المنتظم الدولي يجب أن يتحرك من أجل معاقبة إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية ، الأمر لم يعد يحتمل ، وبيانات التنديد والاستنكار لم تعد كافية لإيقاف جبروت وهمجية هذا الكيان العنصري الذي ظل يحتمي بشعار « واحة الديقراطية في الشرق الأوسط » في حين أنه ظهر إلى الوجود عن طريق القتل والتذبيح ضد الأطفال والشيوخ والنساء ، والتطهير العرقي ضد شعب بأكمله.. الجريمة الأخيرة التي ارتكبها جنود هذا الكيان العنصري في حق مجرد حلقة من حلقات الإجرام والاضطهاد التي ظل يمارسها لأكثر من ستين سنة . والواقع أن هذا العدوان لم يكن مستبعدا باعتبار التحرشات الإسرائيلية المستمرة على السفن التسع التي كانت تقل قرابة 700 متضامن من تركيا وأوروبا ودول عربية، الأمر الذي كان يستوجب من المجتمع الدولي الاستعداد لمواجهته والتصدي له بكل جدية لحماية أمن وسلامة المتضامنين . إن الاعتداءات الاسرائيلية هذه المرة لم تستهدف « جماعات إرهابية» كما كان حكام إسرائيل يدعون دائما ، وإنما قافلة من السفن المدنية التي تحمل مساعدات انسانية ومواد غذائية وتجهيزية لدعم عملية إعادة اعمار قطاع غزة بسبب الخراب والدمار الشامل الذي خلفته الآلة العسكرية الاسرائيلية وأودى بحياة حوالي 1300 فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ . ولا يمكن اعتبار هذا الاعتداء مجرد عمل طائش ، بل إنه عدوان وحشي منظم ارتكز فيه الاحتلال الإسرائيلي على قواته البحرية والجوية بأعداد كبيرة ، أسفرعن سقوط 19 شهيداً بينهم 15 تركيا وجرح نحو 30 شخصا من الناشطين والمتضامنين الدوليين ، إنه عمل يندرج في سياق جرائم الحرب والعقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع العالم. ويجب أن يقتنع الجميع بأن هذا العدوان لم يكن موجها ضد الفلسطينيين فقط أو ضد ناشطين من المجتمع المدني من تركيا واليونان وإرلاندا بل هو عدوان ضد جميع شعوب العالم والمنتظم الدولي الذي تعودت إسرائيل على تحديه في أكثر من محطة.. وهو جريمة ضد الانسانية وانتهاك سافر للمواثيق الدولية ، وخرق فاضح للقوانين والأعراف التي تنظم حركة الملاحة البحرية ، من قبل نظام لغته الوحيدة الحرب والعدوان، حيث من المستحيل أن تنعم المنطقة بالاستقرار والسلم طالما بقي العالم مكتوف الأيدي أمام العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأرض والإنسان والأديان والحضارة.. صحيح أن الاتحاد الأوروبي دعا إلى التحقيق في ملابسات هذه الجريمة ،وطالب بفتح فوري ودائم وغير مشروط للمعابر لكي تتدفق المساعدات الانسانية والسلع التجارية والأشخاص من وإلى قطاع غزة، كما استدعت دول تركيا و اليونان والسويد وإسبانيا سفراء إسرائيل احتجاجا على جريمة العدوان الإسرائيلي ، وصحيح أن ردود الأفعال العربية والدولية، توالت منددة بالهجوم الاسرائيلي على سفن قافلة الحرية التي كانت تبحر في المياه الدولية بعرض البحر المتوسط ، وصحيح أيضا أن الجامعة العربية دعت المجتمع الدولي ومؤسساته إلى التحرك الفوري لاتخاذ الإجراءات الرادعة ضد هذه الدولة المارقة، التي تمارس كل أنواع الإرهاب والقرصنة، وإثارة التوتر والاضطراب في المنطقة وفي عرض البحر الأبيض المتوسط . إلا أن حركات الأسف والتنديد والاحتجاج والدعوة ، يجب أن تتعزز بقرارات واضحة للمنتظم الدولي مشمولة بالتنفيذ ضد جريمة العدوان الوحشي الذي شنته البحرية الإسرائيلية لمنع تدفق المساعدات الإنسانية على القطاع. إن هذه الجريمة تعتبر في الواقع «إرهاب دولة» وآن الأوان للأمم المتحدة أن تتحرك لوضع حد لجرائم إسرائيل المتكررة وتعمدها خرق القانون الدولي، والتصرف كدولة خارج القانون ..