يسدل الستار مساء يومه السبت بقاعة الفن السابع بالرباط، على أنشطة الدورة الخامسة لمهرجان "السينما و الإعاقة " التي انطلقت يوم الثلاثاء الماضي، و التي تدخل في إطار البرنامج التوعوي الذي تقوم به جمعية "أنديفيلم" المنظمة لهذا المهرجان، و قد نظمت هذه الدورة تحت شعار "الفن والثقافة كعوامل للإدماج " الذي وقع عليه الاختيار بهدف إثراء النقاش المتمحور حول إشكالية الإعاقة والمشاركة في إشعاع الاحتفالات باليوم الوطني للإعاقة. عرفت هذه الدورة دفعة جديدة في مجال الشراكة بين الجمعية و وزارة التنمية الاجتماعية للأسرة والتضامن، من خلال تنظيم 12 تظاهرة في مختلف جهات المغرب لإبراز أهمية استخدام الدعامة السمعية البصرية كأداة رئيسية في التحسيس. و بهدف تطوير النقاش حول موضوع الفن والثقافة كعوامل للإدماج، تمت برمجة يوم دراسي و ورشة بعنوان "خصوصيات إدارة الممثل في وضعية إعاقة"،مما أعطى قيمة مضافة للمداخلات التي تركزت على الأدوات و الاستراتيجيات لتيسير إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة، و ضمت هذه الورشة مؤطرين مغاربة و أجانب ، كما تضمنت عرض شريط وثائقي منتج من طرف جمعية »MOTs TUs « بعنوان "نظرة الآخرين" ، و هو شريط واكب و صور طيلة سنة كاملة، عمل فرقة » La scie à bulles « المكونة من أفراد بالغين لهم إعاقة ذهنية، و مكن من اكتشاف تجربة طريفة في إبداع عمل مسرحي مع ممثلين معوقين. توالت خلال الأيام الخمسة التي استغرقتها هذه الدورة عروض سينمائية حول المعوقين أو من إنجاز معوقين، من بينها الفيلم القصير الساخر و القوي " حياة قصيرة" لعادل الفاضيلي، و فيلم "قرب فراشك " لعبد السلام الكلاعي، و فيلم "التحدي" لعبد اللطيف حوجيب، و فيلم " العرائس" لمراد الخوضي، و فيلم "نظرة الآخرين" للمخرجين آني كواندر و سيرج فورتينا و فيلم "العجلات الحرة" للمخرج الإفواري سيديقي باكابا. و تميز حفل الافتتاح بحضور الشاب المعوق أحمد أمين نولي الذي قدم من مدينة تازة لتقديم شريطه بالرسوم المتحركة "الإرادة و الأمل" الغني بالمعاني و الدلالات، و الذي رسمه برجله اليسرى، و هو شاب طموح مسكون بشحنة قوية للتعبير عن ما يدور بداخله و ما يجري أمامه، لا يتكلم و لكنه يتكلم بإشارات من عينيه تفهمها أمه و تترجمها إلى الحاضرين، و كانت هذه المبادرة محطة قوية و مؤثرة في الحاضرين الذين أدمعت عيونهم تأثرا بالتحدي الذي يسكن العديد من أمثال المبدع أحمد أمين الحاملين للإعاقة ، و تأثروا أيضا بمعاناة و تضحيات والديهم و أوليائهم الذين يعملون ليل نهار على إسعادهم، و يحاولون أن يوفروا لهم كل ما يطلبونه، و أن يحققوا لهم أمنياتهم بالرغم من العوز و قلة الإمكانيات المعيشية. تميز حفل الافتتاح أيضا بحضور شاب معوق معروف بقوة ذكائه و وعيه و بمواهبه المتعددة و بقدراته العقلية في التحليل و التعبير باللغة العربية و الفرنسية و حبه للفن و الرياضة و براعته في كتابة الشعر، هو الشاب عمر كوسيح الذي ضمن الغلاف الخلفي لدليل هذا المهرجان بعض الأبيات الشعرية بالفرنسية التي اختار لها عنوان " أنا لست ما تعتقده أنت"، يقول فيها: (أنا لست كلبا تائها ولا ذئبا ، ربما هناك بيني و بينك فرق و لكنني لا أشعر به إطلاقا، ربما أنا معتوه بعض الشيء و ربما أحمق بعض الشيء، ربما لا يمكنني وحدي أن أقوم بأي شيء، و لا يمكنني أن أذهب في كل الاتجاهات، و لكنني أتأمل، أكتب، أفكر، يمكنني أن أحب، لدي مؤهلات، أنا معوق منذ الولادة و لا أرى الفرق بيني و بينك إطلاقا). شملت هذه الدورة كذلك عروضا موضوعاتية ومناقشات مع مهنيي السينما والمهتمين بمجال الإعاقة، و أمسية ترفيهية و تحسيسية للأطفال وأسرهم بشراكة مع فرع سلا للكشاف المغربي ومشاركة الحكواتي الفكاهي والموسيقى عبد الإله خطابي. ينظم هذا المهرجان الإنساني بمساعدة مجموعة من شركاء ساهموا في دعمه و استمراريته، من بينهم المركز السينمائي المغربي و وزارة التنمية الاجتماعية و الأسرة والتضامن و الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة الرباطسلا زعير زمور، و نيابة وزارة التربية الوطنية بسلا، و هو مهرجان متخصص في السينما و الإعاقة، و يناضل أصحابه من أجل قضية الأشخاص الحاملين للإعاقة، يقومون بذلك بدون بهرجة، و بإمكانيات مادية ضعيفة و خانقة تحد من طموحاتهم في تحقيق المزيد من الأهداف و الإشعاع على الصعيد الوطني و الدولي، و هو مهرجان صغير بإمكانياته، و لكنه كبير بجديته و صدقه و مصداقيته،هادف و إنساني بمضمونه و أنشطته، و هو بذلك أقوى من بعض المهرجانات التي يهتم أصحابها بالشكل أكثر من اهتمامهم بالمضمون، هي مهرجانات لا يهتم أصحابها سوى برسميات حفلي الافتتاح و الاختتام، و كم من مهرجان كان يمني النفس بالتطور غدا، و كم من غد ولى و ذهبت الأماني سدى.