لم أتمكن من المشاركة يوم السبت الماضي في السلسلة البشرية التي ربطت فيما بين المسجد الشهير والبيعة اليهودية في قرطبة الفيحاء. وكان الغرض هو التقاء بعض موقعي البيان الذي دعا مؤسسة « جائزة أمير أستورياس» التي يرأسها ولي العهد الإسباني، إلى منح جائزة « الوفاق» في هذه السنة للمنحدرين من الموريسكيين، تكريما لهم بمناسبة الذكرى المائوية الرابعة لطرد آبائهم من إسبانيا. ففي أبريل 1609 صدر الأمر بالطرد النهائي لمن بقي في إسبانيا محافظا على ديانته، وهم الفوج الأخير من أولئك المسلمين في الخفاء الذين بدأ التخلص منهم منذ 1502. وقد اختيرت مائوية الطرد مناسبة لتجديد المطالبة بإعادة الاعتبار لأولئك المطرودين، وذلك ضمن محاولات تصالحية عديدة، كان أبرزها مشروع توصية تقدم به الفريق النيابي الاشتراكي في الكورطيس سنة 2009 لإصدار تصريح للاعتراف رمزيا بالخطأ المرتكب في حق تلك الفئة. وفي سنة 2006 كان منصور إيسكوديرو، رئيس لجنة مسلمي إسبانيا قد طلب من الرئيس ثاباطيرو منح أحفاد الموريسكيين الجنسية الإسبانية بالأفضلية إسوة بما تم اتخاذه في حق السيفرديين بمقتضى المادة 22.1 من قانون الهجرة المصادق عليه في 1985 على يد حكومة اشتراكية. وفي العام الماضي وقعت الدعوة إلى إحياء ذكرى إحراق الكتب العربية في باب الرملة بغرناطة. وهي دعوات قوبلت بالتجاهل وأحيانا بالمقاومة الشديدة. والنص الذي تمت قراءته في قرطبة يوم السبت يقع في ثلاث صفحات، وهو مكتوب بالإسبانية، وكذلك بالعربية اللغة التي كتبت بها صفحات نيرة من الثقافة العالمية كتبها أبناء الأندلس، في زمن كان باقي أوربا يرزح في القرون الوسطى. ويقوم النص المشار إليه بصفة جوهرية على أن الذين نالهم قرار الطرد هم إسبان طردوا من أرضهم فقط لأنهم مسلمون. ويجب التأكيد أن الأمر يتعلق بأرض إسبانية. وأن مسلمي تلك الأرض قد أبدعوا ثقافة راقية سمحت بالتعددية الدينية والعرقية وبالتعايش والتسامح، وأن الإسلام حرك فيهم التعلق بمثل وقيم سامية انسجمت مع نبوغهم الخاص، الذي هو نبت تربة إسبانيا المعطاء. وحينما حل بعض أبنائهم بالمغرب على أفواج، كان حلولهم به إضافة ثمينة تركت بصمتها في شتى مناحي حياته. وبعد قرون من ذلك، جاء إلى مراكش في 1924 بلاس إينفانطي، المسمى في ديباجة دستور منطقة الحكم الذاتي بالأندلسي « أب الوطنية الأندلسية «. وحج إلى أغمات ووقف على قبر المعتمد، حيث نطق بالشهادة. وكانت تلك تجربة مشهودة، دلته على حقيقة بدت له ساطعة. فقد كتب أنه في مراكش لم يشعر بأنه أجنبي. وكان من منظمي مبادرة بيان قرطبة الداعي لإنصاف الموريسكيين، مؤسسة إينفانطي، الراعية للقيم التي استشهد من أجلها بلاس إينفانطي بيريث دي برغاش في غشت 1936، في بداية الحرب الأهلية حيث اغتاله الفلانخيون بعد أربعة أسابيع من انطلاق انقلاب فرانكو بتطوان. 11 سبتمبر 2010