في الأيام القليلة الأخيرة انصب النقاش داخل الجمعية الوطنية بفرنسا على مشروع قانون متعلق بالهجرة وقد تم التصويت عليه بأغلبية نسبية، بعدما سحب من هذا المشروع في مارس الماضي، بضغط من برلمانيي الوسط البند المتعلق بتمديد فترة سحب الجنسية من المجنسين، وأبقي على التعديلين البارزين الواردين في هذا المشروع، هما تنظيم إقامة المهاجرين غير الشرعيين المصابين بأمراض خطيرة وترحيل أولئك الموضوعين قيد الاحتجاز. إقرار مثل هذه القوانين يجعلنا مترددين وغير مطمئنين على المغاربة المقيمين بالديار الفرنسية لشيء واحد هو أن قوانين الهجرة غير ثابتة ويمكن أن تتغير في أي لحظة من اللحظات، وقد تطال مجموعة من المغاربة الموجودين هناك، ولهذا فنحن مضطرون للاهتمام أكثر بقضايا المغاربة في بلدان الإقامة، على اعتبار أن الأمر لا يقف عند مسؤولية هذه الدول، بل الأمر يتعدى ذلك، ليشمل طبعا الدول المصدرة للهجرة ومن ضمنها المغرب. سوف لا أجزم أننا سنناقش في يوم من الأيام مصطلحات من قبيل «مغاربة الشتات» أو «المغاربة اللاجئين» أو غير ذلك، لأن المغرب في هذه الآونة بالذات بدأ يدشن مرحلة تأسيس صرح ديموقراطي يعم كل المجالات ومن ضمنها طبعا ملف المغاربة المقيمين خارج المغرب. قلت إن قوانين الهجرة بفرنسا متغيرة لأن هذه من القضايا التي واكبت السياسة الفرنسية منذ عقود من الزمن، وكانت تتخذ قرارات و تعطى اقتراحات بهذا الخصوص هذه القضايا وكمثال على ذلك، فمنذ أبريل 1984 قالت الناطقة الرسمية للحكومة جورجينا ديفوا إنه يجب تعبئة المسؤولين السياسيين والاقتصاديين الفرنسيين والأجانب حتى تتم إعادة دمج العمال المهاجرين في انسجام تام مع تنمية هذه الدول وتصبح بذلك عودة المهاجرين وسيلة من وسائل تنمية البلدان الأصلية. وفي نفس السنة، أحدثت الحكومة الاشتراكية الفرنسية بموجب القرار الوزاري مساعدة على اندماج المهاجرين خلال عودتهم إلى بلدانهم الأصلية. وبالنسبة للمغاربة فقد بلغ عدد المستفيدين منهم من هذه المساعدة حسب إحصائيات المكتب الوطني للهجرة في فرنسا 2044 شخص وذلك خلال المدة المتراوحة ما بين مارس 1984 وفاتح يوليوز 1985 وهذا ما كان يعادل آنذاك 17 بالمائة من مجموع المستفيدين خلال نفس الفترة ولو أن مسألة العودة النهائية للمهاجرين المغاربة شيء ليس مستحيل ولكن مستبعد لكن العودة كانت واردة في أي لحظة من اللحظات وفي هذا الصدد فقد أجري تحقيقان في المغرب حول مسألة العودة، الأول أجري سنة 1975 والثاني في سنة 1976، فالتحقيق الأول تم في إطار مشروع «ريمبلود» وخصص لدراسة انعكاسات الهجرة على البادية المغربية، وأما الثاني فقد تم إجراؤه في إطار مشروع مشترك بين المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي وجامعة الموبيك بمونريال وخصص لدراسة خصائص وآثار الهجرة المغربية في الوسط الحضري. قانون الهجرة الذي تم طرحه أخيرا أمام الجمعية الوطنية أو القوانين السابقة له تؤكد أن قضايا الهجرة بالنسبة لفرنسا من القضايا التي تخضع لموازين القوى السياسية في هذا البلد والتي تضع فرنسا حلولا مؤقتة لها لكن من الواجب التفكير في استراتيجية هذه القضايا.