يتبوأ الزعيم الأستاذ عبد الخالق الطريس المكانة المرموقة بين القيادات الوطنية الاستقلالية، التي كافحت من أجل تحرير الوطن واستقلال البلاد، وواصلت النضال في سبيل إرساء القواعد المتينة للدولة المغربية العصرية الحرة المستقلة ، وبناء المغرب الجديد على قاعدة الملكية الدستورية، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية السياسية، والتعادلية الاقتصادية، والحقوق الأساسية لجميع المواطنين، في إطار من المساواة وتكافؤ الفرص من منطلق التشبع بقيم المواطنة التي توحد الشعب المغربي. لقد كان الأستاذ عبد الخالق الطريس قمة شامخة من قمم الحركة الوطنية المغربية منذ يفاعته وشبابه المبكر، بَنَى مجدَه السياسيَّ والثقافيَّ والنضاليَّ بالجد والمثابرة وبالتفاني والإخلاص والتضحية التي يعزّ نظيرها. فكان نسيج وحده في الصمود الذي واجه به التحديات واتخذه سلاحاً له في معارك الوطنية من أجل مواطنين أحرار في وطن حر. فكان في جميع مراحل حياته، أستاذاً للوطنية، ومثالاً للتضحية، ونموذجاً راقيَ المستوى رفيعَ الدرجة، للكفاح من أجل تحقيق المبادئ العليا التي جمعت منذ أواخر العشرينيات من القرن الماضي ، بين صفوة طلائعية من الشباب الوطني في كل من فاس والرباط وسلا وتطوان وطنجة ومراكش، أخلصوا ووفوا وصبروا وصابروا حين وضعوا القواعد الراسخة للعمل الوطني الذي تبلور فيما بعد في كتلة العمل الوطني ، ثم في الحزب الوطني، وفي حزب الإصلاح الوطني، وفي حزب الاستقلال، وبلغ هذا العمل الرائد الكبير الذي أنجزوه، قمة النضج في شهر مارس سنة 1956 بعد إعلان الاستقلال بأيام، حين اندمج الحزبان الإصلاح الوطني بزعامة عبد الخالق الطريس وحزب الاستقلال بزعامة الرئيس علال الفاسي، في حزب واحد هو طليعة النضال من أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات والحرية والديمقراطية في دائرة الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية للشعب المغربي. إن الأستاذ عبد الخالق الطريس الذي يحتفل حزب الاستقلال اليوم بالذكرى السنوية الأربعين لوفاته، سيظل رمزاً مشعاً من رموز حزب الاستقلال الذي يفتخر أن من بين قادته الكبار هذا الزعيم الفذ الذي كان مناضلاً صلب العود من أجل حماية الوحدة الترابية للمملكة والدفاع عن المقدسات، وتطبيق مبادئ الديمقراطية الحق في تسيير شؤون البلاد، وفي خدمة الشعب وفي رفعة الوطن وعزته وكرامته. إن الدروس المستفادة من التجربة النضالية المتميزة لأستاذ الوطنية عبد الخالق الطريس تنير أمامنا السبيل نحو مواصلة البناء الوطني الشامل، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، ومن خلال الجهود التي تبذلها الحكومة في دأب متواصل، من أجل تطبيق الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عبر عنها البيان الحكومي أمام البرلمان، في المرحلتين الأولى والثانية. فلقد علمنا الطريس، كما علمنا الرئيس علال الفاسي، أن الصمود في وجه الصعاب والتحديات فضيلة وطنية، وأن الاستماتة في الدفاع عن حق الشعب في الحياة الكريمة، واجب مقدس، وأن العمل السياسي من أجل تحقيق المصلحة العليا، رسالة نضالية مستمرة، وأن الثبات على المبادئ، أمانة نحافظ عليها ومسؤولية ننهض بها. لقد كان الزعيم الكبير عبد الخالق الطريس أستاذاً مبرزاً في الوطنية نضالاً وصموداً والتزاماً ووفاءً وإخلاصاً. وتلك هي المعالم التي أضاءها لنا هذا المناضل الاستقلالي الوطني الكبير بنور بصيرته وبوهج وطنيته.