سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الباحث في التاريخ المغربي الحديث أكد وجود مختصين في الدراسات الأمازيغية ساهموا في المنشورات الدينية إبان الاستعمار عبد الرحيم وزين: بادر الوطنيون بتأليف كتاب «مسلم أمازيغي»
أكد عبد الرحيم وزين الباحث في التاريخ المغربي الحديث في مداخلة ألقاها في الندوة الأولى التي نظمتها مؤسسة علال الفاسي في الذكرى المائوية لولادة الزعيم الراحل علال الفاسي في فبراير الماضي بالرباط حول موضوع «مرتكزات الخطاب الكولونيالي» أنه لتعزيز أطروحة تنصير الأمازيغ المغاربة، فإن العديد من الصحف الاستعمارية لم تتوقف عن التذكير ب» التجارب الناجحة لجيرانها « في منطقة القبايل بالجزائر باعتبارها، حسب زعمها، إحدى الإنجازات الفرنسية-المسيحية الكبرى في التاريخ المعاصر. وأضاف في المداخلة ذاتها التي هي عبارة عن مقتطف من أطروحة دكتوراه في موضوع «الصحافة المسيحية الصادرة في المغرب إبان الحماية الفرنسية» أن الاحتفال بالذكرى المائوية لاستعمار الجزائر (1830-1930)، وربطها بالذكرى المائوية الخامسة عشر لوفاة القديس أغسطين (130-1930)، وإصدار ظهير 16 ماي 1930، وكذا بالمؤتمر القرباني لقرطاج والذي تم تنظيمه بتونس، خلال الفترة ما بين 7 و11 ماي 1930 ، فرصة للتأكيد تقول Le Maroc Catholique، على أنه » يجب تأريخ سنة 1930 بحروف من ذهب، ضمن حوليات شمال إفريقيا «، حيث انبعثت المسيحية من جديد بهذه البلدان، بعدما كانت تسميه هذه الصحف، ب » الليل المقفر للإسلام، الذي دام أكثر من ألف سنة «. وذكر أن كتاب الصحف المسيحية قد عملوا على رسم استراتيجية ماكرة، تستند إلى سياسة عرقية، ولسانية، ودينية، بهدف تعزيز سياسة الفصل التي شرعت سلطات الحماية في تبنيها، لأجل تفكيك وحدة الهوية الوطنية بالمغرب، والتي يعتبر ظهير 16 ماي 1930، المعروف بالظهير البربري، أحد ثمارها. وأشار أن المواقف المحافظة للصحف المسيحية الصادرة في المغرب ساهمت إلى جانب السياسة التي انخرطت فيها الإقامة العامة، بعد إصدار ظهير 16 ماي 1930، في خلق ردود أفعال إسلامية وفرنسية متباينة. فبالنسبة لردود فعل الوطنيين المغاربة، أشار «شارل روبير أجرون»، إلى أن الشبان »المتسيسين « المغاربة الذين كانوا ملتفين منذ سنة 1926 حول علال الفاسي وحول أحمد بلافريج، قاموا سنة 1927 بتأسيس جمعية موحدة تدعى «الرابطة المغربية»، وأنهم كانوا » يتابعون باهتمام جهود من كانوا يطلقون عليهم اسم «المنصرين» «. كما أنهم كانوا على علم بالحملات التي كانت تشنها، ومنذ مدة جريدة «Tunis Socialiste» (تونس الاشتراكية) » ضد «الحماس غير الموافق» للإكليروس الكاثوليك «، بحيث أنه ومنذ مطلع سنة 1930، لم تتوقف هذه الجريدة عن الاحتجاج بشدة ضد المؤتمر القرباني العالمي (Congrès eucharistique international)، والذي تم تنظيمه حينئذ بتونس وقرطاج، وأن »الشبان المغاربة لم تفتهم فرصة المشاركة في الاحتجاجات إلى جانب إخوانهم المسلمين «. ويقول وزين إن ظهير 16 ماي 1930، شكل البذرة الأولى لنشأة الحركة الوطنية بالمغرب، نظرا لما أثاره إعلان هذا الظهير من موجة احتجاج، أدهشت الإقامة العامة بسرعتها وقوتها، بعدما أظهر حدة الشعور الوطني، وتصميم المغاربة على رفض كل ما يمس كيانهم الوطني. وقد تجلى ذلك بداية في «حركة اللطيف» التي انطلقت في 20 يونيو 1930 من أحد مساجد الرباط عقب صلاة الجمعة، ثم سلا، وفاس وانتقلت فيما بعد إلى الدارالبيضاء، وطنجة، وتطوان وجميع مناطق الاحتلال الاسباني، وامتدت إلى أقاصي بلاد الأمازيغ. وتمكنت هذه الحركة من اجتذاب الصناع، والتجار، بعد أن أطلقها مثقفون ، مثل علال الفاسي، ومحمد الوزاني، وأحمد بلا فريج. ولم يتأخر رد فعل الإقامة العامة كثيرا، فأوقف المتظاهرون، واعتقل أو سجن بعضهم، كما جلد البعض منهم، وهم مقيدون أمام الملأ. غير أن حملات القمع هاته، لم تزد الاحتجاج إلا تأججا، وأصبح يوم 16 ماي في المغرب كله، يوما للحداد، وإقامة الصلاة، والصيام. وبالرغم من عدم وجود صحف وطنية صادرة بمنطقة الحماية الفرنسية خلال فترة إصدار الظهير المذكور، وأمام عدم تكافؤ شروط المواجهة بين الطرفين، أكد وزين أن الوطنيين المغاربة لجأوا إلى نوع من محاولة إقناع السلطات، عن طريق الحوار، بالتخلي عن السياسة «البربرية». وكان من نتائج ذلك، أن أضافت الحركة الوطنية إلى كفاحها أسلوبا آخر، هو أسلوب تكوين الوفود، وتحرير وإمضاء العرائض، سواء في فاس أو غيرها من الجهات الأخرى. وسعوا إلى التعريف بقضيتهم وفضح أخطاء سلطات الحماية، من خلال حركة الطبع، وكذا في المؤتمرات، والمحافل الإسلامية، إذ قام محمد المكي الناصري، والحاج محمد بنونة، بإلقاء محاضرة تحت عنوان: «مراكش أمام حرب صليبية جديدة»، خلال المؤتمر الإسلامي العام، المنعقد بالقدس مابين 7 و17 دجنبر 1931 (27 رجب و7 شعبان 1350)، بحضور 22 قطرا من الأقطار الإسلامية، والتي تم طبعها في شكل كتيب صغير يقع في 14 صفحة، وأرفق ذلك بخريطة التنصير في المغرب، والتي نشرتها مجلة Le Maroc Catholique في يونيو 1931. وأوضح أن الوطنيين بادروا في عمل جماعي إلى تحرير كتاب تحت عنوان : «عاصفة حول المغرب» (Tempête sur le Maroc)، يحمل اسم مؤلف مستعار: «مسلم أمازيغي». وتم توزيع نسخ من هذا الكتيب، على النواب البرلمانيين، والوزراء الفرنسيين بباريس، أثناء التصويت على الميزانية. ومن جملة أفكار الكتاب، التنديد بصناع السياسة الفرنسية بالمغرب ، ومن بينهم المقدم مارتي (Commandant Marty)، » صنيعة الأسقف «هنري فييل»، ومبتكر العدالة الأهلية «، والذي كان »يبيع داخل مكتبه «حياة المسيح» بالعربية، ويعترف بكونه منكبا على عملية تنصير واسعة «. كما أشار مؤلفو الكتاب إلى وجود موظفين آخرين، » متنورين مشهورين «، مختصين في الدراسات الأمازيغية، يساهمون أيضا ضمن إحدى المنشورات الدينية تدعى (Le Maroc Catholique)، والتي تعد بصفة خاصة، » مبغضة للإسلام «، ويأتي على رأسهم: «جول سيكار» (Sicard)، و»جان كيرو» (Jean GUIREAU). أعده للنشر: عزيز اجهبلي