يبدو أن المداهمات البوليسية التي كانت تستهدف مقاهي الشيشة قد توقفت بدليل أن العديد من المقاهي عبر أنحاء ولاية الدارالبيضاء الكبرى ماتزال تقدم لزبنائها »النرجيلة ومجامرها«. وليست مهنتي الادلاء بأسماء هذه المقاهي ولكن التذكير فقط بالتدابير التي اتخذتها السلطات المحلية منذ سنة 2009 بمقتضى محاربة تدخين الشيشة في المحلات المفتوحة في وجه الجميع بعدما تبين للمسؤولين أن »استهلاك الشيشة يقترن بسلوكات تمس الاخلاق والصحة العامة. وفعلا لاحظ المواطنون أن هناك مراقبة على مقاهي الشيشة وقيام دوريات بمداهمتها أسفرت حسب الارقام الرسمية عن اغلاق 241 مقهى وحجز 783 نرجيلة واعتقال 667 شخص«. والظاهر أن الاجراءات التي اتخذتها الشرطة القضائية اعترضتها مساطر قانونية بدعوى ان هذه المقاهي يتوفر اصحابها على رخص من مجلس المدينة ومن العمالات ومن الجماعات المحلية، كما لايوجد نص قانون يحرم تدخين الشيشة ولا فصول متابعة قضائية لاعتقال مستهلكيها. بالاضافة إلى أن هذه المقاهي تعتبر مجالات تجارية تخضع للمنافسة في ترويج منتوجها ولتحرير الاسعار ولمغريات العرض مقابل الطلب. وتأسيسا على هذا العرف التجاري يرى اصحاب المقاهي أن من حقهم تحديد اسعار منتوجهم ، وعرض ما يستقطب الزبناء وان يخوضوا المنافسة بكل الوسائل التي تستدعيها الغاية الربحية وهي مبررات لها مدلول: »كلمة حق يراد بها باطل«. اذن هناك فراغ قانوني استغله اصحاب بعض المقاهي لترويج الشيشة وهناك »لهطة« عند بعض أصحاب المقاهي لمضاعفة مداخليهم. ولكن أصل الحكاية أن الاعتماد على اقتصاد يدمر الاخلاق... ويخلق طبقية في مستوى معيشة افراد الشعب ويشجع على الجشع والربح السريع. فالمنافسة التجارية تكون بتقديم الأجود والأنفع وتحرير الأسعار يجب أن يراعي القدرة الشرائية للمواطنين ولايعني ابتزاز الناس والعرض والطلب يجب أن ينحصر في السلع والخضر والفواكه والاثاث المنزلي والآلات الالكترونية والسيارات ولايتاجر في اخلاق الناس واعراض الامة. لقد تساهلنا كثيرا مع انتشار المقاهي التي تبث سباق الخيل على الفضائيات التلفزية مباشرة من فرنسا... حتى ابتلي ثلاثة أرباع سكان »كازا« بالقمار ونتساهل الآن مع مقاهي الشيشة التي أصبحت منتشرة حتى في شوارع الاحياء الشعبية. وأصبح ثلاثة أرباع البيضاويين مهددين باخطار صحية وانحرافات خلقية واذا تمادينا في التساهل مع اصحاب المقاهي وتركناهم ينساقون مع مغريات اقتصاد السوق والمنافسة التجارية المتوحشة ومنطق العرض والطلب الاباحي الذي يستهتر بالقيم والدين والسلوك الحضاري للمواطنين فسيأتي زمن نرى فيها مقاهي تخصص مخادع لممارسة الجنس. وسنرى الصفوف المحتشدة على أبواب المقاهي وبعد أن اصبح »الكارسونات« الآن في المقاهي العادية يبيعون السجائر الشقراء ومعها »النيبرو« لتدخين الحشيش وبعد أن اصبح »الكارسونات« الآن يقدمون لزبنائهم »النرجيلة والمجامر« لتدخين الشيشة فسيصبح »الكارسونات« يوفرون لمقاهي الجنس »العازل الطبي ومعها أوراق »كلينكس« و »ضحكو« رحم الله زمانا.. كانت فيه المقاهي فضاءات مربحة للموظفين والعمال وأصحاب المهن الحرة.. وكانت متنزها للعائلات لتغيير اجواء البيوت وكانت مساحاتها.. مجالا لمباريات الكارطة والضامة والدومينو. واليوم أصبحت كثير من مقاهي الدارالبيضاء اشبه »بالفرنتشي« من تأثير دخان الشيشة والحشيش واصبحت كثير من مقاهي الدارالبيضاء اشبه »بوياعمر« وترانتسيس 36« معتقلا لمجانين التيرسي..