ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدويل جديد للصراع في منطقة الشرق الأوسط الكبير
المحافظون الجدد يطلبون تدخلا أوسع
نشر في العلم يوم 21 - 03 - 2011

يوم الخميس 17 مارس شهدت العاصمة التونسية مظاهرات احتجاجا على زيارة وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لتونس. وأفادت مراسلة وكالة فرانس برس أنه في حين بقيت مجموعة من المتظاهرين، تطلق الهتافات المناهضة للولايات المتحدة في وسط العاصمة، سارت مجموعة اخرى ظهرا عبر المدينة وصولا الى مقر وزارة الخارجية البعيد نحو ثلاثة كيلومترات عن وسط العاصمة حيث كان من المقرر ان تجري كلينتون مباحثات مع نظيرها التونسي المولدي الكافي.
بيد انه تقرر في النهاية عقد اللقاء في مقر الحكومة، وليس في مقر وزارة الخارجية الذي شهد محيطه تعزيزات امنية.
ورفع المتظاهرون عند باب مقر الوزارة شعارات منها «لا وصاية امريكية على الاراضي العربية» و»كلينتون ارحلي» و»شعب واحد لا شعبين من مراكش للبحرين» و»الشعب يريد اسقاط الوصاية».
كما حمل المتظاهرون صورا لضحايا الحرب في العراق وقال احدهم ويدعى ابراهيم وهو طالب عمره 21 عاما «جئنا لنسمع صوتنا ونقول للولايات المتحدة لا نريد ديمقراطية على ظهر الدبابات ولا نريد مساعدات مشروطة».
واضاف «نحن الشعب لم نستشر الولايات المتحدة حين قمنا بالثورة لتحقيق الديمقراطية التي نريدها نحن، لا هم الامريكيون».
وقالت راضية النصراوي المحامية والناشطة الحقوقية إن «التونسيين قاموا بثورتهم بوسائلهم الخاصة وهم قادرون على بناء تونسهم الجديدة دون تدخل أي كان» من الخارج. وأضافت «نحن نرفض التدخل الامريكي في ليبيا. يجب ترك الليبيين يديرون ازمتهم بانفسهم حتى لا يكون هناك عراق ثان في العالم العربي».
كما أدان حزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي التونسي المعارض سابقا «التدخل» الغربي وخاصة الفرنسي في شؤون ليبيا، ودعا الشعب التونسي الى «التصدي لأي تعاون محتمل» مع الغرب «للعدوان» على سيادة ليبيا.
وذكر احمد الاينوبلي الامين العام للحزب في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه إن «التدخل الغربي وخاصة الفرنسي في شؤون ليبيا يعتبر عدوانا سافرا على ارادة الشعب الليبي وعلى المشاعر القومية في عموم الوطن العربي». وأكد ان هذا «التدخل يعتبر قفزا على حقيقة المشاعر الوطنية والقومية المتجذرة في وجدان شعوبنا التي لا يمكن الغاؤها تحت أي شعار».
ورفض الحزب «رفضا قطعيا» استغلال التراب والمياه والجو التونسي في «اي عدوان محتمل على ليبيا» داعيا الشعب التونسي «إلى التصدي لأي تعاون محتمل مع القوى الغربية الاستعمارية للعدوان على سيادة ليبيا ارضا وشعبا».
وذكر حقوقي آخر «الذين حملوا السلاح ضد القذافي كانوا على أبواب طرابلس وضجت وسائل الإعلام بأخبار عن أن ساعات النظام أصبحت محدودة، ولكن حكومة القذافي وبالجيش الذي هو من قلب الشعب استطاعت أن تحول الأحداث إلى صالحها رغم الدعم الخارجي لخصوم القذافي، وهذا يعني أنه إن كانت هناك معارضة قوية للزعيم الليبي فإن الدعم له كان أقوى، وهنا يجب وقف عملية الكيل بمكيالين»، ويضيف التدخل الغربي العسكري سيضيف مناصرين للقذافي».
وتقدر القوة الحالية للجيش الليبي وحده ب 119 الف جندي اضافة الى 45 الف جندي احتياط، ويضم 10 كتائب مدرعات، ولديه الفي مدرعة، وكتيبة مشاة محمولة وسبع كتائب سلاح جوي، ومئات الطائرات وغالبها قديم.
وعلى الرغم من وصف المحللين العسكريين معدات الجيش الليبي بالعتيقة والتي تعود الى الزمن السوفييتي إلا أن الجيش الليبي مسلح بأسلحة أحدث من عدد من المصادر الأخرى بينها فرنسا.
وحسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن القذافي نجا من الازمة الحالية لأنه احتفظ بولاء الجيش له على الرغم من انشقاق مجموعات من الجنود يقدر عددها بحوالي ستة الاف جندي وضابط، لكنهم لم يرو في معارك الثوار الا القليل منهم.
رفض للتدخل
الملاحظون الغربيون إعتبروا أن المظاهرات التونسية ضد كلينتون تعتبر مثالا لشعور عام يشمل المنطقة العربية الممتدة من بلاد الرافدين على البوابة الشرقية للأمة العربية وحتى السواحل الأفريقية على المحيط الأطلسي.
مصادر رصد ألمانية أفادت أن الوزيرة كلينتون فشلت خلال زيارتها لتونس في الحصول على مساندة حكومتها للعمليات العسكرية التي ستقوم بها القوى الغربية وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ضد ليبيا بعد أن صوت مجلس الأمن الدولي ليلة الخميس الجمعة بأغلبية 10 أصوات وإمتناع 5 على فرض منطقة حظر جوي على هذا البلد المغاربي. تونس رفضت كذلك فتح مطاراتها أو موانئها للقوات الغربية خلال عملياتها على الأراضي الليبية.
وكانت كلينتون وفي لهجة تحذير وبهدف الضغط قد قالت «أن تونس تدرك جيدا أنه اذا لم يرحل القذافي فانه سيعمل على الارجح على إثارة مشاكل عندكم وفي مصر وفي أي مكان هذا من طبعه».
كما أعلن المدير السياسي لوزارة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز ان القوات الليبية الموالية للقذافي باتت الخميس على بعد 160 كلم من بنغازي، وتواصل «التقدم» بفضل تفوقها العسكري. ومن جانبه حذر وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه من انه ليس هناك الكثير من الوقت للتدخل. حيث أن «المسألة قد تكون قضية ساعات»، وتسقط آخر معاقل المعارضة الليبية في قبضة القذافي.
قبل ذلك ويوم الأربعاء لحق نفس الفشل كلينتون حين حاولت إقناع ساسة القاهرة والمجلس العسكري الأعلى بركوب قطار مغامرة الحرب ضد ليبيا، حيث أكدت مصر أنها لن تشارك في أي تدخل عسكري في ليبيا وذلك مباشرة بعد إعلان هيلاري كلينتون إن مشاورات تجري بشأن مشاركة عربية.
وقالت منحة باخوم المتحدثة بإسم وزارة الخارجية المصرية لرويترز «مصر لن تكون من بين هذه الدول العربية. لن نشارك في أي تدخل عسكري».
تحذير
ويسجل المراقبون أنه تزامنا مع المظاهرات المناهضة للولايات المتحدة في تونس والتي ينتظر أن تتسع إقليميا مع بدء التدخل العسكري على أرض عربية، وتزامنا مع الرفض المصري التونسي للمطلب الأمريكي للمشاركة في الغزو، القى الوزير الأول التونسي الموقت الباجي قائد السبسي يوم الخميس 17 مارس كلمة بمناسبة احياء تونس يوم الاحد ذكرى استقلالها سنة 1956، حملت في طياتها الكثير من التحذيرات للأطراف المحلية والأجنبية التي تحاول ركوب حركة التحول في المنطقة لتخرجها عن مسارها الطبيعي وتحولها إلى أداة تدمير وشغب وتفرقة وصولا إلى تحقيق مخططات المحافظين الجدد حول الفوضى الخلاقة التي يريدون أن تقود إلى إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط الكبير ليضم 54 إلى 56 دويلة متنازعة فيما بينها.
الباجي قائد السبسي حذر من مخاطر «الانزلاق» عن ثوابت الدولة التونسية ومن محاولات «الركوب على الثورة».
وقال في كلمة افتتح بها ملتقى دوليا حول «التحول الديموقراطي في تونس» ان «الثورة لا تعني ضرورة الديموقراطية. فهناك مسالك عديدة ممكنة فأما أن نصل إلى الديموقراطية وهذا ما نريد ويجب أن نعمل من أجله وأما أن ننزلق». ورأى ان «دعاة الانزلاق موجودون ويعملون ولا بد أن ننتبه الى هذا الأمر».
وأكد ان ما حصل في تونس «ثورة تونسية خالصة لها خصوصياتها وكانت نتيجة تداعيات داخلية ترتبط باخلاقية السلطة وتجاوزات السلط». وأن «من خصوصيات هذه الثورة أنها ليست مؤطرة وليس لها زعامات»، مؤكدا أن «المسار الديموقراطي الذي نطمح اليه هو مسار يشارك فيه الشعب بكامله بلا اقصاء وله ضوابط وينبغي ان نسير فيه بمراحل وبخطى ثابتة».
واضاف «لا بد من الانتباه إلى المنزلقات والمخاطر المحدقة بمصير هذه الثورة نحن وظيفتنا أن لا نسمح بانزلاق الثورة أو بركوب الثورة».
وتابع إن هناك «خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها ناضل الشعب التونسي عشرات السنين من أجلها وأقام على أساسها «دولة تونسية عصرية» بعد الاستقلال عن فرنسا في 20 مارس 1956.
تردد ومعارضة في الحلف
رغم نجاح واشنطن وباريس ولندن في استصدار تخويل من مجلس الأمن الدولي للتدخل عسكريا في ليبيا، فإن هناك معارضة وترددا في آن واحد داخل منظمة حلف شمال الأطلسي التي يطارد بعض أطرافها شبح حرب مشابهة للحرب في أفغانستان والعراق. تركيا العضو في الحلف والتي تملك ثاني أكبر جيش في المنظومة العسكرية بعد الولايات المتحدة تعارض تماما أي تدخل عسكري في ليبيا،
كما أن ألمانيا لا تزال ترفض أي عمل عسكري غربي في الوطن العربي.
واوضح مسؤول عسكري في الحلف لوكالة فرانس برس ان «الولايات المتحدة تحاول استمالة برلين وانقرة. واضاف ان «الامريكيين يعتبرون أن فرض حظر جوي لا يفيد في شيء نظرا لتفوق قوات القذافي على المتمردين، والسبيل الوحيد هو ارسال قوات على الارض وهو ما لا يريدون القيام به وحدهم بسبب انشغالهم في العراق وافغانستان».
ويشار إلى أن موسكو التي تتعاون مع الحلف الأطلسي متيقظة أيضا لهذا الأمر، إذ قال مندوبها الدائم لدى الحلف ديمتري روغوزين «إن الأحداث الأخيرة تعطي ذريعة للحلف الأطلسي ليحاول الانغراس في هذه المنطقة بحجة انه يريد تأمين الوضع في افريقيا الشمالية».
ويشير خبراء عسكريون إلى ان القوات الأمريكية المتورطة في حربي أفغانستان والعراق حيث تحشد حوالي 250 الف جندي في البلدين والمناطق القريبة منهما وتنفق شهريا أزيد من 4000 مليون دولار معرضة لإستنزاف أكبر لو تدخلت بمفردها على المسرح الليبي ولهذا فهي تجر بريطانيا وفرنسا وتحاول إبتزاز أطراف أوروبية أخرى لعلها تقبل المشاركة في معركة غير محسوبة العواقب.
ويضع هؤلاء الخبراء عدة تصورات لما يمكن أن يحدث في ليبيا، ومن ضمنها الانتهاء إلى المصير الذي لحق بالصومال الذي إنهارت فيه الدولة وأصبح مفتتا يعيش حالة حرب أهلية دائمة منذ سنة 1991 رغم وفاة آخر رئيس له اللواء محمد سياد بري.
ويضيف هؤلاء أن ليبيا بلد شاسع الأرجاء غالبية أراضيه خفيفة من حيث الكثافة السكانية ولذا فهو ساحة مثالية لحرب عصابات ضد القوى الغازية، ويحتاج الغرب لتأمينها إمكانيات بشرية وعسكرية ومادية ربما تفوق ما خصص للحرب في أفغانستان والعراق.
الحل الوسط
المعارضون للتدخل العسكري وحتى المترددون يطرحون فكرة حل وسط، رغم أنهم يواجهون فورة تحمس فرنسية مدعومة أمريكيا للحسم العسكري
صحيفة «الغارديان» البريطانية ناقشت فكرة الوساطة التركية التي طرحها رئيس الوزراء طيب رجب اردوغان، وتقول أنها بمرور الايام تبدو جذابة. ونقلت عن مقال كتبه احمد داوود اوغلو وزير خارجية تركيا تأكيده على أهمية الحل الاقليمي، حيث تحدث تلميحا بأن تركيا يمكن ان تلعب دور الوسيط بين الثوار الذين اصبحوا الآن في وضع صعب وبين النظام، خاصة ان الثوار في وضع أما قبول الهزيمة او طلب المساعدة من المستعمرين السابقين. وعندما تتدخل امريكا حتى تحت مظلة الامم المتحدة سيحصل القذافي على ما يريد حيث سيحول معركته ضد المعتدين والمستعمرين الأجانب وسيجد غالبية تسمعه.
وقد أكدت تركيا، انه لا يمكن للحلف التدخل إلا في حال تعرض أحد اعضائه لهجوم. وقال رئيس الوزراء اردوغان ان «التدخلات العسكرية لا تؤدي الا إلى تعميق المشاكل». وكان اردوغان قد أعلن خلال زيارة إلى المانيا في نهاية فبراير أن «ليس للحلف الاطلسي ما يقوم به» في ليبيا، مضيفا أن تدخلا عسكريا للحلف «غير وارد» ولا معنى له.
ونقلت وكالة انباء الاناضول عن الرئيس التركي عبد الله غول قوله ان «التدخل العسكري المباشر لحلف شمال الاطلسي أمر غير وارد».
وفي «الغارديان» يقول الكاتب شيموس ميلين «إن تجارب الغرب في العراق تجعل التدخل العسكري باهظ الثمن، كما أن أي تدخل سيكون سكينا في قلب الثورة العربية التي ستحرم العرب من امتلاك ثورتهم ونهضتهم السياسية. وأضاف ان الجامعة العربية دعمت الحظر الجوي لكن من وقف وراء القرار كانوا حكاما يرغبون مرة اخرى بجر امريكا إلى مغامرة في العالم العربي من المفترض أن تقوي مراكزهم.
سوء تقدير
ذكرت مجلة «التايم» الأمريكية في تحليلها لسبب تراجع الثوار الليبيين مع أن المعركة لم تنته بعد، ان المعارضة ومعها الانظمة الغربية بدأوا يتساءلون عن الطريقة التي اساؤوا فيها فهم قوة النظام، خاصة انه كان في نظرهم لقمة سائغة بعد الأحداث في تونس ومصر.
ونقلت عن اكاديمي في العاصمة طرابلس قوله ان التقديرات الغربية بدت خرقاء فقد قامروا على أمور غير صحيحة وارتكبوا اخطاء حمقاء. وأكد الباحث أن أحد أهم اخطاء الغرب أنه قادة ونخبه عبروا عن سذاجة في فهم شبكة الولاءات القبلية المعقدة وهي التي ساعدت القذافي على البقاء في الحكم لمدة اربعة عقود.
وذكرت المجلة أن بعض التحالفات القبلية تعود الى فترة مقاومة الاستعمار الإيطالي ثم البريطاني، وأكد الباحث ان عددا كبيرا من القبائل حتى تلك الحانقة علي القذافي هرعت لتأييده بعد تحول التظاهرات الى عصيان مسلح. وأشار الباحث إلى ان القذافي عزز قوته من خلال تحشيدهم للدفاع عن ليبيا خاصة بعد ان تبنى الثوار علم المملكة الادريسية الذي يمثل للكثيرين عهد الفقر والاستغلال الاجنبي.
ومع ان الثوار يقولون انهم يقاتلون من اجل ليبيا موحدة الا ان القبائل التي سافرت مئات الاميال من أجل دعم القذافي قال افرادها انهم يقاتلون من اجل ليبيا البلد وليس القذافي.
ويذكر محللون أن الأطروحات التي يتم الترويج لها منذ مدة عن أن قبائل غرب ليبيا تنكر ارتباطاتها القومية بمنطقتها وتتطلع لإقامة نظام مستقل لم تكن مجهولة لليبيين ولهذا فإنهم يدركون أن الغرب عندما يتدخل يكون نظره موجها نحو التقسيم.
توصيات مراكز البحث الأمريكية
بينما تتفاعل على الساحة الغربية وخاصة الأمريكية التقديرات المتضاربة حول أخطار التدخل والمكاسب المتاحة، تطرح مراكز البحث الأمريكية التي يحدد عبرها المركب الصناعي العسكري خيارات سياسة البيت الأبيض سيناريوهات التعامل مع تطورات الوضع في ليبيا وأغلبها يدفع باستعجال خطوات ملموسة.
يوم 11 مارس جرت في واشنطن آخر المداولات كما ذكر مركز الدراسات العربية والأمريكية، وركزها في إطار سيناريوهين هما تقديم دعم غير عسكري إلى الثوار ومساعدة عسكرية محدودة من عديد الأطراف وهو ما سيساهم في تعزيز وضع الثوار.
و أعربت «مؤسسة هيريتيغ» (التراث) اليمينية عن عدم ارتياحها لسياسة الرئيس أوباما حيال ليبيا وطالبته بضرورة النظر في تقديم الأسلحة والذخائر، إلى جانب الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي.
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يمثل المؤسسة الفكرية للوبي الاسرائيلي، ركز جهده لمناقشة خيارات التدخل المتاحة، وقال في تحليل: «باختصار، فان نطاق العمل الممكن للولايات المتحدة اتخاذه إلى جانب تدابير دولية أخرى ليس محصورا في إنشاء منطقة حظر الطيران أو عمل لا شيء. فالمخاطرة بتدخل القوات العسكرية يتباين من خيار لآخر، كما وأن بعضها يستدعي وقتا أطول لتطبيقه. لكن بعض هذه الخيارات يمكن تنفيذها على وجه السرعة، والتي من شأنها أن تؤثر بشكل كبير في مجرى الصراع، ومن بعض الخيارات المقترحة والتي تنطوي على قدر ضئيل من المغامرة تلك التي تشمل مجالات التدريب وتزويد الطرف المعني بسلاح متطور مثل المدافع المضادة للطائرات وقذائف مضادة للدبابات لحرمان القذافي من تفوقه بالسلاح».
وبقى خيار التدخل الأجنبي موضع الاهتمام الأكبر، وتناولته مؤسسة «كارنيغي» حيث حذرت الولايات المتحدة من ضرورة التروي قبل الإقدام على التزام عسكري في ليبيا مفتوح الأجل. وأضاف تقرير نشرته بهذا الصدد أن «العالم اليوم يشهد بداية لحظة تاريخية عملاقة، والولايات المتحدة قد تشهد تغيرات كبرى في بلدان لها أهمية عالية في سياق المصالح القومية الأمريكية تفوق تلك التي في ليبيا»، وفي النهاية، يمضي التقرير الذي أعدته رئيسة المعهد «جيسيكا ماثيوز»، «ينبغي الأخذ بعين الاعتبار تداعيات التدخل العسكري التي لا يمكن التنبؤ بها والتي من شأنها أن تشكل سابقة في الإقليم بان الولايات المتحدة لن تستطيع الوفاء بتعهداتها».
كما تناول معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الانعكاسات السياسية على الولايات المتحدة نتيجة الأوضاع في ليبيا، وقال «مع الافتراض بأن القاعدة التي يعتمد عليها القذافي في مثلث طرابلس - سرت - سبها لن تنهار، فان استمرار الوضع العسكري على ما هو سيسهم في تقويض سلطة القوات المناهضة له في الجزء الغربي، مما قد يؤدي إلى سقوط الجيوب الثلاثة التي يسيطر عليها الثوار.
وأشار المعهد في تحليل إلى أن الخيارات المتداولة حاليا بفرض الحظر الجوي ومناطق خارج السيطرة من شأنها الحد بدرجة كبيرة من فعالية نظام القذافي، ولكن إن سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها لإنهاء الصراع بشكل حاسم من خلال تقديم الدعم للانقلاب على القذافي، ستصبح عمليا قوات مقاتلة مساهمة بالكامل لتوصيل الإمدادات للجيوب الغربية أو لتعزيز القوة المهاجمة للقوات المناهضة المتمركزة في غربي البلاد عبر تأمين الإمكانات الجوية الدولية أو القيام بشن هجمات جوية».
أما مجلس العلاقات الخارجية فقد أعرب عن رفضه لإنشاء منطقة حظر للطيران، قائلا: «لا يتوفر اتفاق بين الخبراء العسكريين أو الساسة المعنيين حول فاعلية منطقة الحظر الجوي. ويقول المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، ومقره لندن، إن إنشاء منطقة الحظر الجوي سيكون لها تأثير محدود في حال استخدام القذافي الطائرات العمودية لشن غارات على قوات الثوار.
وقال الباحث ميكاح زينكو في مجلس العلاقات الخارجية إن التحدي الحقيقي للمعارضين هو القصف الدائم من القوات البرية، مما يعني أن إنشاء منطقة حظر جوي سيكون له تأثير محدود ولن يترك أثرا في معرض حماية الضعفاء. فيما شدد رئيس المجلس، ريتشارد هاس، على أن إنشاء منطقة للحظر الجوي سيشكل «انحرافا باهظ الثمن للولايات المتحدة».
الخليج العربي
في الوقت الذي يضرب فيه الكثيرون أخماسا بأسداس بشأن التدخل العسكري الغربي في ليبيا، تتفاعل
إلى الغرب وعلى سواحل الخليج العربي معركة أخرى تمثل بدورها مثالا لجهود القوى الطامعة في ركوب حركات التطور والأصلاح وتحويلها إلى فوضى وشغب وتدمير.
البحرين دولة خليجية صغيرة في مساحتها، ولكن موقعها الإستراتيجي جعلها منذ قرون ساحة للصراع بين الأطراف الطامعة في المنطقة حيث أنها أحد المفاتيح للسيطرة على شبه الجزيرة العربية. خلال عهد الشاه رضا بهلوي الذي كان دركي الولايات المتحدة بمنطقة الخليج العربي طالبت طهران بضم جزيرة البحرين. وبعد اسقاط الشاه واصلت إيران الخميني تأكيد أطماعها في هذا البلد العربي ضمن مناطق أخرى.
حتى أن حسين شريعة مداري مستشار المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي والمشرف العام على مؤسسة كيهان الصحافية قال فيها ان «هناك حسابا منفصلا للبحرين بين دول مجلس التعاون في الخليج «الفارسي»، لأن البحرين جزء من الأراضي الإيرانية وقد انفصلت عن إيران أثر تسوية غير قانونية بين الشاه المعدوم وحكومتي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا».
عرفت البحرين منذ الثالث من فبراير الماضي تظاهرات قادتها أساسا أحزاب شيعية تنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي، ولكنها تحولت تدريجيا من عمل سلمي إلى مواجهات مع قوات الأمن، ومن الدعوة إلى الإصلاح انتقل الشارع إلى الدعوة إلى إسقاط النظام، وبدأ تخريب الاقتصاد، في حين أكدت مصادر خارج المنطقة أن دولا أجنبية من بينها إيران تتدخل في الشأن البحريني.
يوم الأثنين 14 مارس وبناء على طلب رسمي من حكومة المنامة أعلن الرياض دخول قوة من درع الجزيرة الى البحرين، مشيرة إلى أنه «تمت الدعوة مرارا للحوار من قبل الحكومة البحرينية ولم تتم الاستجابة للدعوة من طرف المعارضة».
تقاسم وتناغم
طهران ردت بعبارات قاسية على هذا الانتشار الذي وصفته بأنه «غير مقبول» و»سيبوء بالفشل»، واستدعت سفيرها في المنامة غداة قيام المنامة بخطوة مماثلة، وشنت حملة لدى المنظمات الدولية والعربية والاسلامية للمطالبة بالتضامن مع المعارضة وهددت العواصم المتضامنة مع المنامة بأسوأ مصير، في نفس الوقت هاجمت واشنطن موقف مجلس التعاون.
يوم 15 مارس قالت وزيرة الخارجية الأمريكية في مقابلة تلفزيونية إن البحرين وحلفاءها الخليجيين الذين أرسلوا قوات لمساعدتها في إخماد احتجاجات مناهضة للحكومة يتبعون مسارا خاطئا.
واضافت في مقابلة مع شبكة «سي.بي.إس» «نرى ما يحدث في البحرين مثيرا للقلق. نعتقد أنه لا توجد إجابة أمنية على تطلعات ومطالب المحتجين». ودعت البحرين للتفاوض من أجل حل سياسي مع المحتجين، ونسيت أن المحتجين رفضوا كل تفاوض وأصروا على أن الكلمة هي للشارع.
وتابعت في المقابلة «كما أوضحنا بشكل تام لشركائنا في الخليج الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الذين أرسل أربعة منهم قوات لدعم الحكومة البحرينية. إنهم يتبعون مسارا خاطئا».
يوم 16 مارس كتب المحلل اندرو كوين «كشف تطور أزمة البحرين عن خلاف دبلوماسي نتيجة تباين الحسابات الامريكية والسعودية بشأن ازمة قد يكون لها تأثير بعيد المدى على العلاقات بين البلدين. ورغم أن السعودية توفر 12 في المئة من واردات الولايات المتحدة من الخام، «تسير الادارة الامريكية على حبل مشدود، من ناحية تريد ان تتبنى هذا النوع من المطالب من أجل تغيير ومن ناحية اخرى لا تريد ان ينتهي بها المطاف على الجانب الآخر في مواجهة من أي نوع مع السعوديين».
وقال فريدريك ويري المحلل السياسي في راند كوربريشين «لا زالت الركائز القديمة للعلاقات قوية. «إذا ساءت الامور حقا في البحرين أعتقد أن الأمر قد يتطور سريعا لمشكلة كبرى بين الجانبين».
ويشير محللون إلى أن هناك سياسيون فاعلون في الرياض ودول خليجية آخرى يحذرون منذ سنوات وخاصة منذ افتضاح حجم التعاون الأمريكي الإيراني في العراق وأفغانستان، يحذرون من صفقة تقاسم مناطق النفوذ بين طهران وواشنطن على حساب دول الخليج العربي.
وذكر توبي جونز خبير الشؤون السعودية بجامعة «رتجرز» ان السعودية ربما تستعرض قوتها امام طهران وواشنطن لاظهار انها سوف تتحرك حين ترى خطرا يتهدد مصالحها. وأضاف «يعتقد السعوديون ان لديهم بعض النفوذ على الولايات المتحدة مما يمنحهم حرية أكبر. انها مقامرة».
والغت السعودية زيارتين كان من المقرر أن يقوم بها إلى الرياض خلال شهر مارس كل من وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس ووزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون، وذكر في واشنطن أن الالغاء كان بسبب الظروف الصحية للملك عبدالله، غير أن عددا من الملاحظين اعتبر ذلك مؤشرا على بداية أزمة.
ويوم 15 مارس اعرب الرئيس الامريكي في اتصالين هاتفيين اجراهما مع العاهلين السعودي والبحريني عن «قلقه الكبير» حيال اعمال العنف في البحرين، وفق ما اعلن المتحدث باسم البيت الابيض، ولكن مصادر رصد غربية تحدثت عن حديث عاصف خاصة بين الملك عبدالله وأوباما.
تداعيات إقليمية
يقول المحلل كريس بوسيك من معهد كارنيغي ان «نشر قوات سعودية واماراتية هو تصعيد يمكن ان يحول الازمة السياسية الى مواجهات ذات تداعيات اقليمية». واضاف «البعض يظن ان عرض القوة سيهدئ المتظاهرين بالنسبة لمطالباتهم بالاصلاح السياسي، الا ان ذلك لا يبدو مرجحا».
وحذر من ان التحرك الخليجي وخصوصا السعودي «سيؤجج مشاعر المتظاهرين بدلا من تعزيز موقع الاسرة الحاكمة» في البحرين. ويعتبر هذا التحليل مرآة للخط الدعائي الأمريكي.
من جهته، اعتبر مدير معهد بروكينغز في الدوحة سلمان شيخ ان «قرار دعوة قوات خليجية للبحرين يطرح اشكاليات جديدة ويوجد مخاطر جديدة لهذا البلد الذي لا تبدو فيه أي مؤشرات للتهدئة».
وذكر شيخ «نحن نسير نحو التصعيد بدلا من الحوار البناء» مشيرا الى ان الوضع في البحرين يحمل «خطرا حقيقا لانطلاق توترات جديدة بين دول الخليج وايران».
كما ان الخليجيين لا يخفون ابدا مخاوفهم الكبيرة إزاء صفقة أمريكية إيرانية على حسابهم تريح الغرب من تكتل عربي ولو كان فضفاضا بعد أن تم تدمير كل محاولاته للوحدة أو لبناء قوى إقليمية يمكن أن تشكل ندا لإسرائيل.
وقال سلمان شيخ «اعتقد ان هناك احتمال لعدوى اقليمية يمكن ان تصيب السعودية» حيث بدأت الاقلية الشيعية في المنطقة الشرقية القريبة من البحرين تتظاهر. وبحسب شيخ، فان دول مجلس التعاون ارادت عبر ارسال قوات الى البحرين ان «ترسم خطا احمر في الرمال».
خط أحمر لكل القوى التي تحاول ركوب حركات التحول.
مزيد من التدخل
رغم ضخامة حجم التدخل الأمريكي في المنطقة العربية وإستغلال واشنطن قنوات وأطراف عديدة للتلاعب بالحركات المطالبة بالتطور والإصلاح، توجد قوى داخل الولايات المتحدة خاصة في صفوف من يوصفون بصقور المحافظين الجدد تحث على مزيد من التدخل. أحد هؤلاء السفير الأمريكي السابق في كابل وبغداد بعد احتلالهما وهو خليل زاد.
زلماي خليل زاد سفير الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة، أفغاني الأصل من قبيلة البشتون ولد في مدينة مزار شريف في شمال أفغانستان، كان والده موظفا حكوميا. في عهد الرئيس الراهن جورج بوش شغل خليل زاد منصبا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الذي رأسته في ذلك الوقت كوندوليسا رايس وزيرة الخارجية السابقة، وتخصص السفير خليل زاده في شؤون منطقتي الخليج وآسيا الوسطى. تتلمذ خليل زاده سياسيا على يد نائب الرئيس رتشارد تشيني الذي كان وزيرا للدفاع أثناء عمل خليل زاد فيها.
هذا الرجل الذي تتهمه العديد من المنظمات الدولية بالمسؤولية عن جرائم حرب وضد الانسانية، انتقد الاستراتيجية الأمريكية المتبعة في التعامل مع الانتفاضات في الشرق الاوسط، والتي تعتمد على الوضع في كل دولة على حدة، معتبرا أن هذه المقاربة غير مناسبة للتحديات والفرص البازغة من الاضطراب السياسي في المنطقة.
وقال خليل زاد في مقال له نشرته يوم الأربعاء 16 مارس صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن الولايات المتحدة من خلال استراتيجية أوباما التي يتبعها في تعامله مع الانتفاضات الحاصلة في الشرق الأوسط، «بدل أن تشكل خطة إقليمية، ستتعامل مع المتظاهرين من أجل الديمقراطية والحرية في كل دولة وفقا لظروفها الخاصة».
ورأى أن دخول قوات سعودية إلى البحرين تشير إلى أن الإدارة الأمريكية تخسر تأثيرها على من يؤيدون القمع في الخليج، مضيفا أن الإدارة فشلت أيضا في تقديم الدعم الكافي لحركات المعارضة في الدول التي تحكم فيها أنظمة مناهضة لواشنطن وخصوصا ليبيا. وقال إن الولايات المتحدة أظهرت كذلك ميلا قليلا باتجاه استراتيجية دعم شاملة للمعارضة.
واشار إلى أن هذه الاستراتيجية الأمريكية التي تعتمد على التعامل مع كل بلد على حدة وفقا لوضعه الخاص، تحافظ على مرونة الولايات المتحدة وتعارض صورة أن الولايات المتحدة تتدخل في الشرق الأوسط، محافظة على ما كان وصفه أوباما بالطبيعة العضوية الكاملة للاضطرابات، لكن خليل زاد اعتبر أن لهذا التفكير علتين أساسيتين.
العلة الأولى تتمثل بأن هذه الاستراتيجية تجاهل الرابط بين السياسة الأمريكية في وضع معين والمحصلات في أماكن أخرى، معتبرا أن المقاربة الأمريكية لكل انتفاضة لها نتائجها في دول أخرى.
والعلة الثانية هي أن هذه الاستراتيجية تفاعلية، فهي تسمح بإدارة المستجدات العاجلة لكنها تقوض القدرة الأمريكية على رسم الأحداث بشكل استباقي حتى وإن كانت الأنظمة تراقب أفعال الولايات المتحدة وتتعلم الدروس، نحن بحاجة لاستراتيجية تسمح لنا بأخذ زمام المبادرة».
وقال «يمكننا اتباع خطوات متنوعة لإثارة الثورات الديمقراطية، بدءا بالدعوات للتغيير»، واضاف أن هذه الخطوات تشمل «تدريب ودعم قوات المعارضة داخليا وخارجيا، وتوجيه الضغط ضد مسؤولي الأنظمة، عن طريق العقوبات الموجهة والمحاكم الدولية»، وتمويل المتظاهرين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.