أكد جلالة الملك محمد السادس في كلمة سامية وجهها للحفل التأبيني، الذي نظم بعد ظهر الاثنين برام الله بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش, أن المرحوم جسد توقان الشعب الفلسطيني إلى العزة والكرامة والتحرر والسيادة. وجدد جلالة الملك في الكلمة السامية، التي تلتها السيد ثريا جبران قريتيف وزيرة الثقافة، تعازيه في فقدان الأمة العربية والشعب الفلسطيني خاصة «لشاعر فذ، ملتزم بقضية شعبه، التزاما نضاليا وسياسيا وإنسانيا، بروح مثالية نادرة, وبقدرات إبداعية استثنائية, جعلت الشعر العربي يستعيد حضوره في خوض الأمة العربية لنضالاتها، ويغمس قلمه في الواقع المعيش، مجسدا توقان الشعب الفلسطيني إلى العزة والكرامة، والتحرر والسيادة». وأكد جلالة الملك أن التاريخ يشهد أن الراحل محمود درويش ظل على الدوام، يتحلى بأنفة وشهامة الشاعر الكبير، الذي يعرف أن العفة والمروءة وصفاء اللسان، وسحر البيان، جزء من أخلاق الشاعر الحقيقي، وبعد من أبعاد مسؤوليته الثقافية والإبداعية والإنسانية. ومن ثمة - يقول جلالة الملك -كرمناه في المغرب بوسام الكفاءة الفكرية، موقنين بأنه أهل لهذا التكريم, وأنه يستحق أن يهتم به محيطه العربي ويتجاوب مع شعره، ويتفاعل مع مشاعره،التي تعبر عن أنبل قضية في تاريخ الأمة العربية الحديثة. وأبرز جلالة الملك أن التعلق الذي حظي به الشاعر الراحل من جميع عشاقه ومحبيه يعود لكونه رفع سقف قصيدته فرفعته، وصهر عناصر شعره وتفكيره في بوتقة الألم العميق، الذي كان يستشعره مع أبناء شعبه العربي الفلسطيني، فيحوله إلى شعر بلوري الكلمات ثري بمعجمه وإيقاعه وخياله. وقال جلالة الملك .. « ومع أن الشعر الصادق الرفيع من بين ما كان يشدنا إلى هذا الشاعر الكبير، فقد ربطنا به نفس الميثاق الروحي والرمزي والسياسي الوطيد، الذي يربط جلالتنا بالقضية العربية الفلسطينية، وما يتصل منها بقضية القدس الشريف, التي قيض الله لنا أن نقتسم مع أشقائنا في الدول الإسلامية حمل مسؤوليتها الأخلاقية, وشرف رئاسة لجنتها المباركة». وتوجه جلالته بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى حتى يتحقق ما يضمن للشعب العربي الفلسطيني حقوقه الشرعية في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف, على أرضه المحررة، وفي إطار سيادته الوطنية الكاملة. كما عبر جلالته عن الأمل في أن يأخذ «المشعل الفني الوهاج» للشاعر الراحل شعراء الجيل العربي الجديد, ليواصلوا رسالته الشعرية الخالدة.