موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العلم» تنقل وجهة النظر الأخرى المغيبة في ملف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية
نشر في العلم يوم 31 - 05 - 2011

لا تريد «العلم» أن تأخذ موقعا واحدا تتحصن فيه فيما أضحى يعرف بملف الاختلاسات في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وتغلق آذانها وتغمض عيونها، لا لشيء لأن الملف أخذ أبعادا كبيرة جدا ولا أحد ينكر أن الكبار تطاحنوا وتقاتلوا، بيد أن الصغار قد يكونون قد دفعوا ثمن تصفية الحسابات .
إننا لا نعلق على أحكام قضائية صدرت ولا يمكن أن نطعن فيها، بل إننا نحترمها ونعتبرها أحكاما قضائية شرعية صدرت في محاكمات نترك لمن يعنيهم أمر هذا الملف التعليق عليها.
إننا وبعد أن تابعنا تطورات هذا الملف بما ملكنا من قوة وإيمان مع أخذ الحيطة والحذر في العديد من المنعرجات وما أن اتصل بنا مجموعة من المعنيين بهذا الملف وعائلاتهم من الذين غيب صوتهم في هذه القضية عارضين علينا نشر وجهة نظرهم، لكن شريطة أن يتم ذلك وفق منهجيتنا المهنية فكان نتاج ذلك ما نقترح عليكم قراءته في هذا الملف.
بعث تجمع أسر وأصدقاء المعتقلين في ملف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية برسالة مفتوحة إلى الرأي العام المغربي وهي عبارة عن نداء، أكدوا فيها أنه منذ أكثر من سنة والأزواج والزوجات والأبناء والبنات والأباء والأمهات والإخوان والأخوات والأصدقاء والصديقات في محنة ألمت بهم وبهن زجوا فيها بالسجن، وهم وهن أبرياء من كل جرم أو فعل مناف للقانون أو أخلاقيات المِهن التي يمارسون، لمدد تتراوح بين السنة وأكثر من السنة حكم عليهم بعدها بأحكام قاسية لا نرى كما لا يرى دفاعنا ولا المراقبين والمتتبعين للملف أنها صادفت الصواب وكانت عادلة.
وأضافت الرسالة أنهم سجنوا في إطار المراقبة النظرية لسنة وبراءتهم قائمة قانونيا وما كان أن يُسجنوا لتوفرهم على كل الضمانات القانونية، فكان هذا أول خرق لحقوقهم. وما سُجنوا إلا تأدية لثمن حرب ضروس هم غرباء عنها لا تقي ولا تذر ولا تُمَيِّز بين البريء وغير البريء، حربٌ تهدف، حسب الرسالة، إلى تأديب شخص واحد تردد اسمه في الصحف وعلى ألسنة الكبير والصغير إلى أن أصبح يُعطَى مثلا للفساد وللتبديد والاختلاس وهو مَحْمِيٌّ بالحصانة البرلمانية التي لم يستطع أغرامه لا أن يرفعوها ولا أن يسقطوها عنه مما يبدو أنه يزيد في حدة تشنجهم وبالتالي المس بحق المعتقلين.
وذكرت أنه تم استعمال النفوذ قهرا وقسرا ضد مواطنات ومواطنين عُزَّل لا سلطة لهم ولا نفوذ غير آبهة بمآلهم النفسي والاجتماعي والمهني وذلك محاولة للضغط على مسؤولي البلاد الكبار وإكراههم وجرهم لموقف سياسي يجرم العاقين قبل محاكمتهم وإدانتهم من طرف قضاء نزيه ومستقل ربما لإعطاء الدرس.
وأشارت أن الضغط مورس لإسكات صوت الأسر وحرمانهم بحرمانهم من منبر يوصل للناس وجهة نظرهم. فقد تم تهييج الرأي العام وتأليبه بالتلويح بأرقام خيالية لا أساس عقلي ولا منطقي ولا قانوني لها وفي التشهير بالأبرياء وتوزيع التهم والحكم عليهم دون إعطائهم حق الرد وإسماع صوتهم وبدل ترك مسؤولية الحكم للقضاء. فالأرقام التي روج لها تفوق بكثير كل ميزانيات التعاضدية خلال فترة المسائلة مما يُخْبِرُ كل ذي عقل حصيف بما تخفيه هذه التهم من خبايا لا علاقة لها بتسيير التعاضدية وتدبير شؤونها المالية والإدارية، فالقضية ليست قضية التعاضدية ولا قضية تبديد أو اختلاس بل استعملت هذه الأخيرة لأهداف أخرى.
فبرغم كل الضغوطات وكل المجهودات التي قام بها المطالب بالحق المدني الذي يتوفر على كل الوسائل والوثائق في حين أن المتهمين من ذوي أصحاب هذه الرسالة كانوا في السجن محرومين من تهيئ دفاعهم على الشكل الأنسب، فلم يستطع إثبات أي اختلاس ولا أي تبديد مما اضطر المحكمة أن تعتبر مطالبه غير معقولة وأن لا تأخذ بجلها وتتعب في حكم غير مستقيم قانونيا وتدين متابعين بأفعال ليست جنائية حتى يتأتى لها أن تحكم بالجنائي وتبرر سجن أبرياء تم السطو على براءتهم وحقوقهم.
كما يبدو ويروج كذلك أنه مورست السلطة والنفوذ كذلك على القضاء بأشكال أخرى زيادة على ضغط للحد من استقلالية القضاء كما أكد ذلك بعض من يعدون قريبين جدا من الملف.
وبُنِيَ الملف منذ البداية للضرب على يدي الرئيس السابق للتعاضدية كما جاء على لسان أحد محامي المطالب بالحق المدني الذي صرح وأكد في جلسة علنية أنه جاء يتابع شخصا واحدا وأن ليس له خصام مع الآخرين.
وفي الشوط الثاني من المتابعة تمت إلصاق التهم على أساس أفعال تستقي ثقلها وخطورتها من تكييف قانوني غير مناسب يُمَكِّنُ من المتابعة في إطار قوانين المال العام ومساطر صفقات الدولة والوظيفة العمومية، ضدا على المنطق والقانون والفقه والرأي السديد إذ أن التعاضدية جمعية تخضع للقانون الخاص ليست بالإدارة العمومية ولا بالشبه العمومية ولا بهيئة حكومية ولا تتصرف في قرش واحد من المال العام أو أموال الدولة، فكل ميزانياتها وأموالها خاصة لها مصدر وحيد أوحد وهو انخراطات أعضائها كما هي ليست بقطاع عمومي ولا يصح قانونا أن تعتبر كذلك لأن خدماتها ليست مفتوحة للعموم، بل تخص فئة خاصة من الناس الذين يختارون طواعية أن يشاركوا فيها وأن يمتثلوا لقوانينها الداخلية ولا تتمتع بامتياز المنفعة العامة التي تمنح بظهير خاص لم يمنح قط لها.
وتقول الرسالة إن التهم كُيِّفت إذن خارج القانون وما كان ذلك ليكون ممكنا لولا أن أُفْتِي من كَيَّفها وتابع بها وحَكَم بالإحالة إليها حيث أن الضابطة القضائية، مثلا، كانت تحقق مع مواطنين ومواطنات وهم يعتقدون أنهم شهود على أكبر تقدير ولم يخبروا قط أنهم محط متابعة إلى حين اعتقالهم. مع ذالك كله كانت المحكمة مضطرة لإسقاط الكثير من التهم الملفقة لعدم ثبوت الأفعال المُعابة والمنسوبة للمتابعين ولضعف موثوقية ما أراده الإدعاء والنيابة العامة أن يكون أساسا لقيامها. وبما أنه بدون أفعال لا يمكن أن تكون هناك متابعات، وتؤكد الرسالة ذاتها أن المحكمة أدانت المتهمين بتهم جديدة بنتها على أفعال جديدة اختلقتها عند تحيين الحكم فجاء هذا الأخير ضعيفا تطفح منه روائح الخرق السافر والانتهاك الصارخ خصوصا لما لم يفسح للمتابعين مجال حقهم في الدفاع ضد الاتهامات التي حكم عليهم من أجلها ولما ضرب عرض الحائط ما خلصت له الخبرات والحجج التي جاء بها الدفاع.
وتمت مؤاخذة مستخدمين على عدم تطبيق قوانين لا تُلزمهم ولم تُلزم المؤسسة التي يشتغلون فيها منذ نشأتها والتي لا ولم تلتزم بها مؤسسات شبيهة بمؤسستهم لأن القانون لا يفرضها عليهم ولا عليها وأًعيبَ عليهم عدم القيام بما هو ليس من اختصاصهم كما أعيب على مهندسين وخبراء وأطر تقنية ومقاولات مختلفة الاختصاصات ما استحسنه الخبراء الذين أمرتهم المحكمة نفسها بتفحصه وتقويمه وأطالوا في تمجيده والتنويه بمستواه العالي ومطابقته لأجد وأرفع وأجدى المقاييس العلمية والتكنولوجية وتنافسية أثمانه على المستوى العالمي فكيف يستقيم حكم كانت هذه شروط القول به.
فاعتمادا على اجتهاد المحكمة والحكم الذي قضت به يجب، مثلا، اعتقال كل مُسَيِّري التعاضديات وسجنهم بما فيهم تعاضديات المحامون والفنانين والصيادين كما صُنِعَ بأصحاب التعاضدية العامة لأن لا أحد منهم يطبق قانون صفقات الدولة ولا أحد منهم يعتبر مستخدمي تعاضديته موظفين عموميين. فلا يستقيم أن يُمَيِّز القانون فئةً من المغاربة فيطبق عليهم قانونا ويخضعهم له ولا يطبقه على غيرهم ولا يلزمهم به.
وأوضحت الرسالة ذاتها أنه بعد الحكم الابتدائي واستئنافه من طرف المتابعين والنيابة العامة معاً دهش الكل لإحداث مسطرة خاصة نُصَّبَتْ من خلالها هيئة غير الهيئة العادية. وزادت دهشة الكل لما جُنِّدت قوى الأمن والإدارة لتسليم استدعاءات الحضور للمتابعين ولدفاعهم خلافا لما جرت به العادة مما أحدث رعبا جديدا لدى المتتبعين للملف تحسبا لاستمرار التعامل المدبر من خارج المحكمة في أطوار الاستئناف كذلك وهلعا من أحكام قد تكون تقررت لضرب استقلالية القضاء.
وأكد أصدقاء و أسر المعتقلين أنهم ضد الإفلات من العقاب ومن ناصري تخليق الحياة الخاصة والعامة ومؤيدي الشفافية في تسيير وتدبير الشأن الخاص والعام وتحصين الحقوق وذويها بالمراقبة واليقظة والمحاسبة المسؤولة والمعقلنة لكننا كذلك لا ندعن للظلم ولن نخضع له أنى كان منبعه وأصله والعاملين عليه كما أننا نرفض تعنت المتعدين وعنف المضطهدين ولا نرى مخرجا للجائرين علينا بسلطة ومصداقية منحهما لهم الشعب ولا حق لهم في تسخيرها ضدنا عنوة إلا توبتهم ورجوعهم لأنفسهم وللحق ولا نجد مغفرة لمن تعدى علينا إلا أن يصدح بالحقيقة ويتولى على غيه فإن الظلم لا تستسيغه الشعوب ولا تقبله النفوس الأبية فستكون حسرتنا كبيرة على عدولنا لما يستيقظ المغاربة الأحرار على بطشهم الغاشم علينا وعلى أمننا وحريتنا وحقوقنا وهم يجرون وراء الانتقام من خصومهم وعقاب من لا يربطنا بهم ما يؤاخذونهم عليه. يومئذ يكون حسابهم مِن مَن ورطوهم ضد الأبرياء وتكون مسائلتهم عن الباطل الذي أفرغوا إجحافه جوراً على حياة شرفاء وشريفات ولن يجدوا بدا من الاعتراف بالانزلاق المأسوف عليه وإبعاد من صاغوه وكانوا له حُماةً.
قدم الدفاع بعدة ملاحظات حول الطبيعة القانونية للتعاضدية تهدف الى عدم اعتبارها مرفقا عموميا وأنها ليست مصلحة ذات منفعة عامة لعدم صدور ظهير يعترف لها بذلك، وأن أموالها ليست عمومية لان رأسمالها من واجبات الانخراط التي بدفعها المنخرطون ولا تساهم فيه الدولة بأي شيء، وأضافوا أن العالمين فيها ليسوا موظفين عموميين لا بمفهوم قانون الوظيفة العمومية ولا بمفهوم القانون الإداري ولا بمفهوم القانون الجنائي حسب الفصل 224 منه.
وقد رد على هذه الدفوعات وهذه الملاحظات، بحيث إنه بالرجوع إلى ظهير 1963 المتعلق بقانون التعاون المتبادل، وهو القانون المؤسس للتعاضدية يتضح أن هذه المؤسسة أوكل إليها مشروع السهر على تدبير شؤون شركة مهمة من أفراد المجتمع الصحية وتنظيم التعاضد والتكافل حيث يفوق عددهم 350 ألف منخرط بالإضافة إلى ذويهم، كما يظهر من القانون المذكور أن هذه المؤسسة لاتهدف إلى تحقيق الربح وإنما تهدف إلى التكافل والتعاون بين المنخرطين. وحيث أن تأسيس هذه المؤسسة يتطلب وكما ينص عليها القانون المذكور الترخيص من طرف الدولة.
و تخضع الأعمال التي تباشرها هذه المؤسسة للدولة وتحت إشرافها، حيث تكون ملزمة خلال الثلاثة أشهر الأولى من كل سنة بتوجيه قائمة بعد أعضائها وتوظيفاتها المالية ومداخلها ونفقاتها بما في ذلك نفقات المؤسسات أو المشاريع أو المصالح التي تحدثها طبق للفصل 25 من ظهير 1963 للوزارتين الوصيتين المالية والتشغيل.
وحيث إن ما يدل على مراقبة الدولة والإشراف على تسيير شؤون التعاضدية توقف اقتناءها لعقارات ضرورية لتسيير مصالحها الإدارية وكذلك بناؤها على سابق إذن من الوزارتين المالية والتشغيل ونفس الإذن تتطلبه الأشغال التي من شأنها توسيع أو تغيير تخصيص العقار حسب الفصل 16 من نفس القانون.
و لا ثابت من الأوراق أن قانون التعاضدية الداخلي يلزمها في الصفقات التي تبرمها أن تكون هذه الصفقات وفق قانون الصفقات العمومية، وهذا ما يظهر جليا من خلال أحد محاضر اجتماع المجلس الإداري للتعاضدية حول استشارة وزارة المالية في موضوع التعامل مع الشركة الوحيدة دون المنافسة فكان جواب الوزارة المذكورة بأن القانون لايسمح بذلك ويعني بالقانون قانون الصفقات العمومية.
وإن ما يجعل هذه المؤسسة مرفقا عموميا خاضعا لمراقبة الدولة والاشراف على تسيير شؤونها إمكانية حلها عند ملاحظة أي خلل أو خروقات في تسيير شؤونها وتبديد أموالها طبقا لما ينص عليه الفصل 26 من ظهير 1963 المتعلق بالتعاون المتبادل.
وبالنسبة للصفقات فقد عرفت خروقات واختلالات تجلت في عدم احترام القانون وعدم احترام ما تضمنته دفاتر التحملات سواء من حيث الانجاز ولا من حيث الزيادة وجاءت الزيادات على شكل ملحقات لا يسمح بها القانون إذ تجاوزت 250 ألف درهم.
فعلى سبيل المثال ما سمي ب «صفقة أكادير» كانت قيمتها الأولية 12730175,00 درهم، وقد عرفت أربع حلقات بلغ مجموعها 26858372.00 درهم مما جعل قيمة المشروع النهائية تصل إلى مبلغ 42658372.00 أي بزيادة 29883504.62 درهم وهي نسبة تفوق 100% في حين القانون لا يسمح بالزيادة على قيمة الصفقة إلا في حدود 10% واعتبر هذا التصرف مخالفا للقانون والأعراف الإدارية.
وثبت أن مشروع «نور التعاضد» عرف بدوره هو الآخر عدة خروقات وإختلالات تجلت في عدم احترام بنود دفتر التحملات وخاصة من أجل انجاز المشروع المذكور المحدد في 8 أشهر وعدم فرض غرامة التأخير على الشركة المتقاعدة مع التعاضدية بالإضافة إلى الملحقات التي تجاوزت قيمة المشروع الأولية والتي كانت محددة في مبلغ 11610000.000 درهم تم وصلت إلى مبلغ 19040256.00 درهم.
وحسب الدعوة ذاتها فإن المتهمين اعترفوا أمام المحكمة بأنهم كانوا رهن إشارة الرئيس ولو حتى خارج أوقات العمل بما في ذلك أيام السبت والأحد لانجاز الفواتير واستخلاص مبالغها دون أدنى مراقبة أو تدقيق مع العلم أن طبيعة ونوعية المهام المسندة إليهم تفرض عليهم ذلك، خاصة لما علموا خبر اقتراب أجل تطبيق الفصل 26 من قانون التعاون المتبادل المتعلق بحل اللجن المنتخبة والمسيرة للتعاضدية، حيث عمدوا إلى تصفية عدة فواتير دون احترام الإجراءات المسطرية لاستخلاصها وعدم حلول أجلها كما هو الشأن للفاتورة رقم 07 الخاصة بمقاولة «سكولا» والتي تم انجازها يوم الأحد تاريخ فبراير 2009. وتوبع عدد من المتهمين بتبديد أموال عامة وتزوير وثيقة إدارية واستعمالها وتزوير محرر بنكي واستعماله، وتوبع آخرون من أجل المشاركة في ذلك.
وحسب الدعو دائما فإن ما يدل على أن التعاضدية ذات منفعة عامة هو إعفاؤها بعض الأحيان من أداء واجبات رسوم التسجيل والتمبر، ومما يدل على أن التعاضدية هي مرفق عمومي أيضا هو القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى والمتواترة في هذا الشأن منذ 2002 إلى غاية 2009 حسب القارات الآتية.
- القرار عدد 1/850 بتاريخ 2002.
- القرار عدد 732 الصادر بتاريخ 2007/7/15 في الملف عدد 09/4/529
- القرار عدد 922 الصادر بتاريخ 2009/9/30 في الملف عدد 09/4/986
إن هذه القرارات لايمكن أن يرجح عنها أم يتيم أدلى به الدفاع صادر عن السيد قاضي التحقيق بالدار البيضاء حينما صرح بعدم الاختصاص للبث في قضية إحدى التعاضديات المعروضة عليه ذلك لأن حجية هذه القرارات أقوى من حجية الأمر لكونها حائزة لقوة الشيء المقضى به وأنها صادرة في الموضوع عن هيئة قضائية في حين أن الأمر صادر عن قاضي متفرد ولم يصدر في الموضوع ولم يدل بمآله.
بالنسبة للمتهم محماد الفراع المتابع من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية والارتشاء واستغلال النفوذ والمشاركة في تزوير وثائق إدارية ومحررات بنكية واستعمالها. فإنه أكد في جميع مراحل الدعوى أنه قام باقتناء عدة عقارات للتعاضدية وأبرم عدة صفقات لإنجاز مشاريع بها.
وبالرجوع إلى ظهير 1963 المنظم للتعاون المتبادل وخاصة الفصل 16 منه يظهر أن المشرع ألزم لاقتناء أي عقار لفائدة التعاضدية أو توسيعه او تغييره تخصيصه إذنا مسبقا من الوزارتين الوصيتين المالية والتشغيل.
ويقول محضر الدعوة ان المتهم المذكور ثبت ومنذ 2006 لم يحترم مقتضيات القانون المذكور أعلاه إذ عمد إلى اقتناء عدة عقارات للتعاضدية دون الحصول على الإذن المذكور من الجهة الوصية مما يدل على سوء نية وتخطيطه لتبديد واختلاس أموال التعاضدية خاصة وانه رجل يملك ثقافة قانونية تؤهله لمعرفة النصوص.
وأكد المتهم وفي جميع مراحل الدعوة وحتى أمام المحكمة أنه سخر حافلة خاصة بنقل الأطفال المعاقين بالرباط وهي في ملكية التعاضدية لنقل فريق أمل الصويرة لكرة السلة لكونه رئيسا للفريق المذكور إلى جميع المدن المغربية حيث يجري الفريق مقاتلاته.
ومن صدور التبديد الأخرى التي قام بها المتهم هو ما بثت من خلال المناقشة في هذه القضية ومن اعتراف المتهم نفسه في جميع مراحل هذه الدعوى هو اقتناء لمكتب فاخر صابه بقيمة 330 ألف درهم.
تقارير خبرة لافتحاص عدد من الصفقات المبرمة
أكد تقرير الخبرة أنجز حول الصفقة المتعلقة ببناء مركز الأطفال المعاقين بأكادير، بعد الانتقال إلى مدينة أكادير والاطلاع على الوثائق المتعلقة بالمشروع والانتقال إلى السجن المحلي بسلا للاستماع إلى المتهم، وبعد تحليل جميع الوثائق وخصوصا منها شهادة المطابقة الموقعة من طرف أعضاء اللجة التي راقبت الصفقة والتي تنص في المادة الأولى أنها تشهد بأن الأشغال قد انتهت، فإن مجموع المبالغ التي لازالت لذمة التعاضدية لفائدة مقاولة المتهم هي78 ،2313524درهم.
كما أنجز تقرير آخر للخبرة بتاريخ 11 غشت 2010 متعلق بالملف رقم 11/2010 بين شركة «wormitec» والتعاضدية العامة لموظفي الإدارة العمومية، وبعد عقد اجتماع مع الأطراف وبعد تصريحاتهم وتقديم وثائقهم وبعد الانتقال إلى مقر التعاضدية ومقر شركة «wormitec» ودراسة الوثائق المعتمدة في المشروع والاطلاع على تفاصيل العقد المبرم، تم التوصل أن التعاضدية استفادت من النظام المعلوماتي منذ تثبيته، وما يؤكد هذا هو القيودات المحاسبية المدرجة على النظام ، والملفات الخاصة بالشطر المهني. ولم تعرف التعاضدية أية إخلالات وعراقيل بعد إنجاز النظام.
ويوضح تقرير خبرة أنجز حول إعادة تطوير النظام المعلوماتي أنه بعد دراسة جميع الأداءات التي تمت، بما في ذلك الصفقة للتعاضديات الأصلية والملاحق، وعليه أكد التقرير أن المبلغ الذي على عاتق الشركة في إطار اقتطاع الضمان هو 312065،16 درهم، وكان من واجب التعاضدية أن تخصم هذا المبلغ الإضافي من الأداءات التي تمت كما فعلته في اقتطاعات الضمان التي اختطفت بها. ويبدو أن التعاضدية كانت تعتبر أن اقتطاع الضمان لا يهم الملاحق.
وأكد التقرير ذاته أنه بعد إضافة هذا المبلغ تكون التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية قد تسلمت المبالغ الآتية 546792،84 درهم 1275849،96 درهم أي ما مجموعه 1822642،80 درهم ، وفي حالة ما إذا ثبت أن النظام المعلوماتي يعمل بنسبة 99% فيستوجب على التعاضدية أن تسلم للشركة هذه المبالغ مع التسليم النهائي طبقا لدفتر التحملات.
ياسين القراري محام أحد المتابعين في قضية التعاضدية العامة لموظفي الإدارة العمومية ل «العلم»:
لا نريد أن يكون المواطنين أكباش فداء بمبرر محاربة الفساد
تؤازرون أحد المتابعين في ملف التعاضدية العامة، ماهي حيثيات القضية؟
تقدمت بشكاية تفيد أن هناك مجموعة من الاختلالات والاختلاسات التي وقعت داخل التعاضدية في عهد محماد الفراع رئيس التعاضدية السابق. وقامت السلطة القضائية بمهمتها وإحالة الملف على السيد قاضي التحقيق، وبعد ذلك أحيل على غرفة الجنايات، وفي هذه المرحلة تقدمت التعاضدية بملتمس مفاده أنها تطالب بما قدره 117 مليار سنتيم، وتقول أنها اختلست في الفترة التي تولى فيها السيد محماد الفراع رئاسة التعاضدية، ولما بدأنا البحث في الملف لم نسطع وجود ولو درهم واحد ثبت أنه اختلس من التعاضدية، فمبلغ «117 مليار سنتيم» التي تهلل بها التعاضدية ليس لها ولو مبرر واحد قانوني يفيد أن هناك اختلاس من نوع ما.
لكن الملف تطرح حوله العديد من التساؤلات، مال ٍايك؟
المحكمة اعتمدت على تقرير أنجزته المفتشية العامة للمالية، وبالرجوع إلى هذا التقرير، فإنه لم يتكلم بتاتا على اختلاسات، إنه يتكلم عن بعض الاختلالات في التسيير، وبعض المساطر التي لا تحترم داخل التعاضدية وعن بعض الأمور الإدارية البسيطة، ولكن ليست هناك أموال ثبت أن أحد اختلسها من التعاضدية.
وكان بالود أن يقوم الرئيس الجديد بافتحاص ليطمئن له الجميع، بواسطة مكتب علني للدراسات وتدقيق الحسابات لتكون المرجعية الأساسية للقضاء وللدفاع ولعامة الناس، لأن مجموعة من المعتقلين لا علم لهم بالأسباب التي أدت إلى اعتقالهم، الآن العالم في تطور وهناك تقنيات جد متطورة، يجب على القضاء توظيفها من أجل الوصول إلى الحقيقة لأن عدد من الناس لا معرفة لهم بخبايا الأمور وفي هذا الصدد تأتي التعاضدية، وتعلن عن اختلاس رقم خيالي بدون إثبات، أكثر من ذلك المحكمة اعتبرت التعاضدية هي إدارة عمومية، لكن وجهة نظرنا تختلف عن وجهة نظر المحكمة، والسؤال المطروح هو: هل مال التعاضدية عام أم خاص؟، فالكل يعلم أن أموال التعاضدية مكونة من اشتراكات الموظفين، وحسب التقارير المتوفرة هناك 350 ألف موظف يساهمون في الاشتراكات، ويعتبر هؤلاء من الخواص، وهنا نتساءل كذلك هل أموال هؤلاء خاصة أم عامة.
وأكثر من ذلك، التعاضدية لا تشكل منفعة عامة ولا تتوفر على الظهير الذي يعطيها صفة المنفعة العامة، وهي ليست مصلحة ذات نفع عام، لأنها تستثني شريحة كبيرة من المجتمع المغربي وبالتالي هذه المعطيات تشكل قرينة قوية من أجل القول أن تلك الأموال هي للخواص.
في هذا الإطار الكثيرون يتحدثون عن غياب المحاكمة العادلة، ماذا عن ذلك؟
محكمة الجنايات الابتدائية وفرت جميع شروط المحاكمة العادلة، وأتحمل مسؤوليتي في هذا الكلام، فجميع الطلبات التي تقدمنا بها من أجل استدعاء الشهود والخبراء، والمحكمة استجابت وأعطت الوقت الكافي للدفاع من أجل طرح الأسئلة، وقد تم إحضار خبير في المعلوميات استمعت إليه المحكمة، وخبير في العقار واستمعت له المحكمة كذلك، وآخر في المحاسبة، إذن شروط المحاكمة العادلة كانت متوفرة.
لقد تم اطلاع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بقضايا العديد من المعتقلين ماذا كان رد فعله؟
كان بالود أن يحضر المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليس كمراقب، ولكن كمشاهد، ليتتبع مراحل المحاكمة، لأنه لاحظ أن الرئيس الحالي للتعاضدية يقوم بحملة شرسة على المستخدمين، بحيث اطلعت على ما كتبه هذا الرئيس بحيث يتمنى لكل المتابعين السجن المؤبد، فلأول مرة في حياتي المهنية أرى شخص يتمني لإنسان آخر أن يقضي حياته وراء القضبان، شخصيا أعتبر ذلك خارج المنطق الحضاري والإنساني وليس بتصور ينسجم مع دولة الحق والقانون، وهذا الرئيس هو عضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
هناك جهات اعتبرت قضية التعاضدية مؤشرا لمحاربة الفساد، ما رأيك؟
نتمنى لهذا الملف ألا يكون نموذج للقول أن المغرب يحارب الفساد، لأن المسؤولين الحاليين عن التعاضدية، إن كانوا فعلا يريدون محاربة الفساد فمن الضروري الرجوع إلى التقارير التي أنجزت في هذا الصدد، أكثر من ذلك هناك خبير في حساب جاء أمام المحكمة وصرح بكون ثمن جميع البنايات التي بنيت في عهد محماد الفراع مطابق للمبلغ الذي أدي عنها، وخبير في المعلوميات قال أمام المحكمة، إن النظام المعلوماتي الذي قامت به شركة وورمتيك ثمنه مناسب، ولهذا لا نريد أن يصبحوا المواطنين أكباش فداء بمبرر أننا نحارب الفساد. إضافة إلى أن المجلس الأعلى للحساب لم يصدر أي تقرير حول التعاضدية، وليس هناك تقرير بالنسبة للمفتشية العامة للمالية في هذا الصدد يقر بأن هناك اختلاسات داخل التعاضدية، إذن هذه الأجهزة لم تصدر أرقاما ولا تقارير تؤكد الاختلاسات التي تم الإعلان عنها، وهذه الأجهزة هي المعتمدة من طرف الدولة، فكيف لنا أن نأتي بأرقام، ومن أين نأتي بها، ونتمنى أن تنظر محكمة الاستئناف لهذا الملف بمنظور حضاري من خلال استعمال جميع الآليات المتوفرة للوصول إلى الحقيقة، بما في ذلك اعتماد مكتب للحسابات معترف به، فلا يمكن أخذ عقوبة وتعميمها على جميع المتهمين، لأن كل متهم يمكن أن يقترف فعل مستقل ويؤدي عنه ثمن مستقل، وهذا ما نسعى إليه لأن هذا هو القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.