قال الباحث الأميركي، جون تيرمان، إن الولاياتالمتحدة تخوض مغامرات عسكرية متتالية منذ الحرب العالمية الثانية، وإن آخرها قد يتمثل في ما سماها حرب العشرين عاما ضد العراق، متسائلا عن جدوى تلك المغامرات العسكرية الأميركية. وأشار تيرمان -وهو المدير التنفيذي لمركز الدراسات الدولية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- إلى أن الثاني من غشت يشكل اليوم الأخير في السنة العشرين لذكرى الحرب الأميركية المستمرة على بلاد الرافدين منذ أن وطأت جيوش الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أرض الكويت عام 1990. وقال الكاتب -في مقال نشرته له صحيفة »بوسطن غلوب« الأميركية- إن هناك عوامل متعددة لما وصفها بالمغامرة الأميركية ومغامرة بعض الدول القوية الأخرى في الشرق الأوسط، ذكر من بينها عوامل تتعلق بصدام وأخرى بما وصفها المصالح الأميركية. وبينما أوضح الكاتب أن صدام حسين كان قبل دخوله الكويت أثار حربا وصفها الكاتب بالكارثية ضد جارته إيران، أضاف أن الرئيس العراقي الراحل أراد أن يصنع من نفسه زعيما قوميا ، وخليفة للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في الأمة العربية، بحيث يصبح رمزا للبطولة في المنطقة، مما أثار فيها الاضطراب والفوضى وشكل تهديدا لجيران العراق من كل اتجاه. ومضى الكاتب بالقول إنه لا يكفي أن يقال إن صدام حسين هو السبب في عدم استقرار المنطقة ، وبالتالي قدوم الجيوش الأميركية والبريطانية وجيوش الحلفاء الآخرين، لإخراج الجيوش العراقية من الكويت، وذلك لوجود عوامل أخرى أبرزها ما يتعلق بالنفط وبتهديد المصالح الأميركية في المنطقة. وأوضح تيرمان أن من بين العوامل الأخرى لما سماها المغامرة العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ، هي تلك المتمثلة في السيطرة على منابع النفط واحتياطياته في الخليج، وتحديدا في السعودية والكويت وفي العراق نفسه. وأضاف أن ثمة عوامل أخرى سابقة دفعت بالأميركيين إلى أن يزحفوا لاحقا إلى المنطقة العربية بعد دهم وعتادهم ، أبرزها ارتفاع أسعار النفط في سبعينيات القرن الماضي، وانطلاق الثورة الإسلامية في إيران، ونشوء تنظيمات مثل تنظيم القاعدة وغيرها من المنظمات والفصائل المسلحة، بالإضافة إلى عدائية صدام حسين الواضحة والمعلنة ضد إسرائيل، مما شكل تهديدا للمصالح الأميركية لا يمكن معه لواشنطن الانتظار طويلا على مسافة بعيدة. مغامرات أمريكية على صعيد متصل بالحروب والمغامرات العسكرية الأميركية، قال الكاتب إن الولاياتالمتحدة ما فتئت منهمكة في صراعات عسكرية مع الآخرين منذ الحرب العالمية الثانية، سواء في كوريا أو فيتنام أو العراق، بالإضافة إلى المناوشات العسكرية الأخرى هنا وهناك. وقال الكاتب إنه لا بد للمغامرات العسكرية الأميركية من أثمان، موضحا أن الغزو الأميركي الأخير للعراق كلف وحده خزينة الولاياتالمتحدة ما يزيد على ثلاثة تريليونات دولار فضلا عن الخسائر البشرية الأخرى. وأما الخسائر البشرية على المستوى العراقي على مدار السنوات العشرين العجاف الأخيرة فكانت هائلة، حيث قضى ما يقرب من نصف مليون عراقي جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضت على بلاد الرافدين في الفترة من 1990 إلى 2003. كما تكبد العراق مثل ذلك العدد أو يزيد من الخسائر البشرية جراء الغزو في السنوات السبع الأخيرة، بالإضافة إلى تشرد أكثر من خمسة ملايين عراقي في داخل بلادهم وفي شتى أصقاع الأرض، حيث يعيشون ظروفا قاسية ومزرية وبائسة. وتساءل الكاتب في نهاية مقاله عن الجدوى الحقيقية لما وصفها بالمغامرات العسكرية الأميركية التي لا تنتهي، وقال إن «قتلى العراق ربما يحاولون إخبارنا بشيء ما، فهل نحن مستمعون؟