أكد محمد سعد العلمي الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة أن تكنولوجيا المعلومات والاتصال تشكل رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعامة قوية لتأهيل المقاولة وتعزيز قدراتها التنافسية، وركيزة أساسية لتقوية فعالية الإدارة وتيسير الولوج إلى الخدمات العمومية بجودة عاليّة وبأقلّ تكلفة. وأبرزالوزير في افتتاح المنتدى المغربي للإدارة الإلكترونية الذي انعقد يوم الخميس 16 دجنبر 2010 بالرباط ، وحضره الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي وأعضاء من الحكومة ، أن انخراط المغرب في مجتمع المعرفة، قد أضحى خيارا حاسما لرفع تحديات المستقبل الذي أصبح يحتّم التموقع الجيد داخل فضاء المجتمع الرقمي المُعَوْلَم، كَجِسرٍ أساسي للارتقاء بجهود التنمية المستدامة والنهوض بمستلزمات التنافسية؛ موضحا أن التحكم في هذه التكنولوجيا وحسن توظيفها أصبح، مفتاحا ضروريا لمواكبة التحولات التي تطبع عالمنا، مشيرا إلى أن المغرب،يتوفراليوم، على خارطة طريق واضحة المعالم تتجلّى من خلال مخطّط طموح، هو "مخطّط المغرب الرقمي 2013"، الذي يرعاه عاهل البلاد جلالة الملك محمد السّادس،وأيضا من خلال مأسسة إطار حكامته، تحت إشراف مجلس وطني لتكنولوجيا الإعلام والاقتصاد الرّقمي، برئاسة السيد الوزير الأول. وتحدث سعد العلمي عن المكاسب الهامّة التي تحققت بالنسبة للخدمات العمومية الإلكترونية، مطالبا ببذل المزيد من الجهود لربح الرهانات المرتبطة بالحاجيات المتزايدة للمتعاملين مع الإدارة،مشيرا إلى أن الدّراسة التي أنجزتها أخيرا وزارة تحديث القطاعات العامّة بخصوص «خرائطية استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالقطاعات العامة» ، تبين العديد من المعطيات المهمة ، حيث إن هذه الدراسة التي تركّزت على 5 محاور، الهيكلة والتنظيم، والموارد البشرية والتكوين والميزانية، والتجهيزات المتعلقة بالمعدات والبرمجيات، واستعمال الانترنيت،والمواقع والخدمات الإلكترونية ، والتي استهدفت أزيد من 270 إدارة موزعة ما بين وزارات ومندوبيات سامية ومؤسسات عمومية، مكنت من استخلاص 33 مؤشرا ، من أهمها أن معدّل تجهيز الإدارات بالحواسيب الّذي يبلغ 31 % أي بمعدل حاسوب واحد لكل 3 موظفين؛ وأن نسبة الحواسيب المتصلة بشبكة الإنترنيت تناهز 60 %؛ وتوفّر أزيد من 280 خدمة إلكترونية، تمثل نسبة الخدمات التّعامليّة فيها حوالي 9 %والمندمجة 2 %، إضافة إلى مؤشر مهم وهو أن نسبة الخدمات الإلكترونية باللغة العربية تبلغ 47 %؛ كما أبانت الدراسة المذكورة عن ضعف بعض المؤشّرات منها، على سبيل المثال، ضعف نسبة الموظفين العاملين بالإدارة في هذا المجال، والتي لا تتعدى 19,1%، وكذلك متوسّط عدد أيام التكوين في ميدان تكنولوجيا المعلومات، الذي لا يصل يرقى إلى ثلاثة (3) أيام في السنة، وأشار أن الحكومة تهتم بتمويل المشاريع المتعلقة بالإدارة الإلكترونية، حيث شكّلت هذه الأخيرة، أكثر من 65 % من مجموع المشاريع التي مولها صندوق تحديث الإدارة منذ إحداثه قبل ست سنوات. وذكر سعد العلمي أن ورش تنمية الإدارة الإلكترونية، يُعتبرُّ من أهمّ الأوراش في مجال تحديث القطاعات العامة، ومحورا أساسيا في إستراتيجية النهوض بتكنولوجيا المعلومات والاتّصال بالمغرب. والغاية من هذا الورش هو تمكين الإدارة من تقديم خدماتها باعتماد على معايير الجودة والشفافية والقرب، وهي مبادئ جُسدت من خلال مبادرات قطاعية على سبيل المثال "النظام الضريبي على الخط" و"خدمات الجمارك على الخط" و"طلب الشهادة السلبية" و"جواز السّفر البيومتري". وأشار وزير تحديث القطاعات العامة إلى أن الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة، توجهت نحو التدبير الإلكتروني وتطوير الولوج لمجموعة من المساطر والخدمات الإدارية، وذلك عبر مختلف القنوات المعلوماتية، موضحا أن الإدارة الإلكترونيّة تعدُّ أداة فعالة لتخليق المرافق العمومية، بما تضمنه من شفافية في تعامل الإدارة مع المرتفقين، وما تتيحه من تقليص الاحتكاك بين الإدارة والمواطنين؛ وهذا ما أكّد عليه برنامج عمل الحكومة للوقاية من الرّشوة ومحاربتها من خلال التدابير التي ستُتخذ في نطاق تنفيذه في الأمد القريب. وأضاف سعد العلمي أن برنامج تبسيط المساطر الإدارية من أجل خدمة المواطن والمقاولة وتحسين مناخ الأعمال قد أحدث قفزة نوعية من خلال إنجاز مشاريع مُهيكلة، منها البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والبطاقة الرمادية ورخصة السياقة الإلكترونية، وبوابة الصفقات العمومية، وبوابة الخدمات العمومية،بالإضافة إلى المبادرات المتعددة التي ميزت الخدمات الإلكترونية على المستوى المحلي. ودعا الوزير بهذه المناسبة كلّ الإدارات، على الصعيد المركزي واللاممركز وعلى مستوى الجماعات المحلية، إلى الانخراط في هذه الدينامية وللتأقلم معها، بما يتطلبه الأمر من مضاعفة الجهود،من أجل التوطين الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات والاتصال في الممارسات الإدارية، باعتبارها منفذا حقيقيا نحو فعالية تدبير الخدمات وتحسين جودتها. واعتبر وزير الصناعة و التجارة والتكنلوجيات الحديثة أحمد رضا الشامي ، بالمناسبة نفسها ، أن تعبئة كل القطاعات الوزارية من أجل إنجاز مشروع الحكومة الإلكترونية أمر مشجع ، مبرزا أن نجاح هذا البرنامج هو بمثابة نجاح للحكومة ككل. وتوقع رضا الشامي الذي يرأس اللجنة الحكومية للإدارة الإلكترونية، أن تعرف سنة 2011 تفعيل 15 من الخدمات الإدارية الأساسية، خاصة في مجال إحداث المقاولات وتسهيل إجراءات الاستيراد والتصدير وعقود الازدياد، مشددا على أهمية تعديل القوانين من أجل مصاحبة هذا البرنامج الطموح. وتفيد المعطيات أن المواطنين المغاربة استفادوا من قبل من خدمات متوفرة على الخط ، تهم بالأساس عمليات أداء الرسوم المحلية (رسم السكن، ورسم الخدمات الجماعية والرسم المهني)، التي بلغ عددها 4500 عملية وذلك إلى حين آخر فترة ضريبية، كما يجري العمل بجواز السفر البيومتري منذ شهر أبريل 2010، وأيضا متابعة تعويضات ملفات المرض للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، التي همت خدماتها حوالي مليون و170 ألف مؤَمَّن، أي أكثر من ثلاثة ملايين مستفيد، ثم الخدمات المتعلقة بالتقاعد ، التي همت تسليم 52 ألف شهادة ومعالجة 345 ألف شكاية عبر الخط من طرف الصندوق المغربي للتقاعد، كما يتم عبر الخط تدبير وضعية أكثر من 98 ألف متقاعد و190 ألف منخرط من طرف النظام الجماعي لمَنْح رواتب التقاعد، في حين سجل الصندوق المهني المغربي للتقاعد 286 ألف مرتفق ، علما أنه تمت معالجة 9500 ملف لتصفية التقاعد منذ سنة 2009. وتذكر المعطيات أن المقاولات تستفيد أيضا من حركة الحوسبة ومن إزالة الطابع المادي عن الإدارة، من خلال مشاريع مختلفة مثل مشروع "بدر" الذي يسمح للمقاولات بإنجاز تصريحات جمركية عبر الخط. وتشمل هذه الخدمة 6500 مستعمل، كما أن الصندوق المهني المغربي للتقاعد يسجل تصريح 95 في المائة من المقاولات المنضوية بمساهماتها عبر الخط، كما أن خدمة "ضمانكم" تسمح بالتصريح عبر الخط وبأداء المساهمات الاجتماعية. وهي تشمل 24500 ألف و500مقاولة وتسهر على تدبير مساهمات مليون و8 ألف أجير. وابتداء من النصف الأول لسنة 2011، سيكون بوسع المقاولات الرد عبر الخط على طلبات العروض العمومية، بفضل إعداد قاعدة تسمح بالاطلاع على الطلبات المذكورة وتقديم الترشيحات إليكترونيا.واعتبارا من النصف الثاني لسنة 2011، سيكون ممكنا أيضا إحداث المقاولات عبر الخط وإيداع ملف الإحداث وأداء الحقوق الخاصة بذلك. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج الحكومة الإليكترونية الذي أعدته الحكومة يرمي إلى تحديث الإدارات العمومية في أفق تقريبها من حاجيات المرتفقين، اعتمادا على الفعالية والجودة والشفافية. ويمر إنجاز هذا الهدف بالخصوص عبر اعتماد 15 مشروعاً نموذجياً حاليا على أساس الوصول إلى 89 مشروعاً في أفق سنة 2013. وتهدف هذه المشاريع إلى تيسير الإجراءات الإدارية سواء بالنسبة للمواطنين أو بالنسبة للمقاولات. ومن شأنها أيضا أن تسمح بتقليص آجال المعالجة بشكل ملموس، وتفادي التنقلات إلى مقرات الإدارات من جهة، وتعدد المخاطِبِين من جهة أخرى، إلخ.