في تحد سافر للمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تجمع حكومة بلاده بالمغرب ، هدد رئيس حكومة الاحتلال الاسباني بمليلية إمبرودا بإشعال فتنة سياسية داخلية باسبانيا ومساءلة حكومة مدريد داخل البرلمان إذا لم تتراجع هذه الأخيرة عن قرارها القاضي بتسليم ثلاث متهمين بالتورط في قضايا إرهابية الى المغرب بموجب الإتفاق المبرم بين المغرب واسبانيا في هذا المجال سنة 1997 و الذي يبيح ترحيل المتهمين المرتكبين لجنايات ولأعمال إرهابية في اتجاه البلدين من أجل محاكمتهم . و بعد يأس البرلماني الاسباني المنتمي للحزب الشعبي من استحالة الطعن في القرار الاسباني عبر الطرق القانونية التي تم استنفاذها بالكامل بما فيها تحكيم المجلس الدستوري في الواقعة شرع إمبرودا في حملة انتخابية الغرض منها استمالة الناخبين ذوي الأصول المغربية باسبانيا بورقة العنصرية و التمييز ، حيث اعتبر قرار مدريد القاضي بترحيل المطلوبين من المغرب ، و هم على التوالي عبد السلام أحمد المشتبه في المشاركة في تمويل جماعة مسلحة بالشيشان، وعلاقته بتنظيمات إرهابية داخل التراب المغربي الى جانب كل من علي أعراس المتهم بالإنتماء إلى خلية بلعيرج والضلوع في الأحداث الإرهابية التي شهدتها الدارالبيضاء في ماي 2003. والتي خلفت 45 قتيلا و محمد الباي، المتهم بإقامة علاقات مع الشبكة الإرهابية التي جرى تفكيكها بالمغرب ، حيث كان مكلفا على الخصوص بربط الاتصال مع مهربي الأسلحة بأوروبا الوسطى لشراء الأسلحة والمتفجرات بأنه تمييز عنصري مقصود من طرف حكومة مدريد بالنظر الى الانتماء الأمازيغي للمطلوبين على الرغم من توفرهم جميعا على الجنسية الاسبانية أو الأوروبية التي تجعل منهم مواطنين مليليين تحت ظل حماية التاج الاسباني . و كان إمبرودا قد استقبل قبل أيام عائلات المشتبه فيهم الثلاث الموجودين حاليا رهن الاعتقال ، و عبر لهم عن استعداد حكومة مليلية لتقديم مختلف أشكال "الدعم" و "المساندة" لهذه العائلات لتعطيل قرار الترحيل و نيته إشعال أزمة سياسية مع الحكومة الإسبانية بمدريد، عن طريق مساءلة وزير الخارجية الإسباني خلال أشغال اللجنة البرلمانية المقبلة، للفريق البرلماني الشعبي، لمنع ما أسمته ب "التمييز" المرتبط بهذا القرار. ويأتي دفاع حكومة الاحتلال بمليلية عن المطلوبين الثلاثة في إطار الحملات المتوالية التي تهدف إظهار صورة نمطية تتعلق بحمل اثنين من المتهمين للجنسية الإسبانية و إقامتهم بمدينة مليلية، وحمل آخر للجنسية البلجيكية.. إذ تبرز تدخلات من هذا الصنف مجموعة من التمثلات الراسخة في أذهان حكام مليلية، تجعل الأشخاص الحاملين للجنسية الإسبانية فوق طائلة القانون الجنائي المغربي، والقانون الجنائي الدولي.على الرغم من أن العدالة المغربية عززت طلبات الاعتقال و التسليم الموجهة الى مدريد بجميع القرائن و الحجج القانونية التي تثبث حمل المطلوبين للجنسية المغربية وخضوعهم بالتالي لمقتضيات معاهدة تسليم المجرمين الملزمة للبلدين والتي إحترم المغرب أسسها في العديد من المناسبات والوقائع القريبة بشهادة الحكومة الاسبانية . و من الغريب أن الجمعية الاسلامية بمليلية المحتلة دخلت بدورها على خط القضية و تحالفت مع الحزب الشعبي بالمدينة لمناهضة قرار حكومة مدريد في الوقت الذي يقود رئيسها عبد الرحمان بنيحيى حملة واسعة لمنع تنفيذ قرار الترحيل متذرعا بما يسميه السيادة القانونية للمدينة المحتلة في الدفاع عن مواطنيها متماهيا مع مواقف مماثلة للرئيس الأسبق للمدينة مصطفى أبرشان الذي يصبو الى الحصول على نتائج مرضية في الانتخابات المحلية المقببلة تؤهله للعودة بقوة الى مقعد الرئاسة الذي إنتزعه منه الشعبي إمبرودا . و مهما يكن فإن الأيام المقبلة التي ستكون حاسمة في طي ملف المطلوبين الثلاث للعدالة المغربية ستظهر من جهة مدى احترام حكومة مدريد لالتزاماتها المبرمة مع شريكها المغرب ، و ستنفض المزيد الغبار على حقيقة العديد من الشخصيات المغربية المقيمة بمليلية التي تشكل الطابور ، الذي يستند عليه رموز المشهد السياسي الاسباني المتعصب لتكريس احتلالهم للثغور السليبة بشمال المغرب بعيدا عن منطق التاريخ والجغرافيا .