احتضنت المكتبة الوطنية بالرباط إخيرا أمسية لقراءة في كتاب: (الإصلاح الشمولي للقضاء في مخطط مضبوط) للأستاذ هاشم العلوي، شارك في تنشيطها الأستاذ النقيب مولاي امحمد الخليفة، والأستاذ النقيب مصطفى الريسوني، والأستاذ عبد اللطيف الحاتمي، والدكتور تاج الدين الحسيني، والدكتور لحبيب بيهي. ونفدم فيما يلي بعض مما جاء في مداخلة الدكتور عبداللطيف الحاتمي، المحامي بهيئة الدارالبيضاء ورئيس الجمعية المغربية لاستقلال القضاء في موضوع مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء، انطلاق من قراءة الكتاب: ... أؤكد منذ البداية على أن المناسبة ليست لمناقشة أفكار الكاتب أو نقدها أو مواجهتها بأفكار مضادة، بقدر ما هي مناسبة للتعرف عليها و التعريف بها بغية إبراز توجهاته الخاصة و مقترحاته في مجال استعصى على الإصلاح وذلك انطلاقا من تجربته الطويلة في سلك القضاء خبر خلالها مختلف دواليب مؤسسات العدالة، حيث مكنته اليوم من التنظير لإصلاح شمولي و مضبوط حسب تعبيره لجهاز العدالة. وإن اختياري إلى جانب زميلي و صديقي العزيز النقيب مصطفى الريسوني لهذه المهمة لم يكن اعتباطيا و الحال أننا من بين العشرة الموقعين على مذكرة الهيآت و المنظمات غير الحكومية لإصلاح القضاء، بل هذا الاختيار اقتضاه إيماننا الراسخ بحرية الفكر و التعبير و بسمو حق الاختلاف الذي لولاه لما أضاءت هذه المصابيح جوانب هذه القاعة. وحسبي أن أردد في هذا الباب مع إمام دار الهجرة الذي كان يقول: «كل منا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر»، مشيرا إلى قبر الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام. كما أن ابن رجب الحنبلي في مقدمة كتابه «القواعد الفقهية» يقول: «و يأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه و المنصف من اختصر قليل خطأ المرء في كثير صوابه مصداقا لقول الشاعر: و إذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع. وكان عبد الله بن المبارك قد خالف شيخه أبا حنيفة في عدة مسائل و لما سمع رجلا ينتقص منه أنشد يقول: يا ناطح الجبل العالي لتؤلمه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل. و هو ما خلده كذلك فولتير بقوله: «Je ne suis pas d'accord avec ce que vous dites mais je me battrai jusqu'à la mort pour que vous ayez le droit de le dire» «لئن كنت مختلفا معكم فإنني سأناضل حتى آخر رمق من أجل التعبير عن رأيكم» وفي ذلك استغراق لمحبة سادتنا آل البيت و تعلمون أن لسلطان المحبة استواء على عرش القلوب و غشاوة على عيون شارب خمرتها. و قد أعلى الفرزدق من شأن آل البيت في ميتمته بقوله: من معشر حبهم دين و بغضهم كفر و قربهم منجى و معتصم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء و مختوم به الكلم إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم. هذا و أريد أن أنوه بالمجهود الذي بذله الأستاذ الفاضل مولاي هاشم من أجل اقتحام هذه العقبة، عقبة إصلاح القضاء. و أهنأه على جرأته التي تكاد تكون فريدة من نوعها لأنه القاضي الوحيد الذي فجر ما بداخله من طاقة و كسر جدار الصمت الذي ظل لعقود يخيم على جهاز القضاء، ليقف اليوم بمثابة قوة اقتراحية من داخل البيت حتى لا يقال أن أصحاب الشأن غائبون. من هذا المنطلق أكبر العمل الذي نحتفل بتقديمه اليوم و أجل صاحبه و أعتبره مفخرة لجميع قضاة المملكة لأنه لم يكتف بتقديم مقال أو خواطر بل ارتأى الخروج بدراسة مفصلة و برؤية واضحة، منطلقة من مرجعيات ثابتة ليخلص إلى مقترحات عملية صاغها في مشاريع نصوص دقيقة قابلة للمناقشة و التفعيل. ونظرا لتغطية المؤلف لمختلف جوانب الجهاز القضائي الذي يرى صاحبه ضرورة إصلاحها فإنني سأكتفي بالكشف عن رؤية المؤلف بخصوص إصلاح مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء. والجدير بالذكر أن المؤلف عمد قبل التفصيل في نظام المجلس الأعلى للقضاء إلى التذكير بمدى تأثير الصلاحيات المقررة لوزير العدل على استقلال القضاء، مذكرا بأن نظامنا القضائي يخوله صلاحيات واسعة لتدبير المسار المهني للقضاة و مركزا بصفة خاصة على حق الانتداب المخول له و الذي لا يتم اللجوء إليه دوما على أساس ملء فراغ بمحكمة أخرى مما يشكل مسا باستقلال القضاء نفسيا ومهنيا، ويضيف قائلا و هو ما ينطبق كذلك على قرار المتابعة و توقيف القاضي عن عمله. وفي نفس السياق يرى الكاتب في إحجام وزير العدل عن عرض إمكانية تمديد حد سن التقاعد بخصوص قاض ما، على أنظار المجلس الأعلى للقضاء و في انفراده بتعيين قضاة التحقيق و اقتراح تعيين القضاة بالإدارة المركزية مباشرة على جلالة الملك دونما استشارة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء تأثيرا بينا على استقلال القضاء، حيث تخضع النفس الأمارة بالطموح إلى المناصب العليا بالإدارة المركزية لوزارة العدل (حسب تعبيره) لنفوذ أدبي افتراضي لوزير العدل. وهو الوضع الذي يستبشر الكاتب خيرا في إلغائه بالاستناد إلى الخطاب الملكي المرجعي الذي ورد فيه: «تخويل المجلس الأعلى للقضاء ? حصريا- الصلاحيات اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاة»، الذي يرى فيه مؤشرا للمراجعة الجذرية للصلاحيات المخولة لوزير العدل. بعد هذا التذكير تصدى الكاتب لمؤسسة المجلس الأعلى للقضاء التي يعتبرها جوهر البعد المؤسساتي في الإصلاح و الجانب الوازن في الخطاب الملكي المرجعي لسنة 2009، ثم تساءل عن مكامن الخلل العالقة بدواليب سير هذه المؤسسة الدستورية و عن طبيعة الإصلاحات التي يتعين على مخطط الإصلاح الشمولي العميق للقضاء أن يدخلها عليها. وتمهيدا للجواب على هذا التساؤل استعرض الكاتب القواعد التي تقوم عليها هيكلة هذه المؤسسة في مختلف الأنظمة القضائية خاصة منها العريقة، ثم تساءل عن النظام الأمثل. وعن موقع النظام المغربي من مختلف الأنظمة الدستورية المقارنة من خلال قراءة تحليلية بالغة في الدقة ليخلص إلى السؤال المحوري بحثا عن مكامن الخلل و ما إذا كانت توجد في طبيعة التأليف أم أن للإشكال أوجه أخرى. وبعد أن أكد تأكيدا شديدا على أن القضاء في المغرب يدخل دستوريا ضمن الصلاحيات الخاصة بجلالة الملك المستقل عن كل السلط و يوجد فوقها فإن رئاسته للمجلس الأعلى للقضاء هي الضمانة بعينها مستدلا من جديد بالخطاب المرجعي الذي ورد فيه: «... و في صدارة هذه المرجعيات ثوابت الأمة القائمة على كون القضاء من وظائف إمارة المؤمنين و أن الملك هو المؤتمن على ضمان استقلال السلطة القضائية.» وفي معرض حديثه عن نيابة رئيس المجلس الأعلى للقضاء المسندة دستوريا لوزير العدل ذكر الكاتب بأن هناك أنظمة سارت في نفس النهج، وأخرى اختارت إبعاد وزير العدل عن تشكيلة هذه المؤسسة، وثالثة فضلت حلا وسطا بإدراج وزير العدل في تأليفه مع التقليص من صلاحياته أو استبعدته عندما يجتمع كمجلس تأديبي. و تساءل عن أي اتجاه من الاتجاهات المطبقة كلها في الدول الديمقراطية العريقة أكثر ضمانا لاستقلال القضاء؟ وبعد أن ذكر الكاتب بالتطور التاريخي لوضعية وزير العدل و علاقة ملوك المغرب بالقضاة أكد بشدة على أنه يتعين على وزير العدل بمناسبة نيابته عن جلالة الملك في رئاسة هذه المؤسسة أن ينسلخ عن صفته الحكومية و سطر على ذلك بقوله: «و يتعين أن يكون الأمر كذلك و أن يتقمص هذه النيابة التي تنمحي معها كذلك علاقته بالوزير الأول وبالحكومة ككل بمناسبة أشغال المجلس الأعلى للقضاء.» ويرى الكاتب أن الأنظمة التي استبعدت نيابة وزير العدل عن رئيس الدولة و أعطت صلاحيات موسعة أو شاملة للسلطة القضائية في إدارة القضاء ترتب عنها طغيان مظاهر التسييس على المؤسسة. كما أن الأنظمة التي أدخلت في تركيبتها برلمانيين أو شخصيات أخرى لسد الطريق على تدخل السلطة التنفيذية في الشأن القضائي فإنها فتحته على مصراعيه أمام سلطة أخرى لا تقل عن الأولى نفوذا سياسيا من شأنه أن يهدد استقلال القضاء لا محالة. وتساءل عقب ذلك كله عما إذا كان الإشكال في المغرب يكمن في موقع وزير العدل في هذه المؤسسة، مسترشدا من جديد في تعقيبه على هذا التساءل بما ورد في الخطاب المرجعي بإيلاء المجلس الأعلى حصريا الصلاحيات اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاة ليخلص في النهاية إلى أن خيار تقليص صلاحيات وزير العدل في عمق حاضر و مستقبل المنظور الشمولي لإصلاح القضاء ببلادنا خيار محسوم. وفي معرض حديثه عن الأعضاء المعنيين بقوة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء نوه الكاتب بالنظام المغربي الذي ساير معظم الأنظمة القضائية في تخويل الرئيس الأول للمجلس الأعلى و الوكيل العام به و رئيس الغرفة الأولى بالمجلس الأعلى العضوية بقوة القانون بصفتهم أعلى قضاة المملكة في الهرم القضائي من شأن وجودهم داخله أن يضفي الرسالة اللازمة على المؤسسة و يقوي الضمانات المخولة لجهاز القضاء. إلا أنه يرى ضرورة تخصيص مقعد لأعلى قضاة المحاكم الإدارية في انتظار إحداث مجلس الدولة. أما بخصوص الشق المنتخب من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء يقول الكاتب، فإنه خيار سيادي مغربي صرف جاء مباشرة بعد الاستقلال في الوقت الذي كان عبارة عن مجرد مطلب في فرنسا سنة 1958. و يشكل انتخاب 6 أعضاء لتمثيل قضاة المغرب (اثنان عن قضاة محاكم الاستئناف و أربعة عن قضاة المحاكم الابتدائية) داخل المجلس الأعلى للقضاء الأغلبية في تركيبته، لكن الكاتب يتساءل عما إذا كان هذا الاختيار الديمقراطي قد حقق الهدف الدستوري، أم أن الممارسة الفعلية جاءت بنتائج معكوسة تحمل في طياتها تهديدا لاستقلال القضاء من الداخل بعد أن ظهر أن نظام الانتخاب ولد فكرا فئويا أو نقابيا في الوسط القضائي ولم يرق إلى اختيار أجود القضاة المؤهلين فكريا و سلوكيا لمساعدة جلالة الملك على مزاولة اختصاصاته الدستورية في المجال القضائي؟ ثم يتساءل عن سبل تصحيح تلك الممارسات؟ يجيب الكاتب على التو أنه يكمن في التوجه الاستراتيجي الملكي حينما أمر جلالته بإعادة النظر في طريقة انتخاب ممثلي القضاة بما يكفل لعضويته الكفاءة والنزاهة و يضمن تمثيلية تسوية مناسبة لحضور المرأة في سلك القضاء، لكنه يتراجع قائلا إنه يجب التعامل مع إعادة النظر هذه، بحذر لكي لا تأتي بنتائج معكوسة حينما يكون التغيير من أجل التغيير فقط. مؤكدا على أن إشكالية استقلال القضاء إشكالية معقدة يتعين أن تعالج على أساس شمولي دقيق نظرا للتراكمات التي استشرت في جسم القضاء لعقود متتالية، وبالتالي لا يمكن اختزالها في إعادة النظر في التركيبة الحالية عن طريق فتح المجال أمام شخصيات غير قضائية للعضوية في حظيرة مؤسسة موكول إليها تحقيق الضمانات المخولة للقضاة فيما يرجع لمسارهم المهني و في مقدمتها استقلالهم. وبعد استعراض مختلف مظاهر تركيبة المجلس الأعلى للقضاء حط الكاتب الرحال عند مكامن الخلل في دواليب المجلس الأعلى و قام بفحصها على ضوء الأشعة السينية ليكتشف من خلالها وجود معوقات على المستويات الستة التالية: 1) الاختصاص المخول دستوريا للمجلس الأعلى. 2) والقواعد المنظمة للعضوية في المجلس و الإجراءات الانتخابية. 3) وعدم انتظام الدورات و الاجتماعات. 4) وعلى مستوى مسطرة المداولات. 5) وبخصوص الجمع بين سلطة المتابعة و المشاركة في البت فيها من طرف وزير العدل. 6) و على مستوى طبيعة التنظيم الداخلي لكتابة المجلس الأعلى للقضاء. وفيما يخص الاختصاص المخول دستوريا للمجلس الأعلى للقضاء المحدد في السهر على «تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يرجع لترقيتهم و تأديبهم» ،يرى الكاتب أن محدوديتها تحرم المجلس الأعلى للقضاء من مواكبة المسار المهني للقضاة. فهو محروم من مراقبة مناهج الاختيار القبلي للمترشحين للانتساب إلى القضاء و من مجرد الاستشارة في اقتراح تعيين قضاة المحاكم في مناصب المسؤولية بالإدارة المركزية لوزارة العدل، ومن التقرير في إلحاق قاض بإدارة أو مؤسسة أخرى أو في استيداعه أو إعارته إلى دولة أجنبية أو إلحاقه بسفارة مغربية بالخارج أو حتى الترخيص له بصفة استثنائية للإقامة خارج مدينة مقر عمله. كما أنه محروم في تتبع ثروة القضاة أو إبداء الرأي في متابعة قاض و لا يملك الصلاحية التلقائية لوضع اليد على ملف يتعلق بإمكانية تمديد حد سن التقاعد دون أن يعرضه عليه وزير العدل. كما أن هامش السلطة الاقتراحية المباشرة على جلالة الملك بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء جد محدودة و يمارسها في أغلب المجالات عن طريق الاستشارة معلقا على ذلك بأنه من المعلوم أن الاستشارة غير ملزمة لجهة القرار و لها بعد أدبي و ليس تقريري. ** أما على مستوى تمثيل القضاة بالمجلس فإنه يعرف حسب الكاتب مجموعة من الإخلالات يمكن إجمالها: 1) في الشروط الواجب توفرها في المترشح للعضوية. 2) و في القواعد الإجرائية المنظمة للانتخابات. 3) و في غياب الوسيلة الناجعة لتمكين النساء من العضوية بالمجلس. حيث يرى في الشروط المطلوبة في المترشح لعضوية المجلس و المختزلة في مجرد ممارسته مهنة قاضي و تسجيله بإحدى اللائحتين و عدم صدور عقوبة تأديبية في حقه باستثناء الإنذار و التوبيخ، لا تساعد على استقطاب القضاة التي تتوفر فيهم مؤهلات فكرية عالية تساعد على السهر على كفالة الضمانات المكرسة دستوريا، بل يرى أنها على العكس من ذلك تساهم إلى أبعد حد في عزوف كثير من النماذج الجيدة عن الترشح. مما يستدعي التشدد في شروط الترشح استجابة للأمر الملكي بإعادة النظر في طريقة الانتخاب. أما بخصوص الإجراءات الانتخابية فإن الكاتب يرى أن مرسوم 23 دجنبر 1975 المتعلق بكيفية انتخاب ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للقضاء لم يوفق في إحكام مناهج الاقتراع ،حيث أظهرت التجربة عن ممارسات أساءت إلى هيبة القضاء و وقاره و اعتبر أن المناسبة سانحة لوضع قواعد احترازية و تأديبية ضد المخالفين لقيم القضاء المثلي التي يتعين أن يتحلى بها الناخبون و المترشحون. وقد صاغ الكاتب في مقترحاته قواعد صارمة و مضبوطة يرى من خلالها النجاعة الكافية لاصطفاء أجود ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للقضاء. وقدم بخصوص التمثيلية النسوية بالمجلس مقترحات عملية من خلال لائحة وطنية على غرار الانتخابات التشريعية. وفي معرض حديثه عن عدم انتظام دورات و اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء أبدى الكاتب حسرته بخصوص تعثر انعقادها لدرجة تجميدها طيلة سنة كاملة و الحال أن القانون يوجب عقد أربع دورات سنويا على الأقل. و أعزى ذلك لسببين على الأقل أولهما يرجع لوزراء العدل و يرتبط الثاني بعامل نفسي يعكس أحيانا هشاشة الثقة بين الأعضاء المنتخبين و بين وزير العدل في بعض الفترات. بحيث لا يستسيغ الكاتب عدم انضباط دورات المجلس بسبب غياب وزير العدل و الحال أن الأمر يتعلق بمؤسسة دستورية يرأسها الملك مثلها مثل البرلمان الذي تنضبط دوراته. وعند مناقشته لمعوقات مسطرة المداولات أشار الكاتب إلى مقتضيات الفصل 69 من النظام الأساسي الذي يمنع حضور عضو المجلس في قضية تتعلق به أو بقاضي أعلى درجة منه موضحا أن هذا المقتضى من شأنه الإخلال بنصاب المداولات و قد أثبت الواقع أنه تم تجاوزه رغم إخلاله بقاعدة قانونية. و اعتبرها فرصة لتدقيق هذا الوضع مقدما في ذلك اقتراحات عملية جديرة بالمناقشة. ** ثم انتقل الكاتب إلى المعوق الخامس المتعلق باجتماع سلطة متابعة القاضي التي أسندها المشرع بمقتضى الفصل 61 من النظام الأساسي لرجال القضاء لوزير العدل بصفته هذه و سلطته في المشاركة في البت في المتابعة بصفته نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء معتبرا أن هذا الوضع يتعارض مع قاعدة قانونية راسخة و مشيرا إلى أن الأنظمة القضائية التي خولت وزير العدل سلطة المتابعة (كما هو الحال في فرنسا) أبعدته عن رئاسة المجلس الأعلى عندما ينعقد كمجلس تأديبي و ذلك لفائدة الرئيس الأول لمحكمة النقض مقترحا في النهاية الاقتداء بهذا النموذج الذي لا يستدعي بالضرورة في نظره تعديلا دستوريا بل مجرد صدور قانون أو أمر ملكي. معللا وجهة نظره هاته انطلاقا من عدم اعتبار نيابة وزير العدل عن الملك تفويضا في السلطة من جهة و تحرج القاضي المتابع من ممارسة مسطرة التجريح في رئاسة وزير العدل للمجلس التأديبي من جهة ثانية و من تحرج بعض الوزراء أنفسهم عند مشاركتهم في مناقشة و اتخاذ القرار التأديبي في حق القاضي الذي تمت متابعته من طرفهم. ** وفي ختام المعوقات تطرق الكاتب لكتابة المجلس الأعلى للقضاء التي لم تحظ في نظره بتنظيم هيكلي فعال يتلاءم مع الدور البالغ الأهمية الذي تقوم به. كما لاحظ أنها مؤسسة جعلها مرسوم 1998 المتعلق باختصاص وزارة العدل تابعة مباشرة لوزير العدل و اعتبر أن كتابة المجلس الأعلى للقضاء تحتاج إلى تنظيم هيكلي في مستوى الاختصاصات الجسيمة الموكولة لهذه المؤسسة الدستورية و يقترح أن يتكفل النظام الأساسي بوضع قواعده العامة مقترحا في النهاية أن يخصص للمجلس الأعلى للقضاء مقر خاص به مستقل عن وزارة العدل يليق بمكانته و تخصص له ميزانية مستقلة كذلك.