تطرق رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة أجراها معه لاري كينغ، مقدم برنامجه الشهير على قناة «CNN» الأميركية، إلى موضوع معاهدة استارتب الجديدة، كما تحدث عن وضع الديمقراطية في روسياوالولاياتالمتحدة، وعن موقفه مما نشر من مواد امثيرة على موقع اويكيليكسب الإلكتروني مؤخراً. وتعتبر هذه المقابلة ، التي يجريها لاري كينغ مع بوتين، الثانية من نوعها؛ إذ كانت الأولى في سبتمبر 2000. في رد منه على سؤال ما إذا كان فشل روسيا والناتو (والذي لا يمكن استبعاده) في التوصل إلى اتفاق على إنشاء درع صاروخية مشتركة بينهما أو عدم تصديق المشرعين الأميركيين على معاهدة استارتب الجديدة المعقودة مع موسكو حول الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية سيؤديان إلى سباق جديد للتسلح. أرجع بوتين مقدم البرنامج إلى الرسالة السنوية التي وجهها الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف إلى البرلمان الفدرالي لروسيا الاتحادية. حيث استعرض الاقتراحات الروسية المعروفة حول العمل الدولي المشترك في مجال الأمن، وشدد بوتين على أن روسيا استضطر إلى ضمان أمنها القومي باستخدام مختلف الوسائل. ومن بينها نشر منظومات من الوسائط الضاربة والتقنيات الصاروخية النووية الجديدة، إذا ما قوبلت اقتراحات موسكو حول العمل المشترك في مجال الأمن بردود أفعال سلبية، وتنشأ مخاطر إضافية على طول حدود روسيا بنتيجة إقامة منطقة أخرى ثالثة لمواقع الدفاعات المضادة للصواريخب. وكان ميدفيديف أوضح في رسالته الآنفة الذكر أن الدولة الروسية تقف أمام خيارين في غضون عشر سنوات، هما: إما التوصل إلى اتفاق على إقامة منظومة أوروبية موحدة للدفاع المضاد للصواريخ واستحداث آلية مشتركة للتعاون مع أوروبا في هذا المجال، أو الدخول في مرحلة جديدة من سباق التسلح ستتخذ موسكو خلالها القرارات الحتمية لنشر وسائط ضاربة جديدة. وقال بوتين: اهذا ليس خيارنا، ولا نريد تشكيل أي تهديد لأحد. لكننا نود القول إن هذا هو السيناريو المتوقع في حال عدم التوصل إلى اتفاقب. يذكر أن الرئيسين الروسي والأميركي كانا قد وقعا في العاصمة التشيكية براغ في الثامن من شهر أبريل 2010 معاهدة استارتب الجديدة حول إجراءات مواصلة خفض الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والحد منها. وتنص المعاهدة على أن يقوم كل طرف من الطرفين بالحد من أسلحته الاستراتيجية الهجومية بالشكل الذي يجعل عددها لا يتجاوز بعد 7 سنوات من دخول المعاهدة حيز التنفيذ. ويجب أن يصادق مجلسا البرلمان الفدرالي الروسي ومجلس الشيوخ للكونغرس الأميركي على هذه المعاهدة قبل دخولها حيز التطبيق، ولكن هناك توقعات كثيرة بأن يرفض الجمهوريون، أصحاب الأغلبية في الكونغرس، التصديق على المعاهدة. وتناول المذيع الأميركي في حواره مع بوتين قضية الديمقراطية التي يحلو للأميركيين كثيراً أن ينتقدوا روسيا فيها. يذكر أن الوثائق التي جرى نشرها على موقع «ويكيليكس» شملت معلومات تزعم أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس صرح في حديث مع نظيره الفرنسي بأن الديمقراطية الروسية أصبحت شبه ضائعة، وبأن السلطة في روسيا تتركز في أيدي الأجهزة الخاصة. وتمنى بوتين، في سياق المقابلة التلفزيونية، على سياسيي الولاياتالمتحدة الأميركية الذين ينتقدون الديمقراطية الروسية ألا يتدخلوا في شؤون تخص روسيا، ورداً على ذلك أيضا، تحدث بوتين عن خصائص النظام الانتخابي الأميركي، الذي تعتبر فيه عاملاً حاسماً ليس أصوات المواطنين الناخبين. بل وأصوات أعضاء ما يسمى االهيئة الانتخابيةب، وأشار إلى أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولاياتالمتحدة عامي 2004 و2008 شهدت فوز المرشحين اللذين لم يتفوقا على منافسيهما في عدد الأصوات الإجمالي للناخبين في البلاد. وأضاف بوتين: اعندما نشير في اتصالاتنا مع زملائنا الأميركيين إلى وجود المشكلة الدائمة في هذا الصدد (مدى ديمقراطية الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة). نسمع منهم مطالبتهم لنا بعدم التدخل في الشؤون الأميركية الداخلية، إذ إن النظام الانتخابي للولايات المتحدة، على حد قولهم، يجسد تقاليد البلاد، وهم لا يرغبون بتغيير أي شيء فيه . وأكد بوتين أن بلاده لا تنوي التدخل في الشؤون الأميركية فعلاً، ولكنه نصح زملاءه الأميركيين من المنطلق نفسه بعدم التدخل أيضاً في خيارات الشعب الروسي السيادية. وتطرق بوتين إلى ما نشره موقع «اويكيليكس» الإلكتروني من تقارير ومراسلات لدبلوماسيين أميركيين، وقال إنه لا يرى في ظهورها أية كارثة، معيداً إلى الأذهان حدوث تسريبات من هذا النوع في الماضي أيضاً.