من المقرر أن يتقدم الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي أمام مجلس النواب يومه الإثنين بتصريح حكومي حول حصيلة عمل الحكومة بمناسبة انتهاء النصف الأول من الولاية التشريعية 2012/2007 وآفاق العمل الحكومي تعقبه مناقشة من طرف الفرق والمجموعات النيابية. ويأتي هذا التصريح في إطار الاجتهاد الذي أقره النظام الداخلي لمجلس النواب من خلال ما نصت عليه مقتضيات المادة 148 من هذا النظام الداخلي بتخويل الحكومة إمكانية طلب الإدلاء بتصريح أمام مجلس النواب تعقبه أوْ لا تعقبه مناقشة دون إجراء أي تصويت كيفما كان نوعه في الوقت الذي لم ينص فيه الدستور سوى على إمكانية أن يربط الوزير الأول لدى مجلس النواب مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يفضي به الوزير الأول في موضوع السياسة العامة أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه، حيث يؤدي سحب الثقة من الحكومة بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية كما ينص على ذلك الفصل 75 من الدستور. يأتي هذا التصريح الحكومي ليجسد بحق التطور الذي عرفه المسار النيابي والنهج الديمقراطي منذ أول تجربة نيابية عرفتها البلاد في 1963 عندما انسحبت الحكومة التي تم تعيينها برئاسة الأستاذ أحمد أباحنيني رحمة الله عليه في 13 نونبر 1963 بمجرد الانتهاء من تقديم البرنامج الحكومي بسبب الجدل القائم آنذاك بين البرلمان والحكومة حول إمكانية مناقشة هذا البرنامج الحكومي من قبل أعضاء مجلس النواب والتصويت عليه قصد منح الثقة أو سحبها طبقا لمقتضيات الفصل 65 من دستور 1962 بعد أن تمكنت المعارضة المكونة من حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية جعل النظام الداخلي لمجلس النواب يلزم الحكومة بأن يكون برنامجها موضوع مناقشة وتصويت بمنح أو سحب الثقة منها في انتظار أن تقول الغرفة الدستورية كلمتها بخصوص مدى مطابقة هذا المقتضى أو مخالفته لأحكام الدستور. يأتي هذا التصريح الحكومي ليؤكد سنة حميدة أخذت طابعا مؤسساتيا، وأصبحت عرفا انطلاقا من الاجتهاد الذي أقره النظام الداخلي لمجلس النواب عندما نص في الباب الثاني على تصريحات الحكومة أمام مجلس النواب، لتشكل بذلك مناسبة مواتية وفرصة سانحة لفتح حوار مثمر ومسؤول بين الجهاز التنفيذي والمؤسسة التشريعية من خلال تمكين الحكومة من تقديم حصيلة عملها أمام مجلس النواب الذي منحها الثقة، وإعطاء الفرصة لأعضاء البرلمان أغلبية ومعارضة لمناقشة هذه الحصيلة. يأتي هذا التصريح الحكومي ليشكل وسيلة ناجعة وفعالة لمراقبة العمل الحكومي تُتِيح لمجلس النواب إمكانية الوقوف على مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها الذي كان موضوع مناقشة وتصويت حصلت على أساسه على ثقة المجلس وفقا لمقتضيات الفصل 60 من الدستور. ومن جهتها، ستتمكن حكومة الأستاذ عباس الفاسي التي عينها جلالة الملك انطلاقا من المنهجية الديمقراطية من الدفاع عن حصيلة العمل الحكومي خلال النصف الأول من الولاية التشريعية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الخارجية ومختلف القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية وسياسة الأوراش الكبرى في مختلف الميادين وما تحقق من مكتسبات على الصعيد الداخلي والخارجي، رغم الإكراهات الخارجية والصعوبات الداخلية التي فرضت على الحكومة مواجهة تحديات متعددة الجوانب تمكنت الحكومة من مواجهتها بشهادة الجميع، وكما أكد ذلك مؤخرا رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب. ولن يكتفي التصريح الحكومي بتقديم حصيلة ما تحقق خلال النصف الأول من الولاية التشريعية، بل سيتناول أيضا آفاق عمل الحكومة في المستقبل لاستكمال ما تبقى من الاصلاحات والمشاريع المبرمجة في إطار البرنامج الحكومي، حتى يتمكن ممثلو الأمة ومعهم الرأي العام الوطني من الاطلاع والتتبع عن كثب بشأن مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها بكل مسؤولية مادامت الحكومة مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور على أساس التضامن الحكومي والنيابي بين جميع أعضاء الحكومة ومكونات الغرف البرلمانية المساندة للحكومة سواء على مستوى إعداد البرنامج الحكومي والدفاع عن مضامينه والالتزام بتنفيذه وتطبيقه وتقديم المحاسبة للناخبين في 2012 بكل اعتزال مادامت الحصيلة إيجابية بكل المقاييس كما سيتأكد ذلك بجلاء من خلال ما سيقدمه الوزير الأول للسادة ممثلي الأمة من معطيات وبيانات وأرقام لحصيلة العمل الحكومي ومادام المستفيد الأول من هذه الحصيلة هو المواطن المغربي والأمة المغربية وسمعة البلاد في ظل العهد الجديد الذي دشنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله.