تستأنف ابتداء من أول أمس تستأنف بمانهاست بالولايات المتحدةالأمريكية المفوضات متعددة الأطراف حول الصحراء المغربية، وتعتبر هذه الجولة على درجة كبيرة من الأهمية، على اعتبار أن المغرب سوف يقدم كل التفاصيل المتعلقة بتدبير الثروات الموجودة في المنطقة، وتعتبر هذه النقطة في جدول الأعمال إضافة إلى وضعية حقوق الإنسان إحدى أهم مرتكزات دعاية البوليساريو، وقد تبين اليوم أن جولات المفاوضات التي كانت جبهة البوليساريو تحاول إستغلالها لإحراج المغرب بمنطق الدعاية، إنقلب عليها على كل المستويات .. فعلى مستوى إجراءات الثقة المتعلقة بالجوانب الإنسانية للنزاع وعلى رأسها حرية تحرك العائلات، اتضح بالملموس أن من يعرقل البرنامج هو جبهة البوليساريو والتي قامت بوقف الرحلات بالقوة، والسبب هو اكتشاف سكان المخيمات ممن كان الحظ بجانبهم وتمكنوا من زيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة، زيف دعاية البوليساريو والجزائر عن الوضعية الحقيقية لما يجري في الصحراء،حيث وقفوا على واقع التنمية التي تعرفها المنطقة مما حولها إلى كبريات الحواضر المغربية،خاصة عندما تعقد المقارنة بين ما كان عليه الوضع في فترة الاستعمار الإسباني ، وما هي عليه وضعية المخيمات في تيندوف وما هو موجود فعليا على الأرض في المغرب.. النقطة الثانية التي أظهرت قلة حيلة البوليساريو وارتباكه وإدمانه منطق الدعاية، هو فشله في الاجتماع الدوري الأخير لمجلس الأمن الدولي في استصدار قرار أممي بوضع آلية إلزامية لدى المينورسو تختص بمتابعة وضعية حقوق الإنسان، حيث كان الطرح المغربي بخلق لفرع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعيون، والذي يعمل وفق معايير باريس لحقوق الإنسان كمعايير دولية موحدة، الأثر الكبير على قرار مجلس الأمن، بل وتبين من خلال قضية مصطفى سلمى ولد مولود أن الجبهة لا يمكن أن تمضي بعيدا في مناقشة وضعية حقوق الإنسان، ذلك بالنظر إلى هشاشة البنية الحقوقية للجبهة،التي تعاني من مرض وراثي يتسم بالقمع والشمولية والنزعة الأحادية، وعلى كل فهذه الصفات هي التي أفرزت جبهة البوليساريو وقدمت لها الدعم من رموز الأنظمة الديكتاتورية والشمولية في العالم منتصف السبعينات من القرن الماضي. المطروح اليوم وبكل حد سؤال جوهري وحاسم هو ، من يمثل الصحراويين ؟ الجواب على السؤال يمكننا من القول بأن ما يجري في مانهاست هو مجرد عبث أممي لا يقدم ولا يؤخر أي شيء بالنسبة لقضية الصحراء، فالبنية الديكتاتورية للجبهة وظهور أطراف معارضة لها، مثل خط الشهيد في مرحلة سابقة والتعبيرات الجديدة التي أعلن عنها في كل من باريس قبل أشهر ومدريد قبل أيام من لقاء مانهاست ..كلها أمور توضح أن قيادة جبهة البوليساريو الحالية لا تمثل سوى نفسها ومسخريها في قصر المرادية بالجزائر العاصمة، وإذا كان التشرذم والتشتت هو الوضع السائد التعبيرات التنظيمية التي تمثل الصحراويين في تيندوف، فكيف يغيب المفاوض المغربي والأممالمتحدة، الطرف الصحراوي الآخر والذي يمثل الأغلبية الساحقة من الصحراويين، وهذا الطرف لا يدعي تمثيل الصحراويين بل هذا التمثيل يتجسد في كل استحقاق انتخابي يعرفه المغرب، إذ تشهد الأقاليم الصحراوية أعلى نسبة للمشاركة، في انتخابات قد تعرف كل أنواع الصراع والتجاذب، لكنها تبقى انتخابات يطبعها التنافس والشفافية، سواء في الانتخابات الجماعية أو الانتخابات التشريعية، فما موقع المنتخبين الصحراويين من خلال جمعية «الأسيساريو» من الحوار الدائر في مانهاست؟ وهل تعتقد الأممالمتحدة، إذا كانت جادة في إدارة مفاوضات تفضي إلى السلام، أنها يمكن تحقيق ذلك مع استمرار تغييب أغلبية الصحراويين ممن هم على الأرض منذ بداية النزاع؟ إن استمرار تغييب الصحراويين عن المفاوضات المباشرة والرضوخ المستمر لإملاءات جبهة البوليساريو، لن يفضي سوى إلى الباب المسدود، فالصحراويين في الصحراء لهم رأي يجب أن يسمع، فهو إن لم يسمع اليوم فسيسمع غدا بكل تأكيد...