اختارت أيادي الإثم شعب مصر الآمن والمسالم لتوجه ضربتها القوية، إختارت مصر لتزهق أرواحا بريئة بهدف تجذير الفتنة بين الشعب الواحد، إختارت أيادي الإرهاب الجبانة أرض الكنانة لتعلن عن حضورها الدموي الرهيب. لا يجد المرء أي تفسير لهذه الجرائم التي يقترفها البعض باسم الدين، وباسم السياسة أيضا، كيف تطاوع المجرمين أنفسهم لاقتراف جرائم بحجم ما تعرضت له كنيسة القديسين بالاسكندرية بكل برودة الأعصاب. هذا الذي حدث لا يمكن أن يكون إلا محل إدانة قوية جدا من طرف جميع أحرار العالم، ومن سكت عن هذه الجريمة الشنعاء كأنه شارك في اقترافها، ومن وظفها لإثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في مصر العظيمة وفي غير مصر كأنه كان من الذين ضغطوا على زر التفجير ليزهق أرواحا بريئة، خلفت وراءها قلوبا مكلومة لفقدها. يحدث أيضا في العراق المحتل أن بعض الأوساط الإرهابية، الإجرامية تتعمد تقتيل مدنيين من المسلمين الشيعة ومن المسيحيين بهدف إثارة الفتنة بين الشعب العراقي الواحد، ومن الواضح أن الذي يستهدف المسيحيين في مصر أو في العراق فإنه يخدم أجندة سياسية صرفة، لا نملك أية تفاصيل عنها في انتظار انتهاء التحقيقات، ولكن رائحة السياسة تزكم الأنوف في هذه الجرائم النكراء. ففي مصر، القوة الديمغرافية الأولى في العالم العربي، حيث التأثير القوي في القرار العربي الإقليمي، لابد من الإقرار بوجود أيادي عابثة تحاول بل وتجاهد من أجل إضعاف هذا القطر العربي الوازن، ولابد أنها تفتش في جميع الاتجاهات وتدقق في جميع تفاصيل حياة شعب أرض الكنانة بهدف خلق الفتنة، وقد تكون وجدت ضالتها في إشعال الحرب بين المسلمين والمسيحيين من الأقباط، ومن المؤكد فإن استهداف كنيسة القديسين في الأسكندرية يعتبر عنوانا بارزا لهذا المخطط الجهنمي الخبيث جدا. ونعتقد جازمين أن الشعب المصري يدرك تفاصيل عبث الأيادي الآثمة ولا نعتقده يسقط في هذا الفخ، ولا نعتقده ينساق وراء هذه اللعبة اللعينة. تماما، كما يحدث في العراق المحتل، حيث تتعمد جهات بنفس الهوية إلى إثارة الفتنة بين الشعب العراقي الواحد، لأنها تدرك جيدا أن قوة هذا الشعب الصامد العظيم في وحدته، لذلك لابد من تفتيت هذه الوحدة من خلال إجبار مكونات الشعب العراقي على الاقتتال، ومن المحقق فإن العامل الديني مهما بلغ مستوى تطرفه لا يمكن أن يكون لوحده كافيا لتفسير ما يحدث، بل لابد أن هناك خلفيات سياسية صرفة، حقودة تضخ ما يكفي من الزيت في نار هذه الحرب الرديئة. إن أحرار العالم لا يجب أن يكتفوا بالتنديد بما تعرضت له كنيسة القديسين في الاسكندرية بل لابد لهم أن يتجندوا لفضح مضامين المخطط الرهيب الذي لا يستهدف مصر لوحدها، بل يستهدف الإنسانية جمعاء.