لم تكن خديجة ذات الثانية والعشرين ربيعا تدري أن القدر يخبئ لها حادثا مثل الذي وقع لها وهي تركب حافلة من حافلات النقل الحضري المشتعلة التي أرعبت ساكنة الرباط وسلا وتمارة والصخيرات. ففي اليوم الذي انتهت فيه خديجة من جمع أوراقها من أجل اجتياز مباراة للتوظيف بوزارة العدل، ركبت هذه الشابة، الحاصلة على الإجازة في إحدى شعب القانون، حافلة من حافلات شركة "ستاريو" (الخط 13 ) متجهة إلى بيتها وإذا بها تفاجأ بالنيران تحاصر الحافلة من كل جانب . وكبقية الركاب وجدت خديجة نفسها محاصرة ولم تجد مخرجا تنفذ من خلاله بجلدها، وظلت تصارع النيران التي أغلقت كافة المنافذ، غير أنها استطاعت في الأخير القفز خارج الحافلة قبل أن يأكل اللهب كافة جسدها. بعد خروجها وجدت خديجة، الشابة التي كانت بمثابة بارقة أمل تشع في عائلة الخمري، نفسها ضحية من بين 18 آخرين أصيبوا بحروق متفاوتة الخطورة وكانت حالة خديجة أسوءها حيث أصيبت بحروق من الدرجة الأولى والثانية استدعت نقلها منذ الوهلة الأولى إلى المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط ثم إلى المستشفى الجامعي ابن رشد حيث مازلت مركونة هناك تتلقى العلاج من قبل فريق طبي متخصص في علاج الحروق. ولأن وضعية أسرة الخمري لاتسمح بتحمل مصاريف العلاج وتكلفة الأدوية فإن جيران وأصدقاء هذه العائلة هم من تكلفوا في العديد من المناسبات بجمع التبرعات من أجل تسديد مصاريف العلاج ، ما جعل أسرة الضحية تتجه نحو إدارة شركة " ستاريو" صاحبة الحافلة المحترقة لتطالبها بتحمل مسؤولية الحادث الذي تعرضت له ابنتهم، إلا أنها لم تجد الآذان الصاغية. مأساة خديجة تركت بصماتها على كل الأسرة والجيران والمعارف، فقد استغرب الكل كيف أمكن لمسؤولي هذه الشركة أن يتجاهلوا قضية خديجة التي لحقها الضرر جراء تقاعسهم واسترخاصهم لأرواح آلاف الركاب الذين يستعملون حافلات النقل الحضري في تنقلاتهم بين مدن الرباط وسلا وتمارة. خديجة اليوم في حاجة إلى الاهتمام بحالتها، فهي تطمع في معاودة حياتها مثل كل الفتيات و الرجوع إلى حياتها الطبيعية من أجل مساعدة الأب معيل العائلة الذي بالكاد يستطيع أن يعيش بمعية أسرته حياة أقل من مستوى الكفاف خصوصا بعدما صرف كل ما لديه. لذا فإن أسرتها تطالب المسؤولين بشركة " ستاريو " وبولاية الرباط من أجل الالتفات إلى حالتها و تحمل مسؤولياتهم فيما آلت إليه أوضاعها الصحية.