احتضنت أخيراً كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي في الرباط ندوة فكرية حول موضوع »حماية المستهلك بالمغرب« نظمتها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بتنسيق مع مختبر الأبحاث والدراسات حول قانون الأعمال والمقاولات التابع لذات الكلية. وقد تميز هذا اللقاء الفكري بمشاركة مجموعة من الأسماء البارزة في المجالات القانونية والاقتصادية والاجتماعية نذكر منهم الدكتور محمد محبوبي أستاذ بكلية الحقوق السويسي بالرباط والذي ناقش موضوع »مظاهر حماية المستهلك في ضوء التشريع المغربي« والدكتور أحمد الحجامي أستاذ بذات الكلية الذي تطرق إلى قضية »حق المستهلك في الولوج إلى القانون« والدكتور عزيز فتح أستاذ بالسلك العالي للمدرسة الوطنية للإدارة الذي عالج موضوع »حماية المستهلك والمجلس الاقتصادي والاجتماعي« والدكتور روشام الطاكي الذي تحدث عن »إسهام مجلس المناقشة في حماية المستهلك« في حين تطرق محمد بن الماحي رئيس العصبة الوطنية لحماية المستهلك لموضوع »حماية المستهلك والإشهار«. وقد كان اللقاء فرصة للتداول في مجموع القضايا المرتبطة بالاستهلاك والذي اعتبره المتدخلون في هذه الندوة هدفا أساسيا لمعظم الأنشطة الاقتصادية وله دور أساسي في تركيب البنيان الاقتصادي وتحريك عجلة الاقتصاد. وأشارت المداخلات إلى أن ارتفاع مستوى معيشة الأفراد وتطور وسائل الانتاج وزيادة الاستهلاك أدى إلى تطور الحياة الاجتماعية مما ساهم في ارتفاع نسبة تضرر المستهلك الذي أصبح أمام تنوع السلع والخدمات عرضة لممارسات غير شريفة من طرف بعض الصناع والتجار والمهنيين الذين لايسعون إلا إلى تحقيق الربح عن طريق إغراق الأسواق بكميات كبيرة من المواد والبضائع من أجل اكتساب الهيمنة الاقتصادية دون أن يأخذوا بعين الاعتبار مصلحة المستهلك في الحصول على السلع. وأفادت تدخلات المحاضرين بأن هذه الوضعية من شأنها أن تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع وتهدد سلامة المستهلكين خاصة وأن بعض المنتجين والمحتكرين لايلتزمون بقواعد الصدق والأمانة في معاملاتهم وأنشطتهم الاقتصادية مما جعل حماية المستهلك في مقدمة واجبات الدولة الحديثة التي تضع على كاهلها مسؤولية ضمان المستوى المناسب من الحياة الكريمة والحصول على السلع والحاجات الكفيلة بتحقيق رغبات كل فرد. وتطرقت مداخلات الأساتذة الحاضرين إلى النصوص التشريعية التي يتضمنها القانون المغربي والساعية إلى تنظيم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين من أجل الحفاظ على اقتصاد سليم ومتوازن عن طريق الاهتمام بالثلاثية المهمة في هذه العملية وهي الإنتاج والتوزيع والمستهلك. وتبين خلال استعراض مجموعة من القوانين المنظمة لعملية الاستهلاك من طرف المتدخلين أن هناك قصوراً قانونيا واضطرابا تشريعيا في تنظيم هذا الجانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وبات حسب المتدخلين الدفاع عن المستهلك ضرورة أساسية باعتباره أساس النشاط الاقتصادي والاستماع لصوته لاعتبارات أو جزها الأساتذة المحاضرون في تزايد المخاطر المرتبطة بالصناعات الاستهلاكية بسبب شروط العمولة وانفتاح الحدود الجمركية، بالإضافة إلى طغيان هاجس الربح والتسويق وكذا تزايد ضحايا الاستهلاك لمواد فاسدة سواء كانت مواد غذائية أو أدوية أو غير ذلك وأخيرا ارتفاع الأسعار لبعض المواد الأساسية والضرورية. وطرح المحاضرون إشكالية تشتت المنظومة القانونية لحماية المستهلك في المغرب والتي هي في أمس الحاجة إلى التوحيد في نص تشريعي جامع يضم كافة القوانين المتفرقة التي تنظم عملية الاستهلاك والتي تم تحديدها في 300 نص قانوني. ولم يدع الحاضرون فرصة هذا اللقاء الفكري تمر دون أن يبرزوا الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس المنافسة في تحقيق شفافية الأسعار وتطورها والتدخل لضبط مستوياتها وكذا توفير التموين والتوزيع بالأسواق لضمان منافسة حرة ونزيهة ومراقبة الجودة والمكاييل أو ما يعرف بالميترولوجي القانونية ناهيك عن توعية المستهلك ودعمه وحثه على المراقبة الذاتية لما يعرض عليه. ورغم الدور الذي أنيط لمجلس المنافسة القيام به والذي يتعدى الحدود الاستشارية إلا أنه يظل بنظر المحاضرين في إمكانه إبداء الآراء وطرحها بقوة على الحكومة التي تعمل بدورها على إصدار قرارات من شأنها أن تنظم وتضبط الأسعار.