على الرغم من التحذيرات والانتقادات التي أطلقها مسؤولون عسكريون وسياسيون أميركيون، لم يبد القس الأميركي، تيري جونز، أي نية في التراجع عن عزمه هو وكنيسته حرق نسخ من المصحف الشريف في ذكرى هجمات 11 شتنبر 2001. وقال القس -وهو أسقف في كنيسة بفلوريدا ، تدعى مركز الحمائم للتواصل العالمي- إن الإسلام "من عمل الشيطان"، واعتبر أن القرآن الكريم مسؤول عن هجمات 11 شتنبر ، وأضاف أنه يأخذ بجدية تحذيرات القادة العسكريين بشأن احتمال تعريض الجنود الأميركيين في عدة مناطق من العالم للخطر، لكنه أشار إلى ضرورة عدم التراجع. وقد لقيت خطط كنيسة فلوريدا لحرق المصحف، إدانات وانتقادات من عدة جهات في الولاياتالمتحدة وفي مناطق أخرى من العالم، وحذر قادة عسكريون أميركيون من خطورة هذا العمل على سلامة أفراد الجيش الأميركي. وانتقدت وزيرة الخارجية الأميركية ، هيلاري كلينتون، هذه الخطوة، ووصفتها -في مأدبة إفطار أقامتها لبعض الشخصيات الإسلامية- بأنها "عمل شائن وغير جدير بالاحترام". وقالت إن التزام الولاياتالمتحدة بالتعايش الديني، يعود تاريخه إلى بداية نشأة الأمة الأميركية. في هذه الأثناء، التقى عدد من ممثلي الديانات السماوية وزير العدل الأميركي، إريك هولدر، وطالبوه باتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يعتدي على المسلمين، وعقدوا مؤتمرا صحفيا أكدوا فيه وقوفهم إلى جانب المسلمين. واعتبر هولدر، في تصريحات عقب اللقاء، أن خطط حرق نسخة من المصحف الشريف سيكون عملا "غبيا وخطيرا". وأوضح القس جونز في تصريحات لقناة (سي إن إن) أن كنيسته تدرك جيدا أن الخطوة ستكون هجومية خصوصا للمسلمين، معتبرا أن الرسالة موجهة إلى من وصفه بالعنصر الأصولي في الإسلام وليس للمعتدلين. وكانت الخطة أثارت ردود فعل قوية في العالم ، وأعربت الولاياتالمتحدة عن خشيتها على أرواح جنودها في أفغانستان، وكذلك عن تخوفها من تنامي الشعور المعادي للإسلام. وردا على تصريحات القس جونز، شبه إمام مسجد الإسلام في مدينة أتلانتا (ولاية جورجيا) بليمون الأمين، ما يهدد جونز بفعله بما قام به النازيون، "إذ إن انطلاقتهم السياسية كانت بمسيرة لإحراق الكتب تطورت في وقت لاحق لتصل إلى إحراق البشر". ودعا القس جونز إلى قراءة القرآن قبل إحراقه، ليقرأ ما فيه عن عيسى وموسى والسيدة مريم عليهم السلام. من جهته ، حذر القائد الأعلى للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أفغانستان، الجنرال ديفد بترايوس، من أن هذه الخطوة قد تعرض حياة قواته للخطر كما تهدد كل الجهود في أفغانستان. كما أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، خطة إحراق نسخ من القرآن الكريم، وأكد أن ذلك سيزيد من حجم الخطر الذي تتعرض له قوات التحالف في أفغانستان. وانضمت صحيفة الفاتيكان "أوسرفاتور رومانو" إلى منتقدي حملة "اليوم الدولي لحرق القرآن" الذي دعت إليه كنيسة في فلوريدا. وتحت عنوان "لا أحد يحرق القرآن"، أعربت الصحيفة في أحدث إصداراتها عن تخوفها من أن تفسح هذه الخطوة الطريق لإلحاق الأذى بشكل كبير بالأقليات المسيحية في الدول ذات الغالبية المسلمة. كما حذر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمانباراست، من أن خطة حرق نسخ من المصحف الشريف قد تؤدي إلى ردود فعل من المسلمين لا يمكن السيطرة عليها. وشهدت العاصمة الإندونيسية، جاكرتا ، في الأيام الماضية مظاهرات أمام السفارة الأميركية احتجاجا على خطط الكنيسة الأميركية. وفي العاصمة الأفغانية، كابول، أيضا نظم مئات الأفغانيين احتجاجات على خطة الكنيسة، وحمل المتظاهرون لافتات تطالب الحكومة الأميركية بمنع الكنيسة من تنفيذ مخططاتها.