شكلت المناظرة الثانية للصناعة التي انعقدت في الأسبوع الماضي بمدينة الدارالبيضاء والتي ترأس أشغال جلستها الافتتاحية جلالة الملك محمد السادس حدثا هاما بكل المقاييس. فقد تم توقيع سبع اتفاقيات لها أهميتها القانونية والإجرائية في حياة المقاولات الصغيرة والمتوسطة في ارتباط مع الميثاق الوطني للاقلاع الاقتصادي 2009 - 2015، كما تم التعرف على حصيلة تنفيذ 111 إجراء من الميثاق قدمها وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، علاوة على أن المناظرة أتاحت الفرصة للمستثمرين المغاربة والأجانب للمساهمة في مناقشات أهم القضايا المطروحة على المقاولات وعلى الدولة من خلال ثلاث جلسات ومحاور تتعلق بالاستثمار في المغرب ومناخ الأعمال وتنافسية المقاولات الصغيرة والمتوسطة. وتنبغي الإشارة إلى أن المناظرة شكلت (ترمومترا) لقياس وجهة نظر المقاولين والمستثمرين المغاربة والأجانب، فالمناظرة عرفت حضورا وازنا للمستثمرين الأجانب وكذا بعض المسؤولين من ضمنهم رئيس البنك الدولي والذين عبروا عن ثقتهم في المغرب خاصة أمام ما يعرفه العالم العربي من تحولات وخطاب جلالة الملك في 9 مارس الذي جاء لتأكيد قناعات أولئك المستثمرين بالاستثناء المغربي، الذي فتح الباب أمام الإصلاحات السياسية والدستورية. وبخصوص تطور مناخ الأعمال بالمغرب صرح السيد نزار بركة الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة لجريدة العلم بأنه ولغرض تحسين مناخ الأعمال بالمغرب تم إحداث اللجنة الوطنية لتحسين مناخ الأعمال بمرسوم ويترأسها السيد الوزير الأول وتتشكل بشكل مختلط بين القطاعين العام والخاص ولها صبغة تقريرية. ومنذ انطلاق عملها ركزت على أربعة محاور تتعلق بتبسيط المساطر الإدارية في مجال الاستثمار وبتطوير المنظومة القانونية و تأهيلها وحل النزاعات التجارية علاوة على التواصل حول الإصلاحات والإشكالات المطروحة على المقاولات. معتبرا أن الحصيلة كانت إيجابية بحيث تم حذف الحد الأدنى للرأسمال المطلوب في تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة وتم كذلك فتح إمكانية إحداث المقاولات بكيفية إلكترونية وتم وضع قانون خاص لتحديد آجال الأداءات التي تخص المقاولات الصغيرة والمتوسطة داخل آجال شهرين إلى ثلاثة أشهر إضافة إلى دعم الوساطة والتحكيم بتقوية قدرات مراكز الوساطة في المغرب. وأضاف السيد نزار بركة أن الحكومة وضعت موقعا إلكترونيا خاصا بمحاربة الرشوة بالنسبة للمقاولات وتم إحداثه في شهر نونبر الماضي وقد تم التوصل ب 600 ملف إلى حدود شهر مارس الماضي، من بينها 125 ملف يتم التحقيق فيه و 13 ملفا تم توجيههم إلى القضاء. كما أوضح السيد نزار بركة أنه سيتم إدراج بعدين أساسيين وهما الجهة الموسعة بإحداث لجان جهوية لتحسين مناخ الاعمال محليا وتحسين تنافسية جهات المملكة وإحداث فرص الشغل في الجهات وكذا فتح إمكانيات الولوج إلى العقار وتحسين مسلسل الترخيص للبناء. ومن جهة أخرى، وبخصوص حصيلة تنفيذ إجراءات الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي 2015/2009 الذي يهم المحاور الخمسة: المهن الدولية للمغرب والمحطات الصناعية المندمجة والتكوين ومناخ الأعمال وتنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة. وبالنسبة للأربع مهن الدولية للمغرب والتي هي ترحيل الخدمات وقطاع السيارات وقطاع الطيران والالكترونيك فإن المغرب - وذلك حسب الحصيلة التي قدمها السيد رضا الشامي وزير الصناعة والتجارة أمام جلالة الملك - قد نجح في بناء عرض تنافسي تم تسويقه وتمكن المغرب من الاستفادة من انتعاش الاقتصاد العالمي حيث ارتفعت الاستثمارات الإسبانية بنسبة 76 في المائة سنة 2010، كما ارتفعت الاستثمارات الفرنسية بنسبة 50 في المائة. وارتفعت صادرات قطاع السيارات ب 50 في المائة. وقطاع الطيران ب 36 في المائة وقطاع الالكترونيك 23 في المائة وتم تحقيق 15 ألف منصب شغل سنة 2010، في الوقت الذي تنتظر فيه سنة 2011 خلق 20 ألف منصب شغل. وسيستفيد قطاعي النسيج والصناعات الغذائية اللذين يشكلان ثلثي الضمانة المغربية من برامج إصلاحية بحيث أن رقم معاملاتهما ارتفع عند التصدير سنة 2010 ب 4 و5 في المائة. وقد تم تفويت 10 مناطق صناعية مندمجة للمنعشين المجهزين والتي تمثل 1500 هكتار من أصل 2000 هكتار المبرمجة في الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي. وستكون المنطقة الصناعية المندمجة للقنيطرة جاهزة ابتداء من شهر شتنبر 2011 وتم تسويق 50 هكتارا منها وهو ما يمثل 5 آلاف منصب شغل. وسينطلق العمل بصندوقين ماليين المنصوص عليهما في الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي (تم التوقيع على الاتفاقيتين أمام جلالة الملك) ب850 مليون درهم من أجل تحسين رأسملة المقاولات. ويذكر أن الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي الذي تم توقيعه سنة 2009 تساهم فيه 9 مرافق حكومية إضافة إلى المجموعة المهنية للبنوك بالمغرب والاتحاد العام لمقاولات المغرب ويتضمن 111 إجراء ويهدف في غضون سنة 2015 إلى الرفع من الناتج الداخلي الخام الصناعي بمقدار 50 مليار درهم وضخ حجم إضافي من الصادرات بقيمة 95 مليار درهم وإحداث 220 ألف منصب شغل.