تراجعت حدة الأحكام الصادرة في حق مجموعة من المسؤولين الأمنيين وغير الأمنيين الذين كانوا يمارسون أعمالهم في مدينة الحسيمة. تراجع حدة هذه الأحكام حينما انتقلت ملفاتهم إلى محكمة أعلى درجة في التقاضي يطرح علامات استفهام كثيرة. أولا لابد من الإشارة إلى أن مناقشة هذه القضية لاتعني بالضرورة الطعن في الجهة التي أصدرت الأحكام الأولى، بل القضية أعوص من ذلك بكثير، إنني أشير هنا إلى أجواء الضغط الكبيرة والقوية التي أحاطت بالقضية منذ اللحظة الأولى حيث انتشرت العناوين بالبنط العريض في صدر الصفحات الأولى من الجرائد الوطنية وتقدمت برامج في إذاعات خاصة، إن الجميع رضخ إلى ديكتاتورية اللحظة التي تم الإعلان فيها عن إلقاء عود الثقاب الأول في هشيم هذه القضية، ومن المؤكد فإن قضاء الدرجة الأولى تأثر من هذه الأجواء الضاغطة ورضخ لها ولا أعتقد أنه يملك غير ذلك. نحن في حاجة إلى قدرة فائقة جدا لفك طلاسم بعض القضايا بالغة التعقيد، وما يزيدها تعقيدا مع انعدام ثقتنا في الأحداث. إن الرأي العام يصر باستمرار على ربط هذه الأحداث بخلفيات معينة، وهذا ما وقع في ملف المسؤولين بالحسيمة، حيث لاح في الأفق أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات. الآن وقد خففت الأحكام، ولم تلق نفس الاهتمام فالخبر عند بعض الصحف هو إلقاء بمسؤول داخل الزنزانة بيد أن تبرئة هذا المسؤول ليس خبراً، لابد من أن تمثل هذه الواقعة درسا من دروس كيفية التعامل مع ما سيأتي من أحداث.