غالبا ما تنتهي المغامرات والهجرات غير الشرعية التي يشهدها بوغاز جبل طارق ، والتي يستعمل خلالها المهاجرون السريون القوارب الخشبية والزوارق المطاطية بوقوع مآسي إنسانية في وسط وعرض وسواحل البحر الأبيض المتوسط ، حيث يفقد العديد منهم أرواحهم بسبب انقلاب تلك المراكب ، نتيجة هيجان أمواج البحر أو بسبب المضايقات التي تطالهم من طرف مراكب خفر السواحل التابعة للحرس المدني الاسباني ، التي تتعمد أحيانا القيام بمطاردات وملاحقات هوجاء رغبة في انقلاب تلك القوارب التي تحمل المهاجرين، وترفض بعد ذلك مساعدتهم على النجاة وإنقاذهم من الغرق. وبعدما تصل جثثهم إلى السواحل الجنوبية لإسبانيا ، يتم انتشالهم ونقلهم إلى المستشفيات التابعة للصليب الأحمر، قصد القيام بإجراءات الدفن، حيث لا تحترم السلطات الاسبانية معتقدات وديانات هؤلاء الموتى خاصة المنحدرين من المغرب أو من البلدان المغاربية أو من الدول الإفريقية الإسلامية، حيث لا يتم دفنهم وفق قواعد الدين الإسلامي ، خصوصا إذا علمنا أن هذه الإمكانية متوفرة في كل المدن الأندلسية ، التي تتواجد بها جالية مسلمة مهمة، كما تتوفر على مساجد تمارس فيها طقوسها التعبدية بطريقة يومية عادية و يؤطرها فقهاء وعلماء- بل على أساس أنهم أشخاص مجهولون وبدون هوية ، و يوضعون في صناديق خشبية (نعوش) تحمل شعار الصليب الذي يرمز إلى الديانة المسيحية، وهو سلوك متناقض مع القيم الكونية والمواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان، ومستفز للمعتنقين للدين الإسلامي، واعتداء شنيع على حقوق الموتى كما هو متعارف عليه في الواقع الديني الإنساني خصوصا إذا كانت إمكانية تحديد هوية الموتى متاحة . ونظرا كذلك لكون إسبانيا تحصل على مساعدات مالية مهمة من مجلس الاتحاد الأوروبي في سبيل القيام بدور تقديم المساعدات للمهاجرين الذين يصلون إلى شبه الجزيرة الإيبيرية بطريقة غير قانونية ، وهو ما يتطلب من حكومة ثباتيرو تخصيص قسط من هذه المساعدات في تدبير عمليات دفن موتى المسلمين بالنمط الذي ينسجم مع أحكام الشريعة الإسلامية ، ويحفظ كرامة وحقوق الضحايا الذين تضطرهم ظروف الفقر والحرمان إلى التضحية بأرواحهم في سبيل الهروب من واقعهم المر والأليم ، وهو ما يفرض تقدير الأهوال والتعامل مع الموضوع من خلال استحضار البعد الإنساني، و تخصيص مقابر للمسلمين مثل ما هو معمول به في المغرب وفي عدد من البلدان العربية والإسلامية ، بالنسبة للمسيحيين واليهود ، أو التكفل بنفقات نقلهم ودفنهم ببلدانهم الأصلية.