تصدرت قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية اهتمامات القضايا السياسية الشاملة التي تعرض لها بإسهاب وعمق الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين . فقد شدد جلالة الملك بلهجة الصراحة والواقعية والحزم التأكيد على أن "المغرب سيظل مدافعا عن سيادته ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه. كما جدد جلالته التمسك بمبادرة الحكم الذاتي كحل للأزمة القائمة. وبالقدر الذي عبر فيه الخطاب الملكي عن تمسك المغرب بحقه في الدفاع عن سيادته وحرمة وحدته الترابية غير القابلة للتجزيء والبتر أوضح واقعية مقترح الحل الذي يقدمه والمتسم بالابتكار والتوافق لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي في إطار الأممالمتحدة. وأوضح جلالته أن هذه المبادرة المقدامة تظل مقترحا واقعيا، يتسم بروح الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي، في نطاق منظمة الأممالمتحدة ، مؤكدا استعداد المغرب لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية وأمينها العام ومبعوثه الشخصي. وربط جلالة الملك بين اعتماد الحل السياسي الواقعي الذي يقترحه المغرب لطي ملف النزاع بصفة نهائية وقضايا إقليمية لا تقل أهمية في أجندة المغرب و الدول المجاورة. وانتقد جلالة الملك صراحة الموقف الجزائري الذي قال إنه "يعاكس منطق التاريخ"، وأعرب عن أمله في أن تتخلى الجزائر عن "التمادي في مناوراتها اليائسة" لنسف "الدينامية" ذات الصلة بتطبيق المبادرة. واكد جلالته في هذا الصدد حرص المغرب "على مواصلة التشاور والتنسيق، لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة، وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر، عن معاكسة منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية، بشأن قضية الصحراء المغربية. واعتبر الخطاب الملكي أن من شأن هذه المقاربة المتجردة من المصالح الذاتية الضيقة أن تسهم في تعزيز الأمن الإقليمي في أفق مواجهة المخاطر التي يمكن أن تهدد المنطقة في إطار التعاون بين دول الساحل والصحراء والتي ابرز الحاجة الملحة لحكومات وشعوب المنطقة في إيجاد حلول مستعجلة وفعالة في إطار التنسيق والتشاور وبعيدا عن النزعة الشوفينية المنغلقة . وشدد جلالة الملك في هذا الصدد على ان المغرب "سيظل وفيا لانتهاج سياسة افريقية متناسقة هادفة الى تعزيز الامن الاقليمي خاصة في اطار التعاون مع بلدان الساحل والصحراء لمواجهة المخاطر الامنية المتعددة. ودائما في إطار ملف الوحدة الترابية أعلن جلالة الملك نيته إعادة هيكلة المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء حتى يتسنى له القيام بأدواره الطلائعية وفي مقدمتها العمل على رفع الحصار عن كافة المحتجزين في مخيمات تندوف الواقعة في الجزائر. لقد كان مضمون الخطاب الملكي السامي، واضحا وصريحا، خطاب جاء من أجل تأكيد قرار تاريخي، مصيري فاعل، آمن به المغرب على الدوام، هو قرار الدفاع عن الوحدة الترابية، والتأكيد اللامشروط عن عدم التخلي ولو على شبر واحد منه، طال الزمان أو قصر، ومهما كانت الأسباب والمسببات.