قرر وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية التونسية المؤقتة ، فرحات الراجحي، تجميد نشاط الحزب الحاكم سابقا (التجمع الدستوري الديمقراطي)، وغلق جميع مكاتبه تمهيدا لحله. وجاء في بيان لوزارة الداخلية أنه تقرر تعليق نشاط الحزب «وكل اجتماع أو تجمع لأعضائه وغلق جميع المحلات التي يملكها أو التي يتصرف فيها ، وذلك في انتظار التقدم بطلب في حله لدى السلطة القضائية ذات النظر». وبرر البيان قرار تعليق نشاط الحزب، الذي فاق عدد منتسبيه مليونين خلال عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي من أصل عشرة ملايين نسمة هم عدد سكان تونس، بأنه اتخذ «للضرورة القصوى، ولمنع انهيار الأمن العام وحماية المصالح العليا للبلاد». كما يأتي القرار على خلفية أعمال العنف وتزايد المظاهرات التي تطالب بحل هذا الحزب، وتتهمه بالوقوف وراء أعمال الشغب والتوتر الأمني الذي تشهده البلاد منذ فرار بن علي إلى السعودية في الرابع عشر من الشهر الماضي. وبهذا القرار، يجد« التجمع الدستوري الديمقراطي» نفسه في وضع صعب، حيث لم تفلح التنازلات، التي قدمها خلال الفترة الماضية، وأهمها حل مكتبه السياسي، في امتصاص غضب الشارع والحد من عاصفة الاحتجاجات المطالبة بحله نهائيا. يشار إلى أن هذا الحزب الذي هيمن على الحياة السياسية في تونس لعقود، ترجع جذوره إلى أول حزب وطني تونسي، أي« الحزب الحر الدستوري» الذي أسسه عبد العزيز الثعالبي في مارس 1920. وفي عام 1934 ، حصل انشقاق في الحزب قاده الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وعدد من رفاقه، ليبرز حزب ثان هو« الحزب الدستوري الجديد». وبمرور الوقت أصبح« الحزب الدستوري الجديد» أبرز الأحزاب السياسية الوطنية في البلاد، حيث انخرط في مرحلة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، ليقود بذلك البلاد إلى الاستقلال عام 1956. و تمكن الحزب من الهيمنة على الحياة السياسية باسم الشرعية النضالية، حيث أعلن عام 1957 النظام الجمهوري، إلى جانب سن العديد من القوانين الهامة منها قانون الأحوال الشخصية. وفي سنة 1964 وجد الحزب نفسه مضطرا لتغيير اسمه ، ليصبح« الحزب الاشتراكي الدستوري». واحتفظ بهذا الاسم رغم الإطاحة برئيسه الحبيب بورقيبة بانقلاب أبيض قاده بن علي في السابع من نونبر 1987. وبعد عام من هذا الانقلاب، عمد بن علي إلى تغيير اسم الحزب، ليصبح في السابع والعشرين من فبراير 1988 «التجمع الدستوري الديمقراطي».