أكد الجنرال دو كور دارمي المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية السيد عبد العزيز بناني ، أهمية البعد الإنساني والتعاون الدولي في محاربة ظاهرة الهجرة السرية في أبعادها المختلفة. وأبرز الجنرال بناني ، في كلمة افتتح بها يوم الثلاثاء في أكادير، أشغال ندوة حول موضوع»الهجرة غير المشروعة وإشكالية الأنشطة المرتبطة بها» ، التي يتم تنظيمها في إطار «مبادرة 5 + 5 دفاع» ، الدور الهام الذي تضطلع به القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية للمنطقة الجنوبية في المكافحة اليومية لهذه الظاهرة. وقال إن ظاهرة الهجرة السرية في أبعادها المتعددة تكتسي طابعا يبعث على الإنذار بالنظر لما لها من مخلفات سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني ، وبالأخص على الصعيد الإنساني ، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة ما فتئت تتفاقم بفعل تورط المنظمات الإجرامية والشبكات المهيكلة العابرة للحدود التي تستغل البؤس الذي يعيشه الناس. وأضاف أن هناك صنفين من العوامل تقف وراء هذه الظاهرة، تتمثل أولاها في عوامل الطرد المتمثلة في عدم الاستقرار والهشاش المقترنة بأسباب سوسيو اقتصادية ،أما الثانية فتتمثل في عوامل الجذب القائمة على التطلع إلى حياة أفضل كما يجسده النموذج الأوروبي على الخصوص ، والعالم الغربي على العموم. وأوضح الجنرال دوكور دارمي أن المغرب يعيش وضعية ذات طبيعة خاصة على اعتبار أنه مصدر للهجرة السرية وبلد للعبور في الوقت ذاته ، مما يجعل المهمة الموكولة إليه أكثر تعقيدا، مضيفا أن الفردوس الأوروبي والغربي يتوفر على الكثير من عوامل الجذب دون أن توازيها مساهمة مماثلة فيما يتعلق بالمساعدة على استقرار السكان المرشحين للهجرة السرية في بلدانهم الأصلية. وشدد على أن التعاون في هذا المجال يمر عن طريق المسؤولية المشتركة التي تهتم بالدرجة الأولى بالتنمية المحلية المستدامة والاستقرار لفائدة ساكنة لا يشغلها سوى البحث عن حياة أفضل، مشيرا إلى أن المشاركين في ندوة أكادير سيسعون بكل تأكيد إلى استخلاص الدروس والتوصيات المناسبة من اجل إرساء تعاون جهوي مندمج يروم الوقاية من هذه الظاهرة ومكافحتها. وأكد الجنرال عبد العزيز بناني ، في هذا السياق ، أن الأفكار التي ستتمخض عن هذه الندوة سوف تؤكد بدون شك أن الإجراء الواجب اتخاذه إزاء الهجرة السرية يكتسي طابعا وقائيا، مشيرا إلى أن الوقاية تستند على التنمية المستدامة والحلول الجوهرية التي تركز على معالجة الأسباب وليس النتائج فقط. وقال إن المنهجية المقترحة إزاء ظاهرة الهجرة السرية على الصعيد الدولي والجهوي تستند على مبدأ المسؤولية المشتركة لجميع الأطراف المعنية بالظاهرة وهي البلدان التي تعتبر مصدرا للهجرة السرية ثم بلدان العبور وكذا بلدان الاستقبال واستعرض الجنرال دوكور دارمي الجهود والإجراءات المختلفة التي يقوم بها المغرب من أجل محاربة الهجرة السرية بفعل قربه الجغرافي من أوروبا سواء على الصعيد البري أو البحري حيث جند لهذه الغاية إمكانيات مادية وبشرية. وقال إن هذه الإجراءات مكنت المغرب منذ سنة 2004 من توقيف أزيد من 170 مركبا بحريا كان البعض منها معرضا للخطر . كما تم توقيف 18 ألفا و 858 مهاجرا سريا ضمنهم قاصرون ونساء حوامل ، غالبا ما كانوا في وضعية صحية صعبة . وقد تطلب ذلك من المغرب القيام بعمليات البحث والإنقاذ في ظروف مناخية غير ملائمة ،إلى جانب بذل مجهودات استثنائية على مستوى الإسعافات الطبية المستعجلة سواء على متن الوحدات العائمة أو على مستوى وحدات الاستقبال، فضلا عن تعبئة وسائل هامة من أجل ضمان عملية التكفل بالمهاجرين السريين فيما يتعلق باللباس والإيواء والإطعام. وأضاف الجنرال عبد العزيز بناني أن المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك يضع معالجة إشكالية الهجرة في إطار مندمج يجمع بين الجوانب القانونية والمؤسساتية والأمنية، مع أخذ موضوع التعاون في الاعتبار. وخلص الجنرال دوكور دارمي الى أن حلا دائما لهذه الظاهرة «يمر عبر اعتماد مسلسل بدل مجموعة مهام»، وذلك من خلال تعاون دولي يستند على المسؤولية المشتركة، ومحاربة الهشاشة في صفوص السكان المستهدفين. يذكر أن أشغال هذه الندوة تعرف مشاركة مسؤولين عسكريين ومدنيين معنيين بظاهرة الهجرة السرية في الدول الأعضاء في «مبادرة 5 + 5 دفاع» وهي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا،إضافة إلى إسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال ومالطة. وتتمحور أشغال هذه الندوة التي تستمر يومين حول أربعة محاور يتناول الأول الاستراتيجيات الوطنية في محاربة الهجرة السرية، ويعالج الثاني أبعاد الارتباط بين الهجرة السرية والأنشطة غير المشروعة الأخرى، بينما ينصب المحور الثالث على معالجة موضوع دور القوات العمومية في محاربة الهجرة غير المشروعة، فيما يهم المحور الرابع التطرق لبعض النماذج لمعالجة ظاهرة الهجرة غير المشروعة.