كارثة بكل المقاييس ودون أي مبالغة في غياب أي مراقبة صارمة من المجلس، فهذا المطرح تصل الأزبال به إلى جنبات الطريق الوطنية رقم 8 المؤدية إلى فاس وتحوم فوقه سحابه داكنة تخنق الأنفس تمتد إلى هذه الطريق مما يحجب الرؤية في كثير من الأحيان وخاصة أثناء هبوب الرياح، أما الأراضي الفلاحية المجاورة له فصارت شبه قاحلة بسبب الأكياس البلاستيكية التي تطايرت إليها هي ومجموعة من بقايا الأزبال، ويبقى المتضرر الأول هم الفلاحون أصحاب هذه الأراضي الذين يبكون حالهم في سكوت بعد أن وجدوا أنفسهم ضعفاء على مواجهة غول هذه الكارثة، دون أن ننسى الضرر البليغ الذي يلحق المياه الجوفية من تلوث كبير. وإذا كان الاستقرار بكل مدينة يعتمد بالأساس على حجم الرواج الصناعي والتجاري، فإن الركود القاتل هو سمة تادلة لغياب أحياء صناعية أو شركات تشغل أبناء المدينة، وهنا سنتوقف عند المعمل الكبير ايكوز الذي يحتل مساحة كبرى من وسط المدينة الذي تحول الآن إلى أطلال وأجسام كبرى من الإسمنت والحديد هنا وهناك بعدما كان يشغل المئات من اليد العاملة قبل أن يتوقف عن العمل. وقد يتساءل البعض عن مسؤولية المجلس عن هذا التوقف، وهنا سنجيب بأن المجلس كان عليه القيام بكل ما يلزم حتى لا يسد أبوابه في وجه العمال و دعمه بكل الوسائل ليواصل نشاطه، وحتى بعد إغلاقه فإن المجلس مطالب باسترجاع المبالغ المالية الضخمة كضرائب التي كانت مستحقة عليه واستثمارها بما يعود بالخير على هذه المدينة، والتحرك لإعادة استغلال أرض المعمل وعدم تركه بالحال الذي هو عليه اليوم. كما أن الموقع الجغرافي لتادلة وحمولتها التاريخية وآثارها الضاربة في الزمن كان بالإمكان استغلالها بالشكل الأمثل لجلب السياح والزوار، بما سيساعد على خلق رواج ومناصب شغل مباشرة و غير مباشرة. إلا أن غياب هذا التصور لدى مدبري الشأن المحلي جعلت حتى أكبر فندق المنظر الجميل مآله الإغلاق لتبقى بنايته شاهدا على هذا الواقع. تدبير سيء لمالية وموارد البلدية أما المرافق الاجتماعية فتعرف نقصا كبيرا كدور الشباب والملاعب الرياضية والأندية الشبابية والنسوية والفضاءات الخضراء المجهزة، ليحكم على الآلاف من أبناء هذه المدينة الارتماء في أحضان الهجرة الخارجية أو الداخلية بعد فقدان الأمل في مجلس معاق تغيب عنه روح المبادرة. هذا الواقع السودوي الذي تعيشه تادلة لا يقف عندما سبق ذكره وإنما يمتد إلى طريقة تدبير وتسيير الموارد البشرية ومالية البلدية. وما انسحاب فريق الاتحاد الاشتراكي بجميع مستشاريه الجماعيين من الأغلبية والتحاقهم بصفوف المعارضة التي يمثلها حزب الاستقلال إلا خير مثال على حالة التيهان والتشرذم بمجلس البلدية، وهكذا بات يمثل فريق المعارضة الأغلبية به ل 20 مستشارا في المعارضة و 8 مستشارين في التسيير وإن الأصح هو ان الأغلبية العظمى من سكان تادلة ضد هذا المجلس الفاشل بكل معاني الكلمة. وفي نفس السياق، وإيمانا من المسؤولية الجماعية والفردية تجاه سكان مدينة تادلة، سبق ل 20 مستشارا جماعيا يمثلون الفريق الاتحادي والاستقلالي (المعارضة ذات الأغلبية بالمجلس) إلى مراسلة والي جهة تادلة أزيلال عامل اقليمبني ملال والوزير الأول ووزير الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات يلتمسون فيها منهم فتح تحقيق نزيه في مجموعة من الاختلالات التي يعرفها المجلس البلدي، وبالتالي اتخاذ ما يلزم من الإجراءات والتدابير القانونية على أساس أن يشمل هذا التحقيق مجالات الموارد البشرية والتسيير والصفقات والتعمير، وتفرد الرئيس بجميع القرارات ورفضه للتدبير التشاركي وتنكره لميثاق الشرف الذي وضعه مع مستشاري الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. اسناد المسؤولية بالمجلس حسب الولاء الحزبي بخصوص الموارد البشرية تشير الرسالة الى أنه إذا كان حسن تسيير المرفق العمومي يقوم أساسا على حسن تدبير العنصر البشري، فإن البلدية تعرف اختلالات عميقة انعكست سلبا على سمعتها ومردوديتها الخدماتية ، وهكذا تشير الرسالة الى تهميش مؤسسة الكاتب العام إذ خلافا لما نص عليه الميثاق الجماعي من خلال إعطائه اختصاصات أساسية لهذه المؤسسة، فإن هذه الأخيرة شبه غائبة عن الجماعة حيث لم تبادر إلى هيكلة الموظفين، أو على الأصح لم تترك لها صلاحية هيكلة الإدارة، بل الأكثر من ذلك غيبت حتى في امتحان الكفاءة المهنية التي أشرف عليها الرئيس بنفسه بمعية رئيس قسم الموظفين الذي استدعى مرؤوسيه للإشراف عليها حراسة وتنقيطا، مما جعل هذه الأخيرة مشبوهة تماما وفاقدة لأية مصداقية ، وهو ما أثار احتجاج النقابات الفاعلة في الميدان، وكذا إسناد المسؤوليات حسب الولاء الحزبي للرئيس وليس بحسب الكفاءة والإطار الإداري، توزيع الساعات الاضافية بمنطق الزبونية الحزبية الضيقة، وكذلك الشأن بالنسبة لمنحة الأوساخ، والتشغيل الموسمي من دون شفافية ولا معايير الاختيار بالإضافة الى الإهمال المفرط لمرافق الجماعة كحديقة الأطفال ومركز الاستقبال والمسبح البلدي والسوق المغطاة والمحطة الطرقية، مما جعل مداخيلها تتراجع سنة بعد الأخرى، والسماح بشق طريق في بقعة بملكية الأمن الوطني مما جعل هذا الأخير يوقف إنجازها بقوة حيازته الرسم العقاري ولتضيع مع هذا مالية الجماعة بسبب ارتجالية تدبير رئيس المجلس، وضعف مداخيل الرسم المفروض على المشروبات وعدم بذل الرئيس لأي مجهود في استخلاصه مما يضيع على الجماعة مبلغا ماليا يقارب 100 مليون سنتيم، واستغلال رئيس لجنة التعمير لنفوذه داخل الجماعة. الشبهات ترافق صفقات المجلس وانفراد الرئيس بالتسيير وفي الباب المرتبط بالصفقات فيتم إبرام الصفقات دون إتمام المسطرة القانونية وبالأخص الملكية العقارية (الملعب البلدي - القاعة المغطاة)، كما أن أغلب الصفقات لا يستفيد منها إلا الأشخاص المنتمين لحزب الرئيس، وعدم الحرص على إنجاز المشاريع في وقتها وفق ما ينص عليها دفتر المقتضيات الخاصة (C.P.S) والأنكى من هذا عدم تغريم المقاولين الذين يخلون بالتزاماتهم مما يطرح أكثر من عملية استفهام حول علاقة الرئيس بالمقاولين؟!!! وعدم حرصه على احترام شركة (SOS) لدفتر التحملات إن على مستوى كون إشراك النواب أو اللجنة المالية، والسماح ببيع بعض ممتلكات الجماعة بدون سند قانوني (قطع الغيار المستعملة وبعض المتلاشيات). و تشغيل بعض المتقاعدين في العمل الموسمي ضدا على مرسوم الوزير الأول المحجز البلدي وبعض السائقين). وبالنسبة لجانب التسيير، فإن أهم ما يميز التسيير اليومي لبلدية قصبة تادلة ، حسب ما ورد في ذات الرسالة، هو انفراد الرئيس المطلق بمسألة التسيير مهمشا كل نوابه، مما جعل أغلبيتهم يتقلبون عليه ويتحولون إلى معارضين لسياسته الانفرادية، فهو المشغل، هو المبرم للصفقات، وهو المستقبل للمقاولين في خلوة مغلقة... كما يرفض تفويض الاختصاصات للنواب باستثناء تفويض الحالة المدنية ضاربا عرض الحائط، بمبدإ التدبير التشاركي يحل محله منطق الارتجال والفوضى. ومن أهم تجليات هذا التدبير الفردي والتحكمي المغلق: عدم الاشتغال بالمخطط التنموي الاجتماعي والاقتصادي الذي صرفت فيه 25 مليون سنتيم ليظل على الرفوف فقط، وتحكمه السلطوي في ميدان التعمير حيث يعاقب من يشاء ويتستر على من يشاء حتى أصبح حي المرس لوحده يضم حوالي 80 مسكنا غير قانوني، حيث تم تقسيم المباني إلى نصفين، وهم الآن يطالبون بتمكينهم من رخص إدخال التيار الكهربائي، زد على ذلك عدم استخلاص كراء محلات تجارية بالسوق المغطاة ومقاهي ومحلات أخرى بالحي الصناعي وغيرها مما أضر بمصالح الجماعة، وعدم القيام بإحصاء الأراضي غير المبنية بالمدار الحضري، وتبذير مالية الجماعة في الاستقبالات والهدايا لوفد هولندي رغم عدم جدوى مشروع محطة تصفية المياه، واحتفاظه بمبلغ يناهز 3 مليون سنتيم كان قد حصل عليها من بعض المقاولين لفائدة كرة القدم، وعدم استخلاصه لمستحقات الجماعة من عملية تجزئة الأراضي بتعاونية آيت الثلث والاكتفاء بالشطر الأول الذي تمت تسويته هو الآخر بطريقة مشبوهة (عبر شيك ضمانة)! وتدبيرموسم عيد المولد النبوي بشكل مشبوه يطول كيفية صرف الأموال، وعدم حيازة بقايا التجزئات les chutes وتسليم أصحابها الرخصة النهائية مما ضيع على الجماعة رصيدا عقاريا لا يستهان به، وعدم تفعيل بعض الشراكات مع مجموعة من الوزارات والجهة ومؤسسات أخرى قد وفت بوعدها وصرفت حصتها مما تسبب في تعطيل إنجاز المشاريع - وزارة الشبيبة والرياضة (القاعة المغطاة) وزارة التجارة والصناعة (منطقة الأنشطة الاقتصادية) - وزارة الداخلية - جهة تادلة أزيلال، وكما ان الشبهات ترافق كذلك صفقات الأغراس. وتضيف نفس الرسالة أن هذه التجاوزات هي فقط بعض مظاهر الاختلالات ينبغي التحقيق فيها واتخاذ ما يلزم في شأنها، كما أنها ينبغي أن تشمل النائب الأول للرئيس في شأن الترخيص لسيارة الإسعاف بالمجان في أغلب الأحيان رغم وجود مقرر، وتصرفه في دواء الجماعة المخصص للمعوزين ضدا على طبيب الجماعة، وكذا توقيعه على وثائق من اختصاص الرئيس، واستغلاله لهاتف الجماعة الثابت في أغراضه الشخصية.