يفتتح البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين يومه الجمعة الدورة الربيعية من السنة التشريعية الرابعة 2010-2011 بكلمة لكل من رئيسي مجلس البرلمان . وتتميز هذه الدورة بكونها تأتي في مرحلة مطبوعة بحراك سياسي ونقاش شعبي ساخن وحوار مفتوح وشامل حول مضامين الإصلاحات الدستورية والسياسية انطلاقا من إعلان جلالة الملك عن فتح ورش هذه الإصلاحات على أساس تعديل دستوري شامل في إطار المرتكزات السبعة التي تشكل دعامة أساسية لترسيخ المسار الديمقراطي بالبلاد في شموليته ومنظومة حقوق الإنسان وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وتخليق الحياة العامة. ولاشك أن فتح ورش الإصلاحات الدستورية والسياسية والإجراءات القانونية المواكبة وكذا التدابير التنظيمية والعملية الكفيلة بتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد بكل أشكاله وأنواعه ومكافحة سياسة الامتيازات واقتصاد الريع ومحاسبة المفسدين الذين ضيعوا على البلاد والمواطنين فرصة التنمية الشاملة، سينعكس على العمل البرلماني سواء على مستوى التشريع أو مراقبة العمل الحكومي خلال الدخول البرلماني الحالي ، حيث من المنتظر أن تكون الدورة ساخنة بالنظر للمواضيع التي ستتقدم بها الفرق النيابية كأسئلة شفهية ستتركز بالأساس حول قضايا الفساد والتدابير التي ستتخذها الحكومة لمحاربتها والإجراءات الواجب القيام بها كمحاسبة المفسدين واسترجاع أموال الدولة عندما ربط جلالة الملك في خطاب 9 مارس ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة . كما أن هذه الدورة ستكون ساخنة أيضا على مستوى التشريع من حيث ضرورة ترجمة مضامين الخطاب الملكي ليوم 9 مارس إلى قوانين ، بما فيها مراجعة قوانين الحريات العامة في أفق توسيع مجالها، ملاءمة القوانين الداخلية مع المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بهدف تقويتها ، إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالنقابات المهنية ، إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب إلى حيز الوجود بعد انتظار طويل دام 50 سنة منذ أول دستورعرفه المغرب سنة 1962 وما ترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية في ممجال مارسة الإضراب كحق ومتطلبات مبدأ السير العادي والمنتظم للمرفق العمومي ، إعادة النظر في القوانين الانتخابية لضمان انتخابات حرة ونزيهة كفيلة بفرز أغلبية نيابية متجانسة تنبثق عنها حكومة قوية ومنسجمة ومتضامنة،إعادة النظر في قانون الأحزاب السياسية بما يضمن التأهيل الحقيقي لهذه الهيئات وتحصين المشهد السياسي وتخليق الحياة السياسية ومحاربة ظاهرة الترحال السياسي وتقوية دور الأحزاب في التاطير والتنظيم والتمثيل بما يضمن إقرار نخب سياسية مواطنة تساهم في تدبير الشأن العام على الصعيد الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي ، إعادة النظر كليا في القانون المنظم للجهات انطلاقا من توجهات جلالة الملك الواردة في خطاب 9 مارس ، مراجعة القانون المتعلق بمجالس العمالات والأقاليم ، مراجعة القانون المتعلق باختصاصات العمال لسنة 1977، وذلك انسجاما مع مضامين الخطاب الملكي،إعادة النظر في القانون المتعلق برجال القضاء لسنة 1974 بما يضمن للسلطة القضائية استقلالها عن السلطة التنفيذية على الخصوص عندما يصبح القضاة تابعين للمجلس الأعلى للقضاء في كل ما يرتبط بترقيتهم وانتقالاتهم وغيرها من الأمور المرتبطة بمسار القضاة بدل وزارة العدل ، إعادة النظر في جميع القوانين المرتبطة بسياسة الامتيازات واقتصاد الريع ، بما فيها القانون المتعلق بنقل المسافرين ، القانون المتعلق بالمقالع ، القواننين المتعلقة بتوزيع الأراضي الفلاحية ، القوانين المتعلقة بالصيد البحري ، القوانين المتعلقة باستغلال المعادن والمناجم ، وذلك بهدف منع الرخص وتعويضها بدفاتر التحملات على أساس الشفافية وتكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة. وستكون هذه الدورة ساخنة كذلك بالنظر للنصوص التشريعية المعروضة على اللجان النيابية الدائمة المتبقية من الدورة التشريعية السابقة والمطلوب تصفيتها خلال هذه الدورة سواء تعلق الأمر بمشاريع القوانين التي تصل إلى 37 مشروع قانون: 17 منها لدى مجلس النواب ، 8 منها وافق عليها مجلس المستشارين ، و20 لدى هذا الأخير ، 12 منها وافق عليها مجلس النواب ، بالاضافة إلى أكثر من 100 مقترح قانون لازالت فوق رفوف اللجان البرلمانية الدائمة تنظر الدراسة والبث فيها حتى نضمن لأعضاء البرلمان حقهم الدستوري في ممارسة التشريع من خلال المبادرات التشريعية التي تقدموا بها بدل أن يظل البرلمان غرفة لتمرير مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة إذا ما علمنا أن الدورة التشريعية المنصرمة عرفت المصادقة على مقترح قانون واحد يرمي إلى إلغاء الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بمحاكم الجماعات والمقاطعات وتحديد اختصاصاتها . وستكون الدورة الربيعية ساخنة كذلك بالنظر لمشاريع القوانين التي من المنتظر أن تحيلها الحكومة على البرلمان بعد المصادقة عليها من طرف المجلس الوزاري . وستكون الدورة ساخنة أيضا بانخراط البرلمان في التوجهات الملكية الرامية إلى إعطاء الديمقراطية مدلولها الحقيقي من حيث تحسين الأداء البرلماني وتطويره حتى تكون المؤسسة التشريعية _ باعتبارها القلب النابض للديمقراطية - في مستوى تطلعات المواطنين وواجهة حقيقية للديمقراطية ومنبرا فعالا للتعبير عن إرادة الشعب المغربي والاهتمام بقضاياه وانشغالاته في مختلف المجالات ، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى والمتمثلة في الوحدة الترابية، التشغيل ، التعليم النافع ، التأمين الصحي ، السكن اللائق، العدالة ،الاجتماعية،التوازن المجالي ، تحسين مستوى معيشة المواطنين والمحافظة على قدرتهم الشرائية وغيرها من القضايا التي كانت ولازالت وستظل تستأثر باهتمام المواطنين. لقد أبانت اجتماعات اللجان النيابية الدائمة خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين حول وضعية بعض المؤسسات العمومية وشبه العمومية وشركات الدولة الخاصة وجود اختلالات خطيرة تتمثل في سوء التدبير والتسيير للشأن العام ، وما يتطلب ذلك من ضرورة إعادة النظر كليا في القوانين المنظمة لهذه المؤسسات وتشديد آليات الرقابة ومحاسبة كل من استغل السلطة والنفوذ في الإثراء غير المشروع. وكان من المفروض أن تشتغل اللجان النيابية الدائمة خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين لمناقشة النصوص التشريعية المحالة عليها والبث فيها حتى تكون جاهزة للمصادقة عليها على مستوى الجلسة العامة بمجرد افتتاح الدورة التشرييعة بدل أن يظل البرلمان في عطلة خلال هذه الفترة في أفق اعتماد نظام الدورة التشريعية الواحدة على غرار الدول الديمقراطية انطلاقا من الإصلاحات الدستورية المرتقبة . إن المؤسسة التشريعية مطالبة خلال هذه الدورة أن تكون في مستوى متطلبات المرحلة الراهنة بما يضمن مصالحتها مع المواطنين وتحظى بثقة الشعب والمصداقية الكفيلة بإرساء دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات .