عَرَّى التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون واقع الجمود الذي يشهده مسار المفاوضات التي يرعاها ممثله الشخصي بين أطراف النزاع حول مستقبل الصحراء المغربية في أفق إيجاد حل سياسي متراض عليه للنزاع الذي عمر أكثر من اللازم ورهن مصير المنطقة ككل واستقرارها. قلق المسؤول الأممي بشأن آفاق التسوية السوية السياسية المأمولة للنزاع تضع مجددا الجزائر وصنيعتها البوليساريو أمام مسؤولياتهما وتفضح سلوكاتهما ومواقفهما السلبية والمتعنتة التي تجر في كل مناسبة الجهود الأممية المضنية خطوات إلى الوراء. ويشكل تقرير الأمين العام الأممي صفعة جديدة للبوليساريو ولأسطوانة حقوق الإنسان المزيفة التي ظلت تستغلها كسلاح فاشل ووحيد في مواجهة المقترح المغربي المتكامل والمتسم بالمصداقية والمشمول أيضا بالدعم الدولي المتزايد. وكان العديد من المراقبين قد أكدوا استحالة الاستجابة لمطلب الانفصاليين المتعلق بمراقبة الوضع الحقوقي في الصحراء وتوقعوا مزيدا من تمديد أمد النزاع وترك العديد من حيثياته للوقت. وتراهن الجزائر وتندوف على تمديد أجل النزاع إلى ما لا نهاية لأن وضع الجمود المدمر والممل يخدم مصالحهما الانتفاعية أساسا. وقد راكم المغرب عدة نقط قوة لمشروعية سيادته على أراضيه، في حين سجلت عدة انكسارات وخيبات متوالية لخصومها في جبهة البوليساريو والجزائر، فمن مفاوضات أرمونك بنيويورك الأمريكية التي انتهت بدون تحقيق أي اختراق، إلى تقوية الدور المغربي في شمال إفريقيا وكامل القارة الإفريقية، حيث تكللت قمته مع الاتحاد الأوروبي بنجاح كبير، وتعزز دوره أمريكيا بعد نجاحها في تدبير اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي مؤشرات أتت كضربات متوالية على جبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر. ولم تتوقف خيبات طرح البوليساريو عند هذا الحد فقط، ولكن توالت الفاجعة مرة أخرى بتحقيق المغرب لاختراق استراتيجي على مستوى القارة الإفريقية. وتعضد الموقف المغربي أيضا بمبادرة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بتوجيه رسالة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون إلى إيجاد حل لنزاع الصحراء على أساس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. والمغرب الذي يراكم وبشكل متواصل نقط قوة إيجابية ومتجددة لمشروعية سيادته على أراضيه ماض قدما في التعاون مع الأممالمتحدة ومؤسساتها من خلال مجلس الأمن والأمين العام ومبعوثه الشخصي للتقدم في مسار المفاوضات المفضية إلى حل سياسي متراض عليه ينطلق من أرضية مبادرته الواقعية المنفردة على مائدة المفاوضات. بنفس القناعة والاستعداد للحوار البناء والمثمر، فالشعب المغربي عازم أيضا على تقوية جبهته الداخلية خدمة لوحدته الترابية. وما وقع من ردود فعل عفوية قبل يومين في السمارة والعيون ضد عملاء البوليساريو والجزائر، ونبذ آلاف الصحراويين الوحدويين للأقلية المجندة لخدمة أجندة الجزائر وتندوف، يعطي مجددا للمغرب الشحنة الشعبية القوية التي يرسخها إجماع المغاربة من طنجة إلى لكويرة على الدفاع عن سيادة الوطن الترابية ضد كل الأطماع والمؤامرات كيفما كان مصدرها. المغرب في صحرائه ماض قدما في مسيرة النماء والبناء بينما البوليساريو لن يستمر إلا في مراكمة الخيبات المتتالية.