عادت أول أمس الاثنين المسيرات الاحتجاجية لتؤثث ساحات و شوارع العاصمة تونس مباشرة بعد إعلان الوزير الأول محمد الغنوشي ، عن قائمة حكومة الوحدة الوطنية التي ستقود المرحلة الانتقالية إلى غاية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتعالت شعارات تندد بتشكيلة الحكومة الجديدة و بإقصاء العديد من التيارات المعارضة من المشاركة في الائتلاف الوطني الهش القائم حول نواة صلبة يمثلها مسؤولون بارزون من عهد الرئيس المخلوع . وتزامنت الحركة الاحتجاجية التي همت على وجه الخصوص العاصمة تونس وحاصرت مجددا مبنى وزارة الداخلية مع تسجيل نقص حاد في المواد الاستهلاكية الأساسية كالحليب و السكر و الخبز و إغلاق المحلات التجدارية لليوم الخامس على التوالي ، لأبوابها مع تسجيل ارتفاع مهول في سعر الخبز نتيجة عدم كفاية العرض . وتمسكت أحزاب وفعاليات مدنية تونسية بمطالبها باستبعاد حزب التجمع الدستوري الحاكم وحل البرلمان الحالي وكامل المؤسسات المنبثقة عن نظام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقال رئيس حزب العمال التونسي المحظور حمّة الهمامي أن حزبه ''لا يعترف بحكومة تمثل التفافا حقيقيا على مكاسب ومنجزات الثورة الشعبية ضد نظام بن علي''، مشيرا إلى أن حزبه ''يرفض التعامل مع من شاركوا في مسار الجرائم ضد التونسيين''. ويتقاطع هذا الموقف مع موقف رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية منصف المرزوقي المنفي في باريس، والذي ينتظر أن يحل بتونس للتقدم الى سباق الرئاسيات المنتظرة . وقال المرزوقي إنه ''لا يثق مطلقا في إمكانية أن تقود رموز الدكتاتورية كالغنوشي والمبزّع انتقالا سلميا للديمقراطية''، معتبرا أن''وجودهم في السلطة سيتيح لقوى ما وراء الستار الالتفاف على الثورة الشعبية''. كما أعلنت سهام بن سدرين التي تقود تكتلا للمنظمات المدنية في تونس عن رفضها الحوار مع الغنوشي والمبزع، ودعت إلى حل كامل المؤسسات وتشكيل مجلس تأسيسي يعيد صياغة الدستور من جديد. وقال خليل الزاوية المتحدث باسم الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ''إن هؤلاء لا يجب أن يكون لهم أي مهمة في المرحلة الحالية على الأقل احتراما لدماء شهداء الديمقراطية' على حد تعبيرها . ميدانيا ما زال غياب وعدم استتباب الأمن يرهن مساعي التهدئة ، حيث ما زالت مليشيات مسلحة وأجزاء من قوات الأمن المحسوبة على النظام السابق تخلق و تؤجج أجواء من الرعب والخوف في وسط الساكنة في الوقت الذي غادر معظم السياح الأجانب التراب التونسي في اتجاه بلدانهم الأمر الذي شكل ضربة قاصمة لقطاع السياحة الذي يعتبر النشاط الرئيسي للاقتصاد التونسي . وكانت تشكيلة الحكومة الانتقالية قد تميزت باحتفاظ ستة من وزراء بن علي بمناصبهم وهم رضا قريرة وزيرا للدفاع، وكمال مرجان وزير الدفاع السابق كوزير للخارجية، كما احتفظ وزير الداخلية أحمد فريعة الذي عينه الرئيس المخلوع يومين قبل تنحيته من السلطة في منصبه، وأبقي على محمد رضا شلغوم وزيرا للمالية ، فيما حازت ثلاث قوى سياسية من المعارضة الراديكالية على ثلاث حقائب وزارية.