شهدت الضربات الصاروخية الأميركية على الأراضي الباكستانية ،خلال العام الماضي، نقلة نوعية على مستوى العدد، فبينما سجلت 53 ضربة سنة 2009 ، ارتفع العدد إلى 116 سنة 2010، وسط تساؤلات وجدل حول جدوى هذه الضربات وموقف الحكومة الباكستانية منها وما سيكون حال هذه الضربات مستقبلا. وبدأت الطائرات الأميركية من دون طيار بقصف المناطق القبلية في باكستان منذ عام 2004 في عهد الرئيس السابق برويز مشرف، وازدادت وتيرتها مع وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السلطة ليصل مجموعها تقريبا إلى 212 ضربة ، منها 200 ضربة بين 2008 و2010. وكانت الضربات الأميركية قد أوقعت منذ بدايتها أكثر من ألفي قتيل ، معظمهم من المدنيين، بينما أسفرت عن مقتل بعض قيادات حركة طالبان الباكستانية ، مثل بيت الله محسود ، ونيل محمد وغيرهما. وتركزت الضربات الأميركية على باكستان خلال الأعوام الأخيرة ، وتحديدا 90% منها على مقاطعة شمال وزيرستان، ولم تنج المقاطعات القبلية الأخرى منها، في حين حاولت واشنطن توسيع رقعة الضربات إلى إقليم بلوشستان دون جدوى. يذكر أن الجيش الباكستاني ما يزال مترددا في شن عملية عسكرية جديدة على مقاطعة شمال وزيرستان، بينما تمكن من دخول المقاطعات القبلية الست الأخرى دون إحكام السيطرة عليها بالكامل. يقول المحلل المختص في شؤون الدفاع، بصير مالك، إن الولاياتالمتحدة تتعامل مع الضربات الصاروخية كبديل لتردد الجيش الباكستاني في شن عملية عسكرية في شمال وزيرستان، وهي المقاطعة التي تعتقد واشنطن أنها المعقل الأخير لقيادات القاعدة وطالبان ومركز عملياتهم لإدارة الحرب في أفغانستان ضد قواتها وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو). ويضيف أن «الجيش الباكستاني وحفاظا على استقرار الوضع الأمني في البلاد ، ربما لا يرغب في إنهاء هدنة غير معلنة بينه وبين بعض الجماعات المتمردة في شمال وزيرستان، وهو ما يفسر عدم رغبته في دخول هذه المقاطعة». وتوقع المحلل بصير مالك ارتفاع عدد الضربات الصاروخية خلال عام 2011 مع قرب موعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في يوليز من نفس العام. ولكنه استبعد توسع دائرة الضربات الأميركية خارج الحزام القبلي، مشيرا إلى أن واشنطن فشلت في إثبات أو إحضار أدلة على وجود قيادات في مجلس شورى حركة طالبان الأفغانية داخل المدن الباكستانية لا سيما كويتا عاصمة إقليم بلوشستان. وأوضح أن هذه الضربات تزيد من تراجع شعبية الحكومة الباكستانية، ولو أنها حققت ما سماها بعض النجاحات على مستوى التخلص من بعض قيادات طالبان. وتعتبر الحكومة الباكستانية الضربات الصاروخية الأميركية انتهاكا لسيادة البلاد، وذات نتائج عكسية مقابل المطالبة بتقنية الطائرات من دون طيار دون جدوى. من جهته، يقول المحلل السياسي نواز رضا ، إن ما سماه التناقض الحاصل في موقف الحكومة ، يفسر وجود اتفاق سري بينها وبين واشنطن يسمح لها بتوجيه ضربات صاروخية داخل الحزام القبلي. وأوضح أن موقف الحكومة يناقض قرارا صادرا بالإجماع عن البرلمان سنة 2008 يعتبر الضربات الأميركية انتهاكا لسيادة البلاد، ويطالب برد عسكري ضدها. يذكر بأن شهر دجنبر الماضي ، شهد مظاهرة لعشرات المتضررين من نيران الضربات الأميركية أمام البرلمان في العاصمة إسلام آباد، في حين ارتفعت أصوات تطالب بالتعويض المالي وأخرى تهدد باللجوء إلى القضاء. مهيوب خضر