بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    إسدال الستار على الدورة الحادية عشرة لمهرجان "فيزا فور ميوزيك"    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الإعلام البريطاني يعتبر قرار الجنائية الدولية في حق نتنياهو وغالانت "غير مسبوق"        ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        منظمة الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    الأرصاد: ارتفاع الحرارة إلى 33 درجة وهبات رياح تصل 85 كلم في الساعة    ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    قاضي التحقيق في طنجة يقرر ايداع 6 متهمين السجن على خلفية مقتل تلميذ قاصر    ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    إفريقيا تنتقد ضعف التمويل المناخي    الاحتفال بالذكرى السابعة والستين لانتفاضة قبائل ايت باعمران    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كوب 29: رصد 300 مليار دولار لمواجهة التحديات المناخية في العالم    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ عامة        انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بوعشرين: أصحاب "كلنا إسرائيليون" مطالبون بالتبرؤ من نتنياهو والاعتذار للمغاربة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام العالمي الجديد وشرعنة التدخل العسكري
نشر في العلم يوم 30 - 05 - 2011

في اليوم الأول من شهر يوليو 1798، بدأ الغزو الفرنسي لمصر بقيادة نابليون بونابرت الذي بادر بإنزال قواته ليلا على البر ثم سير جيشا إلى الإسكندرية. ووجه نابليون في اليوم ذاته نداء إلى الشعب المصري لمساندته لأنه جاء ليدافع عن حقوقه. وأصدرت قيادة قواته نداء إلى الشعب المصري تدعوه إلى التمسك بالهدوء والتعاون، وذكرت أن نابليون قد أعتنق الإسلام وأصبح صديق وحامي الإسلام. وطبقاً للدعاية الحربية الفرنسية أدعى أنه «صديق للسلطان العثماني» وأنه قدم إلى مصر «للاقتصاص من المماليك» لا غير، باعتبارهم أعداء السلطان، وأعداء الشعب المصري وقاهريه.
قبل الحملة الفرنسية على مصر، قدم شارل مجالون القنصل الفرنسي في القاهرة تقريره إلى حكومته في 9 فبراير 1798 يحرضها على ضرورة احتلال مصر، ويبين أهمية استيلاء بلاده على منتجات مصر وتجارتها وموقعها الاستراتيجي، ويعدد لها المزايا التي ينتظر أن تجنيها فرنسا من وراء ذلك.
وهذه رسالة نابليون بونابرت الذي دعاه بعض المؤرخين المسلمين الجنرال علي إلى شعب مصر:
«بسم الله الرحمن الرحيم، لا اله الا الله وحده ولا شريك له في ملكه... ايها المشايخ والأئمة...قولوا لأمتكم ان الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون وإثبات ذلك انهم قد نزلوا في روما الكبرى وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائماً يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون ان الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين، ومع ذلك فإن الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني..أدام الله ملكه...أدام الله إجلال السلطان العثماني أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية».
بعد ثلاث سنوات وفي عام 1801 رحل الفرنسيون منهزمين من مصر، واسدل الستار على محاولة جديدة لإحتلال أرض الكنانة.
هنا يجب التذكير أن مصر تعرضت لحملتين صليبيتين في عهد الدولة الأيوبية، وكانت الحملتان تقودهما فرنسا، أما الأولى فقد عرفت بالحملة الصليبية الخامسة، وكانت بقيادة جان دي برس. وأما الأخرى فقد عرفت بالحملة الصليبية السابعة، وكانت بقيادة الملك لويس التاسع ومنيت الحملتان بهزيمتين مدويتين عامي 1221 و 1250 وخرجت القوات الغازية من مصر.
التلويح بالتدخل العسكري
يوم الثلاثاء 24 مايو 2011 ذكرت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «تعهدا بالدفع من أجل الديمقراطية في العالم العربي، وهددا باللجوء إلى الحل العسكري كملاذ أخير ضد الأنظمة التي تقتل شعوبها».
وأضافت الصحيفة أن الزعيمين وضعا حجر الأساس لعلاقة أساسية جديدة بين بريطانيا والولايات المتحدة في مقال مشترك كتباه في صحيفة «ذي تايمز»، حذرا فيه الأنظمة الاستبدادية من حرمان مواطنيها من آمالهم بالعنف.
وكتب أوباما وكاميرون: «نحن لن نقف مكتوفي اليدين بينما تتحطم طموحات الشعوب وسط وابل من القنابل والرصاص ونيران القذائف. نحن مترددون في استخدام القوة، لكن حين تكون مصالحنا وقيمنا معا، فنحن نعلم أن من مسؤوليتنا التصرف». وأضافا: «سوف نقف إلى جانب أولئك الذين يريدون جلب النور إلى الظلام، وندعم من يسعى إلى الحرية بدلا من القمع، ونساعد من يضع اللبنات الأساسية للديمقراطية».
وكتب الرئيسان أنهما ملتزمان «بمواصلة مهمتنا» من خلال تدريب الجيش والشرطة الأفغانية، كما أكدا بقدر مماثل على أنهما يقومان بذلك من «أجل أن يعود جنودنا إلى الوطن».
كما أشارا إلى أن علاقة بريطانيا بالولايات المتحدة تستند إلى القيم بالإضافة إلى الاحتياجات الاستراتيجية وكتبا «نحن ننظر إلى العالم بنفس الطريقة، ونتقاسم كل الاهتمامات ونرى نفس الاحتمالات الاستراتيجية».
ويذكر أن كلا من كاميرون والرئيس اوباما والرئيس ساركوزي كتبوا في شهر ابريل 2011 مقالا مشتركا غير مسبوق في صحيفة «ذي تايمز» ألتزموا فيه بدعم العمل العسكري في ليبيا إلى أن تتم الإطاحة بالعقيد القذافي.
هناك جدل واسع حول الوضع القانوني لتهديدات واشنطن وباريس ولندن بالتدخل العسكري، خبراء قانون دوليون يرون أن الأمر مبرر، في حين يؤكد غيرهم أن الهدف هو فرض نظام عالمي جديد أو بالأحرى وضع استعماري حديث لا يختلف في نتيجته عما كان يحدث قبل قرون، وأنه يتم الأن استغلال تحولات أو حركات مسالمة أو مسلحة إنفصالية وغيرها في دول معينة للتدخل عبر ركوب شعارات براقة.
لقد شكل انهيار الاتحاد السوفييتي ونهاية الحرب الباردة محطة تحول حاسم في مسار العلاقات الدولية والقانون الدولي فبعد سيادة نظام دولي عكس موازين القوى السائد الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية وترجمته ضوابط في ميثاق الأمم المتحدة، جاءت التحولات المتسارعة لتمكن الولايات المتحدة من ترجمة القواعد القانونية بما يلاءم إرادتها.
وهكذا وجد العالم نفسه في مواجهة أفكار سياسية جديدة تتخذ من الشعارات البراقة والرنانة واجهة لها وتركب حركات التطور والتغييير لتحولها إلى فوضى وأداة تمزيق وتستخدم غطاء الشرعية والقانون الدولي وسيلة لتمرير الإجراءات العسكرية والتآمرية ضد الدول والشعوب والحركات الثورية التغييرية المناوئة للنظام العالمي الجديد والمصرة على حماية أمنها وإستقلالها من كافة أشكال الهيمنة والإستغلال الأجنبي.
الشرق الأوسط مفتاح الهيمنة
يذكر محللون أن الولايات المتحدة والأطراف الغربية التي تدور في فلكها وفي نطاق حملتها لحماية استمرارية النظام العالمي الجديد بقطبه الوحيد، متعجلة للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتد من أفغانستان حتى الساحل الأفريقي على المحيط الأطلسي بكل مقدراته من طاقة ومواد أولية لأنها تقدر أن ذلك هو الضمان الوحيد لمنع قوى أخرى من العمل على زعزعة هيمنتها.
يوم الاربعاء 25 مايو 2011 القى الرئيس الامريكي باراك اوباما خطابا امام البرلمان البريطاني بمجلسيه اللذين اجتمعا استثنائيا للمناسبة، ترافع فيه عن الحلف الامريكي الاوروبي نافيا ان يكون صعود الدول الناشئة يرمز الى «هبوط» نفوذ الغرب.
واذ اشار الى معدلات النمو الاستثنائية التي تسجلها «الصين والهند والبرازيل» شدد اوباما على انه «بات من العادة التساؤل عما اذا كان صعود هذه الدول سيترافق مع هبوط في النفوذ الامريكي والاوروبي في العالم». واضاف ان «الحجة تقول ان هذه الدول تمثل المستقبل وان دورنا القيادي انتهى. هذه حجة خاطئة».
وتابع «نحن لا نزال المحفز الاول للعمل على مستوى الكوكب».
واراد اوباما من خطابه هذا اعادة التاكيد على الروابط بين بلاده وحلفائها الاوروبيين، وذلك بعدما شهدت هذه العلاقة في النصف الاول من ولايته الرئاسية بعض الفتور ولا سيما بسبب خشية القارة العجوز من ان تكون الادارة الامريكية الحالية تضحي بمصالح الاوروبيين على مذبح النفوذ المتزايد للدول الناشئة ولا سيما لدول جنوب شرق آسيا.
وقبل خطابه امام البرلمان، اقر اوباما بان غارات حلف شمال الاطلسي على ليبيا «محدودة اصلا»، وأضاف «بمجرد استبعاد تدخل من القوات البرية، فان الغارات الجوية ستكون محدودة بطبيعة الحال».
وتابع «يستحيل ان نتصور مستقبل ليبيا مع بقاء القذافي في السلطة، عليه الرحيل».
ولإستكمال موقفه دعا اوباما الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الى التنحي «فورا» عن الحكم، ووجه نفس الانذار إلى الرئيس السوري.
على صعيد آخر، وصف اوباما عزم الفلسطينيين على التوجه الى الامم المتحدة للحصول على اعتراف بدولتهم على حدود 1967، ب»الخطأ». وقال «انا واثق بأنه من الخطأ ان يسعى الفلسطينيون للحصول على اعتراف بدولتهم امام الامم المتحدة بدل الجلوس الى طاولة الحوار مع الاسرائيليين».
محدودية الدور البريطاني
يشير الملاحظون إلى أن زيارة أوباما للندن تزامنت مع سعي بريطانيا لتحقيق التوازن بين القيود المالية والرغبة العارمة في استمرار نفوذها العالمي، وهو النفوذ الذي اكتسبته نتيجة تحالفها الاستراتيجي والعسكري مع الولايات المتحدة. وربما بسبب المناقشات والجدل في موسم الانتخابات في الولايات المتحدة بشأن تكلفة التصورات الأمريكية الخاصة بالقوة الخارجية، يتساءل البريطانيون عما إذا كانت دولتهم المدينة قادرة على الحفاظ على دورها الدولي الرئيس أم لا.
وقال نيك كيتشن، وهو أستاذ الشؤون الدولية في كلية لندن للاقتصاد: «لا تكمن المشكلة البريطانية في عدم وجود الطموح، ولكن لكي نكون صرحاء، تكمن في نفاد ما لدينا من أموال».
ومنذ أن فقدت بريطانيا مكانتها كقوة عظمى في النصف الأول من القرن العشرين، ظلت بصمتها العالمية ملحوظة كأمة بهذا الحجم، ولكن نتيجة لانحنائها للضغوط المالية، تقوم لندن بتقليص هذه البصمة، كما قامت بتقليص الخدمة العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية، علي سبيل المثال، والتي كانت يوما ما مثالا على القوة الناعمة عالميا لبريطانيا.
ومن الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة للتحالف الأمريكي، يقوم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالدفع في اتجاه تخفيضات صارمة في الإنفاق العسكري في خطوة يرى المنتقدون أنها قد تعرض دور بريطانيا للخطر كشريك على المدى الطويل في الخطوط الأمامية في الصراعات التي ستحدث في المستقبل.وتتضمن هذه الخطة إحالة حاملة الطائرات الوحيدة إلى التقاعد المبكر، وخفض 42.000 جندي وموظف من موظفي الدفاع المدني، فضلا عن تعليق أنشطة أسطولها من مقاتلات هارير، التي ظلت أحد النسور القوية في السماء لمدة 40 عاما.
وسوف تكون هذه الخطوات بمثابة اختبار جديد لحدود القوات البريطانية، والتي يعتقد البعض الآن أنها قد وصلت إلى أقصاها بالفعل في أفغانستان والحملة الجوية التي يقودها حلف شمال الأطلسي في ليبيا.
وفي وقت سابق من شهر مايو، أخبر رؤساء الجيش البريطاني والبحرية الملكية وسلاح الجو الملكي لجنة برلمانية هنا بأنه في مواجهة هذه التخفيضات المقترحة، لم يعد من الممكن أن يتوقعوا من بريطانيا الحفاظ على «الطيف الكامل» لقدراتها العسكرية. وثمة تساؤلات حول قدرة بريطانيا على أن تظل حليفا فعالا للولايات المتحدة كما كانت عليه في الماضي.
وقال نيك بيرنز، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق والأستاذ في جامعة هارفارد: «المسألة ليست مجرد هل لدينا شريك راغب في العمل في الشؤون العالمية أم لا، ولكن الأمر هو هل هو قادر على ذلك أم لا».
وقد تجلت حاجة الولايات المتحدة لحليف بريطاني قوي بوضوح في أفغانستان، لم يرسل أي حليف قوات أو يفقد قوات، إلى جانب الولايات المتحدة أكثر من بريطانيا.
وصرح الائتلاف الحكومي لكاميرون والذي مر على تكوينه عام، علنا بأنه يريد تجنب وجود علاقة «خانعة» مع الولايات المتحدة، في إشارة لاذعة لتوني بلير، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء البريطاني خلال سنوات الحرب العراقية، والتي وصف وقتها بأنه «كلب» الرئيس جورج دبليو بوش.
لكن من الناحية العملية، تظل العلاقة وطيدة، حيث يتشاور كاميرون وأوباما من خلال المكالمات الهاتفية مرتين شهريا. وفي إشارة إلى عمق الشراكة بين الدولتين، من اعلن الرجلان عن «مجلس أمن» مشترك جديد. فضلا عن ذلك يتم إجراء اتصالات رسمية رفيعة المستوى بين الدولتين لتقاسم المعلومات الاستخباراتية وتنسيق السياسات.
وقال كاميرون يوم الاثنين الماضي في حديث مع صحافيين من مؤسسات إعلامية أميركية مختلفة: «إنها ليست علاقة خاصة وحسب، بل ضرورية وحيوية».
وامتدح كاميرون أوباما واصفا إياه «بالشجاع والجاد» بسبب عمق تفكيره وسلوكه الجيد الذي يثير أحيانا الانتقادات في الولايات المتحدة.
لعبة نزع الشرعية
تشير مراكز تحليل دولية إلى أن العديد من الدول الغربية غدت تعطي لنفسها سلطات يمكن أن تستخدم ضدها لو طبق القانون الدولي في ظل توازن عالمي. فمن حين لآخر نجد واشنطن وجوقتها تقول أن النظام «الفلاني» فقد الشرعية وأن عليه أن يرحل. ولكن وهي عندما تطلب ذلك، هل تيقنت أن غالبية شعب هذه الدولة لا يريد حكامه أم أن المتظاهرين في الشوارع هم الذين يرفضون النظام وهؤلاء قد يشكلون أقلية. وكمثال يقول محللون «في اليمن عرض الرئيس إجراء انتخابات مبكرة أو استفتاء ولكن من تظاهروا في الشارع رفضوا».
ذكر استاذ ألماني في العلوم السياسية طلب عدم ذكر اسمه: لنفترض أننا نجهل الحجم الحقيقي للقوى السياسية في لبنان، هل كان من الممكن مثلا إذا خرج إلى الشارع في لبنان مئات الألاف من أنصار حركة 14 آذار أن يقول الغرب أن الشعب يريد اسقاط النظام ؟. وماذا سيكون موقف هذا الغرب إذا نزل إلى الشوارع مئات الالاف من أنصار حزب الله ؟. الأمر يحتاج إلى أساليب مختلفة لتقييم الأمور.
يوم الثلاثاء 24 مايو 2011 جاء في تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تعمل حكومة أوباما وحلفاؤها على إعادة تقييم الدعم العسكري والاقتصادي لليمن، في سعيها الدؤوب إلى إيجاد سبل لإجبار الرئيس علي عبد الله صالح على التنحي.
وحذر جون برينان، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، الرئيس اليمني في محادثة معه يوم الأحد 22 مايو، ان واشنطن ستضطر إلى التفكير في خطوات أخرى ممكنة.
وقال مسؤولون أمريكيون وعرب إن هناك اختيارا متاحا وهو نقل قضية اليمن إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفرض عقوبات غير محددة.
كريستوفر بوشيك المحلل في معهد «كارنيغي انداومنت» للسلام الدولي يبدي ثقة في قدرة واشنطن اسقاط الرئيس اليمني، ويقول في رسالة الكترونية ان «واشنطن لم ترسل بعد رسالة قوية واضحة الى النظام اليمني بان على صالح التنحي وانه يجب انهاء هذه الازمة السياسية. لا تزال القيادة الامريكية تملك القوة».
وتابع «تستطيع الولايات المتحدة والقوى الغربية والسعودية الضغط بشكل كبير على صالح ويجب على جميع اللاعبين الدوليين التحدث بصوت واحد فيما يخص اليمن».
واضاف «كلما استمر ذلك لفترة اطول، كلما تدهور الاوضاع وكلما اصبح اليمن أقل استقرارا». واوضح «اذا كان القلق الأساسي لدى البعض هو الأمن ومكافحة الارهاب وتنظيم القاعدة، يجب الا يتم ايهامنا بأن الحكومة اليمنية مهتمة بمكافحة الارهاب في الوقت الحالي».
ولكن على الرغم من دراستهم اتخاذ خطوات جديدة لحل الأزمة المتصاعدة في اليمن، التي دخلت شهرها الثالث، يعترف المسؤولون أنهم إذا ما قاموا بفرض أي فعل ضد الرئيس صالح من الممكن أن يؤدي هذا إلى مخاطر في هذه الدولة التي تحتل موقعا استراتيجيا. ويقول محللون إن الغرب في تعامله مع اليمن مثل من يسير على حد سكين، لأنه إذا شعر اليمنيون أن وحدة بلادهم مهددة فإن الكثير من الأمور ستتغير وستتبدل التحالفات.
قمة مجموعة الثماني
محدودية قدرة بريطانيا على لعب دور قيادي مع واشنطن في الحفاظ على استمرارية النظام العالمي الجديد تنطبق كذلك على باريس التي لم تنجح في جر ألمانيا إلى تبني نفس السياسات خاصة تجاه الأوضاع المضطربة في المنطقة العربية.
وقد سعت فرنسا دون نجاح كبير في ان تكون قمة دوفيل ما سمته «لحظة تأسيسية لشراكة طويلة الامد» بين الدول العربية الداعمة للديموقراطية ومجموعة الثماني (الولايات المتحدة، روسيا، اليابان، المانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، ايطاليا، كندا).
فقد اعلن الكرملين يوم الاربعاء 25 مايو في بيان ان روسيا لن تدع قمة دوفيل تناقش «ضغوطا او عقوبات» بحق الانظمة العربية المتهمة بقمع انتفاضاتها بعنف.
ودعت الرئاسة الروسية «الى عدم التحول الى هيئة تقترح ضغوطا وعقوبات». واضافت ان «روسيا ستواصل العمل على اقامة علاقات ثنائية مفيدة للطرفين مع الدول العربية التي تشهد صعوبات اقتصادية وسياسية واقتصادية وانسانية».
وكثفت موسكو انتقاداتها لموقف الدول الغربية التي تتهم بعض الانظمة العربية «بقمع حركات احتجاج شعبية تعبر عن تطلعات ديمقراطية».
بعد 24 ساعة من صدور بيان الكرملين وتسرب أخبار عن خلافات وراء الأبواب المسدودة في القمة، أكدت روسيا يوم الخميس 26 مايو ان فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة اتصلت بها على هامش القمة للقيام بوساطة ترمي الى ايجاد مخرج للنزاع في ليبيا.
واعلنت ناتاليا تيماكوفا المتحدثة باسم الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف امام صحافيين في دوفيل «لقد اثيرت دعوات الى روسيا للقيام بدور الوسيط من اجل تسوية الوضع في ليبيا».
كما اجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لقاء مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحدودي الذي طلب منه التوسط لوقف اطلاق النار، بحسب وزارة الخارجية الروسية.
الملاحظون يرون أن طلب الوساطة يعكس حالة من الاحباط من جانب كل من واشنطن وباريس ولندن وفي نفس الوقت مراوغة لكسب الوقت.
وافادت صحيفة الاندبندنت البريطانية ان النظام الليبي الذي يتعرض الى قصف بعض دول حلف الأطلسي منذ 19 مارس، اقترح مجددا وقف اطلاق النار تحت مراقبة الامم المتحدة.
وجاء في رسالة قالت الصحيفة انها حصلت على نسخة منها، ان نظام العقيد القذافي مستعد لفتح مفاوضات بلا شروط مع الثوار واعلان عفو ومناقشة دستور جديد.
من جانبه اعلن متحدث باسم مكتب رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو يوم الخميس 26 مايو ان الحكومة الاسبانية تسلمت رسالة من البغدادي المحمودي.
تقييد أوباما
يوم الخميس 26 مايو تبنى مجلس النواب الامريكي تعديلا لقانون ميزانية الدفاع يمنع ارسال قوات مسلحة إلى ليبيا. واقر النص بتأييد 416 صوتا في مقابل 5 وهو يمنع استخدام اموال «لنشر او تمركز او ابقاء عناصر من القوات المسلحة الامريكية او من شركات خاصة متعاقدة على الاراضي الليبية». ولا يجيز الاجراء وجود قوات امريكية على الاراضي الليبية الا في حالات انقاذ عناصر عسكريين أمريكيين «في خطر محدق».
وكان نواب امريكيون في الكونغرس قد تقدموا يوم الاربعاء 25 مايو بمشاريع قوانين تطعن في صلاحية الرئيس باراك اوباما في مواصلة العمليات العسكرية في ليبيا، بعد ان تم الجمعة 20 مايو تجاوز مهلة ال 60 يوما من دون اجازة برلمانية.
وقال النائب الجمهوري جاستن ايماش في جلسة استماع امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب حول الموضوع «اننا في حرب في ليبيا. فاما ان يجيز الكونغرس ضرباتنا على ليبيا او عليه ان يضع حدا لاستخدام القوة. لكن لا يستطيع الكونغرس ان يبقى مكتوفا فيما يتم تجاهل سلطاتنا الدستورية».
وقدم ايماش مشروع قانون يطالب بانهاء العمليات العسكرية في ليبيا «الا اذا اجاز نص قانوني عملا مماثلا بشكل خاص».
اما زميله الجمهوري كريس غيبسون وهو ضابط سابق خدم في العراق، فدافع عن مشروع قانون قدمه لاصلاح قانون 1973 «حول سلطات شن الحرب» المصمم للحد من القدرات الرئاسية على شن حروب.
وصرح برلمانيون آخرون أن تورط أمريكا بدأ بأسلوب في حرب العراق ولا يمكن تكرار الحطأ مرة أخرى.
وسبق ان تجاهل رؤساء سابقون «قانون سلطات الحرب» لسنة 1973 الذي يحد من قدرة رئيس البلاد على اعلان الحرب.
القرار جاء في وقت أكدت فيه مصادر متطابقة أن هناك عجزا في المعدات والإعتمادات المالية المتوفرة لكل من باريس ولندن لمواصلة الحرب في ليبيا.
عدم رضى
تذكر مصادر رصد أوروبية أن هناك مؤشرات متزايدة عن أن العديد من الأجهزة التي تتحكم في تحديد سياسة الولايات المتحدة، أخذت تشعر أن مخططاتها لركوب حركة التطور في المنطقة العربية لم تؤت الثمار التي كانت متوخاة وخاصة في مصر وتونس، ولهذا تقدم على خطوات يصفها البعض بالمتسرعة.
يوم الخميس 26 مايو 2011 اعلنت الولايات المتحدة تفهمها لحاجة تونس الى مزيد من الوقت لتنظيم اول انتخابات بعد سقوط الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وذلك بعد اعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن ارجاء الاستحقاق الانتخابي الى 16 اكتوبر، خلافا لرأي الحكومة التي ابقت على تاريخ اجراء الانتخابات في 24 يوليو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر «نتفهم التحديات التي يواجهها التونسيون، من خلال محاولة المضي قدما في اتجاه انتخابات ديموقراطية خلال مهلة زمنية قصيرة للغاية بعد نظام استبدادي عمر طويلا».
وكانت الحكومة الانتقالية قد اعلنت الثلاثاء انها «اوصت» بأن تتم الانتخابات في 24 يوليو واشارت الى أن مرسوم دعوة الناخبين في هذا التاريخ تم توقيعه من قبل الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع.
على نفس الوتر تلعب الادارة الأمريكية بالنسبة لإنتخابات مصر، ويتناقض هذا مع الدعوات الأمريكية السابقة عن ضرورة التحرك السريع للتحول. مصادر رصد أوروبية وآسيوية تحدثت خلال شهر مايو 2011 عن تسجيل حملة متصاعدة مساندة من طرف مصالح أمريكية لزعزعة الاستقرار في العديد الدول العربية ومنها حتى مصر وتونس، ملمحة إلى المشروع الأمريكي الخاص بتقسيم دول المنطقة على أسس عرقية ودينية ومناطقية إلى ما بين 54 و56 دولة.
وكانت وكالة «د ب أ» الألمانية قد كشفت يوم الأحد 24 أبريل 2011 عن أن الولايات المتحدة خصصت تمويلا كبيرا لنشاط الإنترنت في ما سمته «الدول الاستبدادية» لمساعدة النشطاء في تحقيق التغيير المأمول لبلدانهم.
كما ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ستنفق أكثر من 25 مليون دولار لتسهيل استخدام الانترنت على النشطاء.
ورفض مسؤولون من الخارجية الأمريكية تحديد المنظمات والدول المستحقة للدعم الأمريكي أو جداول زمنية. وتوقعت الصحيفة أن يتم الاستعانة بهذه الأموال في تطوير تقنيات يمكن للنشطاء استخدامها للتحايل على السيطرة الحكومية على الإنترنت.
وقال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوسنر للصحيفة : «إن بلاده «أنفقت المليارات على مدار عقود لتعزيز الديمقراطية، إلا أن الطريق الأفضل هو دعم نشطاء الديمقراطية وإمدادهم بالأدوات التي يحتاجونها لتكون لهم الغلبة. ويعني توفير اتصال دائم فيما بينهم عن طريق الإنترنت أن بإمكانهم التعبير عن نوع المستقبل الديمقراطي الذي يريدونه لمجتمعاتهم».
الأزمة
تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني في مصر وتونس ثم ليبيا واليمن وسوريا بسبب الاضطرابات التي رافقت حركة التحول أو عدم الاستقرار في هذه البلدان، أصبح سلاحا ذو حدين. فمن جهة يرى مخططون في الولايات المتحدة أنه أضعف القوى التي أرادت زعزعة أنظمة عربية أخرى وبالتالي أحبط جهود واشنطن لركوب حركة التحول لتحقيق أهدافها، ومن جانب آخر أصبحت الأزمة أداة في يد قوى معينة في مصر وتونس تقول أن الثورة لم تكتمل وأنه يجب مواصلتها حتى النهاية. وفي هذه الحالة يمكن تمرير جزء من عملية التفتيت التي تدعو إلى إقامة دولة قبطية في مصر. ولدى الأطراف الأخرى شكلت الأزمة الإقتصادية حجر عثرة أمام جهود الاصلاح.
يوم 25 مايو 2011 اعلن رئيس رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء المصري ابو بكر الجندي ان معدل البطالة ارتفع فى مصر بنسبة 3 في المائة خلال الربع الاول من العام الحالي ليصل الى حوالي 12 في المائة مقابل حوالي 9 في المائة خلال الربع الرابع للعام 2010.
ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط عن الجندي ان ارتفاع معدل البطالة «يرجع الى تباطؤ الانشطة الاقتصادية الذي صاحب وترتب على ثورة 25 يناير». وذكر الجندي ان «حجم قوة العمل في مصر بلغ
حوالي 26 مليون فرد فى الربع الاول للعام الحالي اي 33 فى المائة من إجمالي عدد السكان خلال الفترة نفسها».
وتشير كافة مؤشرات الاقتصاد المصري الذي كان يعتبر في نمو مضطرد حتى نهاية ديسمبر 2010، الى الاقتراب من مرحلة الخطر.
وقد سجل قطاع السياحة خسارة قدرها 2200 مليون دولار منذ يناير بينما كلفت المطالب الاجتماعية الموازنة العامة اكثر من 1000 مليون دولار.
وينتظر ان يراوح معدل نمو اقتصاد مصر، وهي البلد الاكبر من حيث عدد السكان في العالم العربية بحوالي 84 مليونا، بين 1 في المائة و2 في المائة في حين كانت التوقعات تشير ان نسبة نمو 6 في المائة.
ويوم 4 مايو 2011 توقع معهد التمويل الدولي للنمو، أن اقتصادات مصر واليمن وتونس وسوريا سوف تنزلق الى الركود في 2011 مع هبوط النشاط الاقتصادي بشكل حاد في اعقاب الانتفاضات.
ووفقا لتوقعات المعهد ستنكمش اقتصادات سوريا بنسبة 3.0 بالمئة ومصر بنسبة 2.5 بالمئة وتونس بنسبة 1.5 بالمئة في 2011.
ومعهد التمويل الدولي مجوعة مصرفية عالمية مقرها واشنطن تمثل اكثر من 430 بنكا ومؤسسة مالية في انحاء العالم.
ومن ناحية اخرى قال المعهد ان نمو الدول العربية المصدرة للنفط -التي نجت في معظمها من اضطرابات من المتوقع ان يتسارع بشكل حاد ليصل الي 11 بالمئة في 2011 والي 11.5 بالمئة العام القادم ارتفاعا من 0.9 بالمئة فقط في 2010. وتكهن ايضا بان اجمالي فوائض المعاملات الجارية الخارجية للدول الست الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي وهي البحرين والسعودية ودولة الامارات والكويت وسلطنة عمان وقطر من المتوقع ان تتضاعف الي اكثر من المثلين هذا العام لتصل الى حوالي 292 مليار دولار ارتفاعا من 128 مليار دولار وذلك بفضل زيادات في اسعار النفط العالمية.
ديون وشروط
ويشير ملاحظون أنه رغم الكلام البراق الذي صدر عن بعض الدول الغربية في قمة مجموعة الثمانية في فرنسا بشأن مساعدة الديمقراطيات العربية الحديثة اقتصاديا وماليا، فإن أي إجراء عملي جدي لم يتخذ.
وكانت مصر وتونس اللتان شهدتا موسما سياحيا كارثيا، قد حددتا حاجاتهما ب 10 الى 12 مليار دولار للقاهرة حتى منتصف 2012، و25 مليارا لتونس على مدى خمسة اعوام.
صندوق النقد الدولي أعلن يوم الخميس 26 مايو في مذكرة الى مجموعة الثماني انه يعتزم اقراض الدول العربية المستوردة للنفط في الشرق الاوسط وشمال افريقيا حتى 35 مليار دولار اذا طلبت حكومات المنطقة مساعدته.
وعملا بالقواعد المطبقة اثناء تقديم القروض في الفترة الاخيرة «فان مبلغا اجماليا من حوالى 35 مليار دولار قد يوضع في تصرف» هذه الدول، كما اعلنت المؤسسة في واشنطن.
ووفقا لحسابات صندوق النقد الدولي «فان حاجات التمويل الخارجية للدول المستوردة للنفط في المنطقة، في اطار السيناريو المركزي الحالي الذي لا يأخذ في الاعتبار الاصلاحات التي ستقوم بها الدول، ستتجاوز ال 160 مليار دولار بين 2011 و2013، والتي سياتي جزء مهم منها من صناديق مالية رسمية»، أي مؤسسات دولية كبيرة.
وكتب اقتصاديون «ان الاستقرار الاجتماعي والسياسي لن يتوفر الا اذا اوجدت المنطقة ما بين 50 الى 75 مليون فرصة عمل في العقد المقبل للذين سينضمون الى اليد العاملة النشيطة ولتقليص البطالة».
واضافوا «ان تغييرات تدريجية لن تؤدي الى مثل هذه النتيحة. ان زيادة كبيرة في وتيرة النمو الاقتصادي ضرورية الأمر الذي يدعو الى سياسات تدعم بيئة مشجعة للقطاع الخاص».
وصندوق النقد الذي يستعد ليبحث مع مصر في شروط تقديم قرض، وضع الخطوط الكبرى للاصلاحات التي يدعو اليها. ودعا الى سياسات اقتصادية توفر «الاستقرار» (في الموازنة والتضخم) «وبيئة اكثر انفتاحا وتشجيعا للقطاع الخاص» و»بناء مؤسسات فعالة».
هذه العروض هي عبارة عن قروض بفوائد وشروط وهو ما يعني أن الأطراف التي ستحصل عليها ستكون قد وضعت نفسها رهينة لهذه المؤسسات الدولية التي تطبق سياسات القوى الكبرى الغربية. وينطلق مسلسل الاستغلال والاستعمار المقنع من جديد في ظل الرأسمالية المتوحشة وتدمير القطاع العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.