كما كان متوقعا احتكر اليابانيون جل ألقاب الدورة أل 16 لبطولة العالم للجيدو للشبان (أقل من 20 عاما)، التي احتضنتها مدينة أكادير على مدى أربعة أيام (21-24 أكتوبر) تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وقد أبان اليابانيون خلال هذه الدورة عن علو كعبهم بتصدرهم سبورة الميداليات برصيد 20 ميدالية منها 9 ذهبية و4 فضية و7 برونزية، عكس دورة باريس التي اكتفى فيها اليايانون ب 14 ميدالية (8 ذهبيات وفضية واحدة و6 برونزيات)، متقدمين بفارق مهم عن البرازيل التي حصدت 4 ميداليات منها واحدة ذهبية و2 فضية وواحدة برونزية وكازاخستان بنفس عدد الميداليات (1 ذهبية و2 فضية و1 برونزية). واحتل المغرب في الترتيب العام حسب النقط المركز 38، خلف تونس (23) ومصر (25)، فيما تصدرت الجزائر الترتيب على الصعيد العربي والإفريقي (المركز 19)، بفضل الميدالية البرونزية، التي أحرزتها صونيا أصلاح في وزن أكثر من 78 كلغ، وهي أول ميدالية عربية وإفريقية في هذا المونديال. وإذا كانت الجامعة الملكية المغربية للجيدو قد ربحت، بشهادة جميع المشاركين، الرهان التنظيمي فإن لاعبي الجيدو المغاربة أل 29 (15 لاعبا و14 لاعبة) لم يكونوا في مستوى التطلعات بعد عجزهم عن مقارعة أترابهم من العدديد من البلدان التي لها باع طويل في هذه الرياضة بل أنهم لم يفلحوا حتى في بلوغ أدوار متقدمة كان أقصاها الدور الثاني. ويبقى العمل القاعدي لاسيما داخل الأندية والإعداد المبكر والجيد والطويل المدى لرياضي النخبة مطلبا أساسيا لتحقيق أي إنجاز رياضي. إن لاعبي الجيدو اليابانيين أو البرازيليين أو الكازاخستانيين هم في نفس سن اللاعبين المغاربة لكنهم يتفوقون عليهم تجربة وتمرسا في هذا النوع الرياضي إذ أنهم باستطاعتهم دائما إيجاد الحلول المناسبة في كل نزال ولاسيما بفضل الترسانة التقنية التي يملكونها. وفي هذا الصدد يرى رئيس الجامعة الملكية المغربية للجيدو التهامي شنيور "أنه لم تكن توجد في المغرب سياسة تكوين حقيقية للرياضيين من المستوى العالي. ولكن مع اعتماد نظام رياضة ودراسة فإننا سنعمل بكل تأكيد على تدارك النقص الحاصل في هذا المجال". وأكد شنيور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا البرنامج يعد الحل الوحيد الذي يمكن من تكوين لاعبين دوليين يكونون قادرين على الصعود إلى منصات التتويج. وأضاف "كنا نتوقع تحقيق نتائج جيدة في هذه البطولة، غير أن لاعبينا يفتقرون لعنصر الخبرة والتجربة وكذا لقلة الاحتكاك الذي لا يتأتى إلا من خلال المشاركة في تظاهرات من مستوى عالمي". ويرى شنيور أن هذه البطولة العالمية، التي شارك فيها 569 متباريا (352 لاعب و244 لاعبة) دافعوا عن ألوان 78 بلدا من مختلف القارات، ساهمت في تعزيز صورة المغرب والسمعة الطيبة التي يتمتع بها في الخارج، فضلا عن كون الجامعة استخلصت منها مجموعة من الدروس والعبر. واعتبر شنيور أن موافقة الاتحاد الدولي للجيدو بالسماح للاعبين إثنين من نفس البلد للمشاركة في نفس الوزن في دورة أكادير "قرار لم يخدم إلا مصالح البلدان الرئدة في الجيدو، ذلك أن المدارس الرائدة فرضت قوانينها وهو ما أفرز بعض النهايات التي تنافس على لقبها لاعبان من نفس البلد" ومن جهته، شدد المدير الرياضي للاتحاد الإفريقي للجيدو الليبي أحمد نبيل طاهر العالم على "ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بالفئات الصغرى خاصة في رياضة مثل الجيدو التي يصعب فيها البقاء دائما في القمة والحفاظ على الألقاب". وقال "إن لاعب جيدو يقل عمره عن 20 سنة يجب أن يكون قد خضع على الأقل لتسعة أعوام من الممارسة من حيث المدة ونوعية التكوين. لقد تبث علميا أن لاعبا يطمح في بلوغ المستوى العالمي (بطل أولمبي أو عالمي) هو في حاجة إلى 10 آلاف ساعة من التداريب أي بمعدل ست ساعات في اليوم". وأرجع العربي الجمالي، المدير التقني الوطني، سبب النتائج الهزيلة التي حصل عليها الرياضيون المغاربة إلى عاملي "قلة الخبرة وصغر السن" مضيفا أن اللاعبين المغاربة احتكوا مع نخبة من أجود اللاعبين العالميين الذين استعدوا بشكل جدي وجيد، علاوة على كونهم اعتادوا المشاركة في تظاهرات كبرى من هذا الحجم". وأشار إلى أن المغاربة استفادوا كثيرا من هذه المنافسات وكسبوا مزيدا من التجربة وأنه لايجب الضغط على اللاعبين لأن الفوز والهزيمة يعدان جزء من قواعد اللعبة خاصة وأن فترة الإعداد لم تتجاوز عشرة أيام امتدت من 20 إلى 30 شتنبر الماضي بالجزائر، وأن اللاعبين المغاربة لم يستفيدوا من برنامج إعداد يرقى إلى مستوى التطلعات خلال هذه الألعاب العالمية والتي تتطلب تداريب مكثفة ومنتظمة ومن مستوى رفيع. وأكد الجمالي على" ضرورة توسيع قاعدة ممارسي هذا النوع الرياضي الذي يعتبر أحد أقدم فنون الحرب والدفاع عن النفس وإشاعة قيمه النبيلة في الأوساط الشبابية، ولم لا إدخاله إلى المدارس خصوصا أنه من الرياضات الأولمبية القديمة التي يمكن أن يحرز المغرب فيها بعض الميداليات في الدورات المقبلة للألعاب الأولمبية". وحسب الفرنسي جان لوك روج، مدير المشاريع بالاتحاد الدولي للجيدو، فإن النهوض برياضة الجيدو "يتطلب بالضرورة إعطاء الفرصة للبلدان الصاعدة لتنظيم مثل هذه التظاهرات حتى تتطور رياضة الجيدو أكثر فأكثر في أكبر عدد ممكن من البلدان". وأضاف جان لوك روج، في تصريح مماثل، "لقد تابعنا نزالات قوية ومثيرة وقمة في التقنية" مؤكدا أن رياضة الجيدو" في تطور وتسير في الاتجاه الصحيح". ولاحظ جان لوك روج غياب العديد من البلدان الإفريقية عن دورة أكادير لأسباب مادية صرفة "العائق المالي وحده حال دون مشاركة بعض البلدان في مونديال أكادير"، مشيرا إلى أن الاتحاد الدولي ما فتيء يقدم مساعدته لكن هذه الأخيرة توجه نحو الفئات العمرية الكبيرة على حساب الفئات الصغرى".