نشرت صحيفة «لوفيغارو» على موقعها الإلكتروني أخيراً مقالا من توقيع الصحفية «سوريز ماريشو» تحت عنوان «زواج القاصرات يبقى واقعا في المغرب». وقالت الصحيفة إنه بعد خمس سنوات على منع زواج القاصرات فإن هذه الظاهرة تهم حالة من كل عشر حالات. وركزت الصحفية في مقالها على عدد من الحالات التي رصدتها في محكمة قضاء الأسرة بمدينة المحمدية، تقول، «أوجد أمام القاعة 21، بالطابق الأول، حيث سيستقبل قاضي الأسرة الشاب ميلود (29 سنة) والشابة فاطمة الزهراء (16 سنة) للموافقة على طلب زواجهما أو رفضه، وحالة التوتر بادية عليهما كما على أفراد من أسرتيهما، وسبب ذلك أنه منذ بداية سنة 2004، أصبح السن القانوني لعقد قران الفتيات 18 سنة عوض 15 سنة. الشابان تعرفا على بعضهما قبل أربعة أشهر، وقد حددا تاريخ حفل الزواج في فبراير المقبل. وعندما سألتهما تقول الصحفية عن الفتوى التي طرحها الشيخ المغراوي المنحدر من مراكش على موقعه الإلكتروني بداية شتنبر الجاري والمتعلقة بجواز عقد القران على الفتيات في سن التاسعة، أبديا تذمرهما حيال ذلك قائلين: إن مكان هؤلاء الفتيات هو المدرسة. وقد تقدم المحامي مراد البكوري من هيئة المحامين بالرباط بدعوى قضائية ضد الشيخ، فيما ندد المجلس العلمي الأعلى يوم 21 شتنبر بمضمون هذه الفتوى معتبرا صاحبها «ضالا مضلا». وتضيف الصحفية «سوريز» أنه بعد خمس سنوات من دخول مدونة الأسرة الجديدة حيز التطبيق، لايزال زواج القاصرات يمثل 10 في المائة من مجموع الزيجات بالمغرب. «في سنة 2006 حوالي 89 في المائة من طلبات زواج القاصرات عرفت طريقها إلى القبول»، تقول نبيلة جلال، مستشارة قانونية في الرابطة الديمقراطية للدفاع عن حقوق النساء (LDDF) والتي أنجزت بحثا ميدانيا حول هذا الموضوع. ومراعاة لبعض الخصوصيات الثقافية والعرفية، تركت مدونة الأسرة هامش اجتهاد لهيئة القضاء من أجل البت في بعض الاستثناءات. تقول فاطمة الزهراء «لقد غادرت المدرسة وعمري14سنة، وسأكون لا محالة ربة بيت، فلماذا علي أن أنتظر سنة ونصف لعقد قراني، إنها مدة طويلة». وتورد الصحفية الفرنسية رأيا للباحثة الاجتماعية سمية نعمان جسوس «حسب الشائع في ثقافتنا، فإن رفض فتاة شخصا جاء يطلب يدها، قد يعني عدم تقدم آخرين بطلب يدها». وبعد خمس دقائق خرج الشابان من عند القاضي الذي وافق على طلبهما، وقالا إنه سألهما عما إذا كانا موافقين على الزواج، وهل يتوفر زوج المستقبل الذي يشتغل ميكانيكيا على القدرة ليعيل أسرته؟ أما فاطمة الزهراء فقد أبدت رضاها بالعيش مع أسرة زوجها. وأكد أحد القضاة بمحكمة قضاء الأسرة بالمحمدية أنه وافق في سنة 2006 على زواج فتاة في الثالثة عشرة وسبع فتيات في الرابعة عشرة، قائلا أحيانا تأتي الفتاة وهي حامل، فما عساني أن أفعل؟» وتضيف نعمان جسوس شارحة «في بعض الحالات يتوسل والدا الفتاة إلى القاضي كي يوافق ويجنب الأسرة الفضيحة، أو يشترط والد الفتاة المغتصبة على المعتدي الزواج من الابنة كي يتنازل عن المتابعة القضائية». وفي بعض المناطق بالأطلس أو الريف تعتبر الفتيات بمجرد بلوغهن الرابعة عشرة مؤهلات للزواج، «هذا الزواج يتم غالبا وفق الأعراف بين العائلات بدون إذن قضائي أو عدلي، فقط عبر قراءة الفاتحة، وتقديم هدايا وذبيحة للحفل وزغاريد تشهر القران بالنسبة للجوار» تقول الباحثة الاجتماعية، وهذا ينجم عنه مشاكل لاحقة مثل الأطفال بدون وثائق، وضياع الحقوق في حال وفاة الزوج. لكن نعمان جسوس مع ذلك تبدي تفاؤلها حيال المتغيرات الاجتماعية معتبرة أن مدونة الأسرة أضحت مكسبا وأن معدل الزواج في المغرب وصل 30 سنة.