غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت        بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة        الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العلم» تواصل كشف فظاعة الانتهاكات التي اقترفتها الانفصاليون بتندوف وباركتها الجزائر
العائدة النهى البلال حولها جلادو البوليساريو من طفلة سليمة إلى معاقة
نشر في العلم يوم 04 - 01 - 2011

« .... كان يشرف على هذه التدريبات أطباء من كوبا والجزائر، وكان مسؤولون من البوليساريو يجمعوننا نحن أطفال المخيمات بحجة الوقاية من وباء أو مرض منتشر بالجوار، والحقيقة أنهم يجمعوننا ليجروا علينا فحوصات طبيةّ و تجارب في إطار تكوين أطرهم ، من ممرضين وأطباء مستقبليين ، ومن يدري ربما كانوا يستغلوننا كفئران تجارب لبعض المختبرات الطبية الدولية، فقياديو البوليساريو يبيعون ويشترون في أي شيء من أجل خلق موارد مالية لخزينة القيادة ولجيوبهم الخاصة، و ما يدمي القلب هو أن الأمهات كن يعتقدن أنهن يقمن بما هو صالح لفلذات أكبادهن ، حين وقعت لي الفاجعة كان عمري أربع سنوات، يومها كانت صفحة جديدة أكثر قتامة تفتح في سجل حياتي...».
تواصل «العلم» نشر الحوارات التي أجرتها مع مجموعة من العائدين ، والتي تكشف بالواضح أبشع الخروقات و الانتهاكات لأبسط الحقوق الإنسانية داخل مخيمات لحمادة بتندوف، وعدة حقائق صادمة كانت للأسف مغيبة ، تنقلها «العلم» لأول مرة على أفواه من حولتهم الجزائر والبوليساريو إلى دروع بشرية في حرب وهمية صنعت جزءا من ماضيهم الذي يعيشونه اليوم حاضرا ممزقا..
هذه المرة تنقلنا العائدة النهى البلال وهي شابة في الثلاثينات من عمرها و أم لطفلين، إلى نوع أخر من الانتهاكات للقيم والحقوق الإنسانية، وتتحدث كيف تفنن مسؤولون من البوليساريو في وشم الألم و المهانة بذاكرتها المثقلة بصور المعاناة لواقع العيش بمخيمات حمادة تندوف . في حوارها تتحدث كيف حولها هؤلاء قبل 28 سنة من طفلة سليمة إلى طفلة معاقة، لتضاف إلى قائمة ضحايا أجندة تكوين الأطر الطبية للبوليساريو، كما تميط النهى البلال اللثام عن واقع الشخص المعاق بالمخيمات، وعن الميز العنصري وشراسة الانتقام ممن قرروا العودة إلى المغرب.
"العلم" تواصل كشفها لانتهاكات حقوقية اقترفتها بوليساريو بالمخيمات وباركتها الجزائر ،
س النهى أنت من بين العائدين الذين استقروا بالمغرب لفترة، تم عدت إلى تندوف لتهربي منها نحو الوطن ثانية، بسبب ما وصفتيه بجحيم الانتقام، كيف ذلك؟
ج فعلا قبل سنتين زرت المغرب في إطار تبادل الزيارات، وجدت الأجواء ملائمة للعيش على عكس المخيمات، وأعجبت كثيرا بطبيعة الأمن والاستقرار فيه، وكذا طيبة المغاربة وحفاوتهم، فقررت المكوث بالوطن، الأمر الذي لقي ترحيبا من طرف المسؤولين والسلطات، حيث أشتروا لي بيتا وجهزوه لي بكل المستلزمات، كما منحوني بطاقة إنعاش، و لأنني معاقة فقد أوجدوا لي سيدة تخدمني وتقوم بأشغال البيت ، واستغربت كيف يهتم المغرب لأمر المعاقين حتي على مستوى التسمية والمصطلحات، ففي المغرب يطلقون علينا ذوي الاحتياجات الصعبة حتى لا يكون في الأمر تجريح لشخصنا، على عكس واقع أمثالي في المخيمات، فالجبهة تستغل وضعنا المأساوي لتجمع المنح والإعانات الدولية والأدوية، كما أنهم هناك لا يأخذون بعين الاعتبار عجزنا في تأدية بعض الأشغال أو الوظائف بل نحاسب على عطائنا كما لو كنا قادرين و بصحة وعافية. عودتي للمغرب فتحت عيني على حقيقة واحدة، هي أن الخطاب الموجه لنا في المخيمات، طيلة 29 سنة التي عشتها هناك، هو خطاب مغشوش ولا ينبني على بينة.
س لماذا عدت إذن إلى المخيمات؟
ج كنت مرغمة والله.. بعدما استقريت في المغرب خلال المرة الأولى، سافرت إلى أمريكا شهرا حيث وجهت لي إحدى المنظمات الحقوقية هناك، دعوة لكشف الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها البوليساريو في حق ساكنة المخيمات، سمع زوجي بالأمر فلحق بي إلى المغرب فور عودتي من أمريكا ، مكث معي مدة قصيرة، تم خيرني بين العودة معه إلى المخيمات أو حرماني نهائيا من أطفالي . رضخت لأمره آملة إقناعه، لكن عند وصولنا إلى المخيمات أخذ مني طفلي ذو السبع سنوات، وترك معي الصغير الذي لم يكن يتجاوز عامه الأول، ثم أهانني وأذلني بكل الطرق، ليطلقني بعد ذلك ، ليتزوج من امرأة أخرى. هكذا كان انتقامه لأنه اعتبرني خائنة ، واعتبر أن ما قام به استرداد لكرامته ورجولته بين رجال المخيمات.
س كيف تعامل الزوجات المعنفات في المخيمات، وكيف تطلق النساء هناك؟
ج نادرا ما يضرب الرجل الصحراوي زوجته، لكن إذا ما حصل فإن القاضي يطلقها إذا ثبت صحة ما تدعيه، أما تطليق الزوجات ، فالأزواج يملكون زمام الأمور، فالرجل يطلق زوجته متى شاء و بدون علمها أحيانا، و لا يعطيها أية مستحقات حتى وإن كان لها منه أبناء.
س إذن أول انتقام تعرضت له كان من طرف زوجك، ما ذا تذكرين من انتهاكات لحقوقك كإنسانة من حقها التعبير عن موقفها واختياراتها السياسية، وكإنسانة من ذوي الاحتياجات وفي حاجة إلى مساعدة واهتمام؟
ج كان الكل يستغرب مني وينظر إلي باشمئزاز ، خاصة عندما يشتمون المغرب وأنتفض من مكاني لأدافع عنه وأكذب كل ما يقولونه عن وطني ، حتى بات الكل يناديني بالمغربية، وهي في المقابل تعني هناك، الخائنة، الجاسوسة، العدوة... إلى غير ذلك من النعوت، و قاطعني البعض كي لا أكون نقمة عليهم ، واذكر أنه في أحد الأيام زارت منظمة دولية مكانا يسمى امخيلفة بالمخيمات بغرض تقديم المساعدات الطبية لذوي الاحتياجات الصعبة، وكان من المقرر أن أستفيد من تركيب رجل اصطناعية ، وحين جاء دوري رفض أحد المشرفين من البوليساريو أن أستفيد من هذه الخدمة الطبية، بحجة أنني عميلة المخابرات المغربية، مما جعل المسؤولة عن البعثة الطبية تحتج عليه وتصر على استفادتي ، طالبة منه أن لا يتدخل في شؤون مهامهم الإنسانية والخيرية ، و البعيدة كل البعد عن الحسابات والصراعات السياسية. وكان هذا حالي بأي مكان أو إدارة وطأتها قدماي، كما أن عائلتي كانت تحرم مرارا من الإعانات والمساعدات التي كانت توزعها بعض المنظمات على أهل المخيمات، واذكر كذلك أنه في يوم تكلفت إحدى المنظمات ببناء بيوت جيدة للمحتاجين عوض تلك المبنية من الطين والقصدير، كما قامت بتوزيع خيام على الأهالي ، لكن عائلتي حرمت من كل ذلك بحجة أن من بين أفرادها مغاربة ويقصدون أنا طبعا. وفي إحدى المرات أيضا سمعنا أن سلطات المخيمات تلقوا هبات للأشخاص المعاقين، تمثلت في العديد من الكراسي المتحركة ، فذهبت أمي علها تأتيني بواحد ، لكن للأسف طردها المسؤول شر طردة. آخرها أنني سقطت فتعرضت لكسر في يدي، فذهبت أمي لتطلب العون، لم يقبل أحد إسعافي ، و صدها أحدهم بكون الجبس والدواء غير موجود، فاضطرت والدتي إلى استعمال المواد البدائية لجبر كسوري، مستعينة بالدقيق والبيض والقماش.
س ما الذي جعلك تصرين على البقاء وأخرت عودتك ثمانية أشهر؟
ج كنت أولا أتحين الفرصة لأعيد ابني البكر إلى حضني، ونجحت بعدما قلت لوالده أن إحدى المنظمات ستزورني لتعطينا نقودا باعتباري معاقة ولدي طفلين وعليه أن يمكث معي لأنني لا اعلم متى ستزورني المشرفة على المنظمة، فصدق ووافق لأنه كان طامعا في المبلغ، كما كنا ننتظر عودة أخي البالغ من العمر 17 سنة وكان جنديا في الجيش، فوالدتي اقتنعت هي الأخرى أنه يستحيل أن يقضي المرء عمره في تلك الظروف المزرية والمأساوية، وكان علينا أن نهرب جميعا من الجحيم الذي فرضه علينا المسؤولون بالمخيمات ، وفعلا بعدما تجمعت العائلة التي كانت تضم طفلاي، وأختي الصغرى، وأخي الجندي الصغير، ووالدتي، باعت أمي خيمتها الوحيدة، ونسقت مع احد أصحاب السيارات الذي نقلنا فجرا قبل أن يستيقظ القوم، حيث توجهنا إلى الزويرات ومنها إلى نواديبو بموريتانيا، ثم إلى منطقة المهيريز على خط الربط الحدودي بين المغرب وموريتانيا، وتنفسنا الصعداء حين بلغنا حدودنا الوطنية، حيث تنتهي المعاناة والضجر بتلك الابتسامة الصادقة التي يلاقينا بها رجال أمن الحدود.
س كيف تصفين واقع العيش في المخيمات؟
ج واقع العيش هناك جحيم بالنسبة للرافضين لمنهج البوليساريو والمنتقدين لواقع الحال هناك، أو من لهم قناعات تختلف عن تلك التي تفرضها علينا الجبهة ، فنحن هناك نقاوم قسوة الانتقام والميز العنصري، وكل أنواع التهميش، فهم يساوموننا بين ما قدموه لنا من مؤونة ومدى انصياعنا لأوامرهم، و ينتهجون سياسة « جوع كلبك يتبعك»، أما واقع المعاقين هناك، فحدث ولا حرج، فهو مزيج بين الإهانة والتهميش ، ويكفي أنهم جردونا من الإحساس بالعيش الكريم ، فهم يجمعوننا في طوابير ليستعرضوا عاهاتنا، ألمنا ، بؤسنا، و يجمعون الهبات ويغتنوا من مآسينا ، يركبون سيارات رباعيات الدفع ويسكنون المساكن الجيدة المجهزة بالمكيفات بتندوف، ويشترون المنازل الفخمة في الجزائر وإسبانيا ليضمنوا مستقبل أبنائهم ، ونحن نقبع في الخيام التي يتصدقون علينا بها كل خمس سنوات، تتمزق فوق رؤوسنا فنكتوي بحر الطقس والانتظار، يدرسون أطفالهم في أحسن المدارس في كوبا وإسبانيا، ويتمرغ أطفالنا في وحل الأزقة الخانقة بالمخيمات، وإن لم يتمموا دراستهم يجندوهم قبل أن يبلغوا الحلم ، وكل من انتفض منا يكون مصيره سجن غير محدد الأجل..
س هل زرت منازل فاخرة لبعض قيادي البوليساريو؟
كنت أزور مرارا منزل عبد العزيز المراكشي ، كان محاطا بحراس، ومجهز بأحدث الأثاث، وكنت أريد ملاقاته من أجل حل مشكل التعويضات بعد موت أبي الذي كان ضمن مليشيات العسكرية للبوليساريو، وقد قتل في إحدى العمليات، وكانت زوجة الرئيس خديجة التي كانت دائما محاطة بالحشم والخدم، تطلب مني مرارا العودة بحجة أن المشكل سيتم حله، فبقيت على ذلك الحال حتى يئست .
س هل ولدت من ذوي الاحتياجات، أم أن للأمر قصة في رحاب المخيمات؟
ج أبدا لم أولد بأي إعاقة ، لقد كنت كاملة الصحة والعافية، إنني شاهدة عيان في أفظع جرم ارتكب في حق الطفولة و الإنسانية ، فأنا ضحية أجندة للتجارب الطبية والتدريبات التي كان يقوم به البوليساريو على حساب حياة وسلامة أطفال المخيمات من أجل تكوين أطر من الممرضين و الأطباء ، وكان ذلك في أواخر السبعينيات ، و كان يشرف على هذه التدريبات أطباء من كوبا والجزائر، و كان مسؤولون من البوليساريو يجمعون لهم أطفال المخيمات بحجة الوقاية من وباء أو مرض منتشر بالجوار، والحقيقة أنهم يجمعونهم ليجروا عليهم فحوصات طبيةّ و تجارب في إطار التكوين والتدريب، أي بمعنى أصح استغلالهم كحالات للدرس الطبي ، ومن يدري ربما تم استغلالهم كفئران التجارب لبعض المختبرات الطبية الدولية ، فقياديو البوليساريو يبيعون ويشترون في أي شيء، من أجل خلق موارد مالية لخزينة القيادة ولجيوبهم الخاصة، وحين كان عمري أربع سنوات كنت من بين من رسا عليهم الاختيار وكان ضمننا أطفال رضع أيضا ، بحجة أخذ لقاح يقي الإصابة من مرض يصيب العيون، و ما يدمي القلب هي أن الأمهات كن يظن أنهن يقمن بما هو صالح لفلذات أكبادهن، يومها كانت صفحة جديدة أكثر قتامة تفتح في سجل حياتي، لتبدأ مأساتي ومأساة العديد من أقراني. في الحقيقة مهما رويت لك عن انتهاكات حقوق الإنسان بالمخيمات فلن أنتهي منها فهي مثل زبد البحر.
س هل مات بعض الأطفال خلال هذه الفحوصات التجريبية؟
ج طبعا، خصوصا بالنسبة لبعض الأطفال الذين كانوا يصابون بتعفن اللوزتين، لقد كانوا يجرون لهم عمليات جراحية لإزالة اللوزتين، ويسمح للمتدربين بالقيام بهذه العمليات، وغالبا ما كانت هذه العمليات تنهي بالفشل وبالطبع موت أطفال أبرياء كانوا ضحية تأسيس هياكل وقطاعات لمشروع دويلة ذات مرجعية مزيفة.
س هل تلقيت أي تعليم هناك وماذا كانوا يدرسونكم؟
ج طبعا حصلت على مستوى دراسي لا بأس به، وكنا ندرس باللغتين الإسبانية والعربية، ولم نكن ندرس شيئا عن تاريخ المغرب سوى التحريض عليه كعدو، وكنا ندرس التاريخ الجزائري فقط إلى حدود سنة 2000 حيث شرعوا في تدريسنا تاريخ الجبهة.
س هل اشتغلت بعد التعليم ومن يستفيد أكثر من التشغيل هناك في المخيمات؟
ج كنت اشتغل "سكرتيرة" في احدي المدارس، لم يكن راتبي يتجاوز300 درهم في الشهر، وفرص الشغل قليلة لأنه ليست هناك مصانع أو شركات غير بعض المستشفيات التي شيدتها المنظمات الدولية، والإدارات والمؤسسات التي أنشأتها قيادة البوليساريو في المخيمات، ونسبة البطالة منتشرة جدا بين شباب المخيمات، فهم لا يجدون حتى ثمن سيجارة ومنهم من ينخرط في التجنيد طامعا في راتب يصرف له كل ثلاثة أشهر لا يتعدى 1300 درهم ، أما الوظائف والامتيازات فهي دائما من نصيب المقربين للمسؤولين بقيادة البوليساريو و الجزائريين، إننا هناك في المخيمات لا نأكل إلا من كدنا وتعبنا، فالإعانات التي يوزعونها علينا و المؤونة الشهرية تسد رمق نصف شهر فقط، لأنها لا تقسم بالتساوي بين أهل المخيمات ، فنحن نتدبر أمورنا في الأيام الأخرى من الشهر بإيجاد مهن هي في الغالب شاقة مثل البناء والرعي حفر الآبار بالنسبة للذكور، وبالنسبة للنساء فهن يشتغلن في بيوت زوجات المسؤولين أو حياكة الخيام أو امتهان الشعوذة، فأنا امتهنت مرارا ضرب الفال وفك الطالع بالرمل كي أكسب قوت يومي ، هكذا أمام العنصرية والمحسوبية السائدين في المخيمات نصبح في أواخر الشهر نشتري ، فنحن نشتري المؤن التي في الأصل كانت موجهة لنا مجانا، فحتى البيت الذي نبنيه من الطوب لا نستطيع تأدية أجرة بنائيه
س كيف توزع المؤن بينكم ومن يمنحها؟
ج هذه الإعانات تمنحها منظمات دولية تابعة لاسبانيا ، ايطاليا وبعض الدول الأوربية الأخرى و أحيانا الجزائر، والمؤن توزع حسب عدد الأفراد، وهي زهيدة جدا لأن الجزائر تأخذ منها جزءا لتمنحه لعملائها من ساكنة المخيمات، والبوليساريو أيضا تأخذ حصة الأسد، ويبقى الفتات لمن لا ظهر ولا سند لهم ، رغم أنهم محور القضية، لقد قلبت علي المواجع فانا أكره تلك الذكريات المريرة، فأحيانا كنا لا نجد ما نسد به جوعنا فكانت والدتي تخلط لنا الدقيق بالزيت والخميرة تم تقوم بقليه لنا الحمد لله لقد عدنا حقا من جحيم اسمه مخيمات حمادة تندوف.
هوامش...
... عند وصولنا إلى المخيمات أخذ مني طفلي، ثم طلقني وتزوج من امرأة أخرى. هكذا كان انتقامه مني لأنه اعتبرني خائنة..
...كان الكل ينظر إلي باشمئزاز، حين أدافع عن المغرب، حتى بات الكل يناديني بالمغربية، وهي في المقابل تعني هناك بالمخيمات، الخائنة، الجاسوسة و العدوة الذوذة...
...حين جاء دوري رفض أحد المشرفين من البوليساريو أن أستفيد من تركيب رجل اصطناعية، بحجة أنني عميلة المخابرات المغربية، مما جعل المسؤولة عن البعثة الطبية تحتج عليه..
... تلقت سلطات المخيمات هبات للأشخاص المعاقين، تمثلت في العديد من الكراسي المتحركة ، فذهبت أمي علها تأتيني بواحد ، لكن للأسف طردها المسؤول شر طردة....
...تعرضت لكسر في يدي، فذهبت أمي لطلب العون، فصدها أحدهم بكون الجبس والدواء غير موجود، فاضطرت والدتي إلى جبر كسوري، مستعينة بالطحين والبيض والقماش....
.. كان علينا أن نهرب جميعا من الجحيم الذي فرضه علينا المسؤولين بالمخيمات، فباعت والدتي خيمتها الوحيدة ورحلنا فجرا قبل أن يستيقظ القوم..
...وتنفسنا الصعداء حين بلغنا حدودنا الوطنية ، حيث تنتهي المعاناة والضجر بتلك الابتسامة الصادقة التي يلاقينا بها رجال أمن الحدود...
..النساء يشتغلن في بيوت زوجات المسؤولين أو حياكة الخيام أو امتهان الشعوذة كي نشتري في أواخر الشهر المؤن التي في الأصل كانت موجهة لنا مجانا..
..أما واقع المعاقين هناك فهو مزيج بين الإهانة والتهميش، فيكفي أنهم جردونا من الإحساس بالعيش الكريم، فهم يجمعوننا في طوابير ليستعرضوا عاهاتنا، ألمنا ، بؤسنا، ليجمعوا الهبات ويغتنوا من مآسينا...
...ونسبة البطالة منتشرة جدا بين شباب المخيمات، فهم ينخرطون في التجنيد طمعا في راتب يصرف لهم كل ثلاثة أشهر لا يتعدى 1300 درهم، أما الوظائف والامتيازات فهي دائما من نصيب المقربين للمسؤولين بقيادة البوليساريو وللجزائريين...
... أذكر و أنا طفلة أن والدتي قامت ببناء البيت الذي ضمنا في الطفولة بمفردها، معتمدة على الطين وبعض المواد التي تجود بها الطبيعة علينا، وكانت المسكينة حامل....
... كنت أزور مرارا منزل عبد العزيز المراكشي ، كان محاطا بحراس، ومجهز بأحدث الأثاث، وكنت أريد ملاقاته من أجل حل مشكل التعويضات العسكرية بعد موت أبي، وكانت زوجة الرئيس خديجة التي كانت دائما محاطة بالحشم والخدم، تطلب مني مرارا العودة بحجة أن المشكل سيتم حله...
...الإعانات تمنحها منظمات دولية تابعة لاسبانيا، ايطاليا وبعض الدول الأوربية الأخرى والمؤن توزع حسب عدد الأفراد، وهي زهيدة جدا لأن الجزائر تأخذ منها جزءا لتمنحه لعملائها من ساكنة المخيمات، والبوليساريو أيضا تأخذ حصة الأسد، ويبقى الفتات لمن لا ظهر ولا سند لهم....
.... يدرسون أطفالهم في أحسن المدارس في كوبا وإسبانيا، ويتمرغ أطفالنا في وحل الأزقة الخانقة بالمخيمات، وإن لم يتمموا دراستهم يجندوهم قبل أن يبلغوا الحلم، وكل من انتفض منا يكون مصيره سجن غير محدد الأجل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.