قرر الجيش اللبناني وضع وحداته على الحدود مع إسرائيل في حالة استنفار بعد الاشتباكات، التي وقعت بين القوات الإسرائيلية واللبنانية ، كما هدد حزب الله بأنه لن يقف صامتاً في وجه أي عدوان يتعرض له الجيش، في حين توعدت إسرائيل بالعودة إلى المنطقة الحدودية لاقتلاع أشجار، وذلك وسط دعوات دولية للتهدئة وضبط النفس. وقد تقدم لبنان بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، محملاً إسرائيل مسؤولية الاشتباكات التي وقعت في قرى العديسة ، وكفركيلا ، والطيبة ، على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، وما نتج عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات. جاء ذلك بعد اجتماع طارئ عقده المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، ترأسه الرئيس ميشال سليمان، وحضره عدد من الوزراء وقائد الجيش، العماد جان قهوجي، وأكد المجلس في بيان أنه أعطى توجيهاته بالتصدي لكل اعتداء على لبنان بالوسائل المتاحة ومهما كانت التضحيات. وكانت الاشتباكات، التي وقعت بين قوات إسرائيلية ولبنانية -بعد اجتياز دورية إسرائيلية الحدود اللبنانية ومحاولة الجيش اللبناني صدها، حسب الرواية اللبنانية- وأسفرت عن استشهاد جنديين لبنانيين، وصحفي، وجرح أربعة جنود آخرين، ومقتل ضابط إسرائيلي برتبة مقدّم وجرح اثنين آخرين. وقد تزامن بيان المجلس مع تهديد الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، بأن الحزب لن يقف صامتاً في حال أي هجوم إسرائيلي جديد على الجيش اللبناني متوعداً ب»قطع اليد» التي ستمتد للجيش اللبناني، مؤكداً أن المقاومة التزمت ضبط النفس بالتنسيق مع الجيش لكنها وضعت نفسها تحت تصرف قيادته. وجاءت كلمة نصر الله بعد ساعات من وقوع الاشتباكات وخلال احتفال مركزي للحزب في الذكرى الرابعة للحرب الإسرائيلية على لبنان، اتهم فيه نصر الله أيضاً إسرائيل ولأول مرة رسميا بالضلوع في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وأكد أنه سيقدم في مؤتمر صحفي قريب أدلة ومؤشرات تؤكد ذلك. تهديدات اسرائيلية بدورها حملت إسرائيل لبنان المسؤولية الكاملة عن الاشتباكات والخسائر التي وقعت، كما أنها تقدمت كذلك بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي. وتتهم إسرائيل الجيش اللبناني وقائد كتيبة في منطقة العديسة، بأنه استهدف تفجير الموقف بنصب كمين للقوة الإسرائيلية، بعد أن كانت إسرائيل أبلغت قوات اليونيفيل الدولية بأن جيشها سيقوم بعمليات قطع أشجار وإجراءات عسكرية تخصه في هذه المنطقة الحدودية. وكان وزير الحرب الإسرائيلي، إيهود باراك، هدد الحكومة اللبنانية من مغبة مواصلة ما وصفها ب»استفزازات» الجيش اللبناني في الفترة الأخيرة تجاه القوات الإسرائيلية، وطالب الحكومة اللبنانية بالتحقيق لمعرفة من يقف وراء «الاعتداء الدامي». و توعد الجيش الإسرائيلي بالعودة إلى المنطقة التي يقول إنها تقع على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين الخط الأزرق والحدود الدولية لاقتطاع أشجار، وقد ذكرت وكالة اللإنباء الفرنسية أن الجيش الإسرائيلي قطع الشجرة التي اشتبك بسببها مع الجيش اللبناني. دعوات للتهدئة وسط هذه الأجواء، حث الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كلا من لبنان وإسرائيل على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي إن بلاده تشعر بقلق شديد ممّا سماه العنف في جانبي الحدود. كما حث السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين -الذي تسلمت بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لهذا الشهر- إسرائيل ولبنان «على احترام الخط الأزرق والعمل على وقف الأعمال العدائية»، ودعا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. من جهته ، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مارتن نيسيركي، إن الأخير قلق من هذا الحادث، ويدعو كلا الطرفين إلى إظهار أقصى درجة من ضبط النفس. وعلى الصعيد العربي، أدانت كل من سوريا وقطر والأردن ومصر الاعتداء الإسرائيلي على الجيش اللبناني وانتهاك السيادة اللبنانية. كما أدان كل من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن بن حمد العطية والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «العدوان الإسرائيلي الغاشم». وقد ساد هدوء حذر المناطق الحدودية بين إسرائيل ولبنان بعد الاشتباكات ، أوقعت قتلى وجرحى في الجانبين، إثر تصدي الجيش اللبناني لتوغل قوات إسرائيلية في الأراضي اللبنانية. وقد استشهد في هذه المواجهات ثلاثة جنود لبنانيين، وجرح أربعة، كما استشهد مراسل جريدة« الأخبار»، عساف أبو رحال، جراء القصف الإسرائيلي لموقع الجيش اللبناني في العديسة، وجرح مراسل تلفزيون« المنار»، علي شعيب. وفيما يتعلق بالخسائر الإسرائيلية ، فقد أقرت إسرائيل بمقتل قائد لكتيبة مدرعات برتبة مقدم، وبإصابة ضابطين بجراح خطيرة، أحدهما قائد كتيبة في الاحتياط، وكان تلفزيون« المنار» قد أعلن سابقا مقتل الضابط، وجرح ثلاثة جنود إسرائيليين. وقد طلب الجيش الإسرائيلي عبر مكبرات الصوت من الجيش اللبناني باللغة العربية وقف إطلاق النار لسحب جرحاه، وبعد ساعة من السماح له بذلك، قام الطيران الإسرائيلي بطلعات جوية وقصف مواقع لبنانية. وكان الجيش اللبناني قد هدد أكثر من مرة -بعد تعرض مواقعه في المناطق التي يتواجد فيها لأول مرة منذ ثلاثين سنة لإطلاق نار من الجانب الإسرائيلي- بأنه سيرد بالمثل ولن يكتفي بالشكوى. واعتبر وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، ميشال فرعون، أن هذا الخرق -الذي يأتي بعد خروقات جوية وبرية وبحرية لم تفعل قوات اليونيفيل شيئا لمنعها سوى إحصائها- يثبت النوايا الإسرائيلية الواضحة منذ شهور، وطالب بتحسين القرار (1701).