اختلف تعاطي المعارضة الرسمية والشعبية في مصر مع دعوة الحوار التي وجهتها الحكومة المصرية لإنهاء الاحتجاجات الضخمة المستمرة منذ نحو أسبوعين، ففيما تصر قيادات الشباب، الذين نظموا حركة الاحتجاجات، على تغييرات جوهرية في النظام ، في مقدمتها تنحي الرئيس حسني مبارك، وافقت بعض القوى على الحوار، وقدمت أخرى شروطا قبل البدء فيه. وبعد أن كانت أحزاب، ، وصفت بالرسمية، لم تتضح هوياتها وشخصيات قد بدأت حوارات مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان لم تعرف نتائجها ولا تفصيلاتها، أعلنت «جماعة الإخوان المسلمين» أنها ستدخل في هذه الحوارات، متراجعة عن موقف سابق بهذا الخصوص. وقدمت الجماعة -التي من المفترض أن يكون ممثلوها قد التقوا مع سليمان - تأكيدات بأن قائمة مطالبها التي تتضمن تنحي الرئيس مبارك لم تتغير. وأكد محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة، أن قرار التحاور مع الحكومة جاء بعد استجابتها لعدة شروط ، مو ضحا «لقد اشترطنا وقف العدوان على الشعب المصري الكريم فأوقفوه، كما اشترطنا محاكمة ومعاقبة كل من تسبب في الأذى للشعب المصري طوال ال30 عاما ، وبدأوا في الاستجابة لذلك». وعما إذا كانت الجماعة قد تراجعت عن مطلبها بتنحي الرئيس حسني مبارك، قال عزت «لم نتخل عن هذا المطلب، وما زلنا نطالب بتنحيه». لكن وكالة رويترز نقلت عن القيادي في الجماعة ، محمد مرسي، أنه «لا يوجد إلى الآن اتفاق بين أحزاب المعارضة المختلفة على سيناريو واحد». وذكر أن الجماعة تقترح أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية صلاحيات رئيس الجمهورية وفقا لما يقضي به الدستور «لأن البرلمان علق فعليا منذ اندلاع الاضطرابات في مصر». وأشار مرسي إلى أن رئيس المحكمة الدستورية سيدعو عندئذ إلى انتخابات برلمانية، حيث يمكن للبرلمان المنتخب أن يدخل التعديلات الضرورية على بنود الدستور لإجراء انتخابات رئاسية عادلة ونزيهة. وأضاف أن «معظم بنود الدستور تتعلق بالرئيس، والرئيس يجب أن يرحل، لذلك نحاول إيجاد مخرج دستوري إذا لم يعد الرئيس موجودا في منصبه». وكان التلفزيون الحكومي قد قال إن سليمان بدأ اجتماعات مع شخصيات مستقلة ومن المعارضة، لبحث الخيارات التي تركز على «كيفية ضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ظل التقيد بالدستور». ولم يذكر التلفزيون أسماء تلك الجماعات. في ذات الوقت , تحدث صحفيون عن تشكيل قيادة موحدة تمثل الشبان الذين قادوا ما بات يوصف ب»ثورة ال25 من يناير». وأوضحوا أن المتظاهرين شكلوا لجنة من عشرة أعضاء تمثل قوى شبابية وسياسية مختلفة، تدعمها لجنة من 20 شخصية من كتاب ومفكرين وسياسيين ونشطاء مجتمع مدني، من ضمنهم المستشار طارق البشري، نائب رئيس مجلس الدولة السابق، والناصري حمدين صباحي، والإخواني محمد البلتاجي. ولم يتضح بعد ما إن كانت هذه القيادة ستتولى الحوار مع نائب الرئيس. وكانت لجنة أطلقت على نفسها اسم «لجنة الحكماء» ، قد تولت الحوار مع الحكومة، واقترحت نقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه عمر سليمان كمخرج من الأزمة، لكن عددا من الشباب المنظمين احتجاجات ال25 من يناير نفوا الأنباء التي ترددت عن توصلهم لاتفاق مع هذه اللجنة حول مقترحها. واعتبر شريف منصور -أحد هؤلاء الشباب- أن ما جاء في بيان الحكماء محاولة للالتفاف على مطالب الثورة التي عبرت عن رأي وضمير الشعب المصري. أما الناشط أحمد القصاص ، فقد أكد أن القبول بمبدأ تفويض مبارك صلاحياته لعمر سليمان، يعني بقاء مبارك في منصبه، وهو الأمر الذي يتعارض مع أول أهداف «الثورة»، مشددا على أن من يعطي التفويض من حقه أن يسحبه في أي وقت، وبالتالي تعود الصلاحيات كلها بيده. وعبر القصاص عن احترامه لأعضاء لجنة الحكماء، لكنه شدد في ذات الوقت على أن أي حزب أو تيار سياسي وافق على التفاوض مع السلطة قبل تنحي مبارك ، فهو «لا يمثل ثورة التغيير». ومن بين الأشخاص الذين تضمهم لجنة الحكماء ، فهمي هويدي، وعمرو موسى، ويحيى الجمل، وأحمد كمال أبو المجد ، وبهاء طاهر، وسلامة أحمد سلامة. وقال ضياء رشوان، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وعضو «لجنة الحكماء» لرويترز، إن جميع فصائل وقوى المعارضة، بما في ذلك جماعة الإخوان، دعيت لإجراء محادثات ، لكنها اختلفت بشأن بعض القضايا، «بينما لم يكن بعضها مستعدا لبقاء الرئيس حسني مبارك حتى لو كان بقاؤه بشكل رمزي». وأشار إلى أن حركة الشباب لا تقبل وجود مبارك بأي صورة أو شكل، وأضاف قائلا إن لجنة الحكماء تحاول إقناعهم بقبوله والتوصل إلى حل وسط. يذكر في هذا الصدد أن جماعات المعارضة الرئيسية تتألف من« الإخوان المسلمين»، و«الجمعية الوطنية للتغيير» التي يرأسها محمد البرادعي ; و«حركة كفاية»، و«حزب الوفد اللبرالي»، و«حزب التجمع اليساري», فيما تمثل «حركة 6 أبريل» الشباب. أما المعارض المصري، محمد البرادعي ، فقد أكد إن الوسيلة الوحيدة لنزع فتيل الأزمة السياسية هي تنحي مبارك بسرعة وتشكيل حكومة انتقالية ملائمة. وقال إذا بقي مبارك «فسيجعل ذلك الشعب أكثر غضبا وسيصبح الناس أكثر إصرارا على مواصلة مظاهراتهم». واقترح تشكيل مجلس رئاسي مؤلف من ثلاثة أشخاص, بينهم شخص واحد من القوات المسلحة, واثنان من المدنيين, مع حكومة انتقالية ملائمة.