نظم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين لقاء دراسيا يوم السبت 13 مارس 2010 بمدينة طنجة تحت شعار: «الجهوية رافعة للتنمية»، بمشاركة عدد من المتدخلين ، وتناول الكلمة في هذا اللقاء الأستاذ عبداللطيف أبدوح عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وبرلماني عضو الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين ، في موضوع : »نظام الجهوية بالمغرب ماضي.. حاضر.. وآفاق..«. في ما يلي النص الكامل لهذه المداخلة : بادر المغرب منذ عدة سنوات إلى اعتماد جملة من الإصلاحات المؤسساتية العميقة لترسيخ ديمقراطية القرب، وإطلاق وإنجاز مشاريع تنموية كبرى وطنية وجهوية ومحلية تضع المواطن في جوهر عملية التنمية، وتقوم على سياسة تعاقدية وتشاركية تنهض فيها الجماعات المحلية بدور أساسي. هذه التجارب والمكتسبات جعلت المسار الديمقراطي للمغرب مؤهلا للإقدام على تطوير أنماط الحكامة الترابية في إطار وحدة الدولة وسيادتها في اتجاه ترسيخ الديمقراطية المحلية، وفي مقدمتها الجهوية وذلك بإشراك تام للسكان في تدبير شؤونهم من خلال مؤسسات محلية تختص بصلاحيات وإمكانيات مادية دون المس بسيادة الدولة ووحدتها. والجهوية وإن كانت لها مجموعة من المقومات والشروط المتعارف عليها عالميا فإن تطبيقاتها تتخذ أشكالا متباينة تبعا لخصوصيات كل دولة، واختيارات كل بلد. مسار تطور الفكر والممارسة الجهوية بالمغرب وقد عرف مسار تطور الفكر والممارسة الجهوية بالمغرب مخاضا متميزا عبر مراحل تاريخية بدأت خلال فترة ما قبل الحماية مرورا بمرحلة الحماية ونمت بعد الاستقلال. فقد خبر المغرب الجهوية منذ القديم أي خلال مرحلة ما قبل الحماية، حيث نجد أن المناطق الساحلية كطنجة وسوس وسلا وسبتة ووليلي تعكس مظاهر الاستعمار القادمة من البحر »الفنيقيون القرطاجيون الرومانيون«، في حين أن المناطق الجنوبية تأثرت بشكل كبير بالطابع الإفريقي، وكانت تجليات هذه التنظيمات تعتمد على الأسس القبلية والجغرافية، وبقدوم الفتح الاسلامي نشأت روابط ما بين الشمال والجنوب أدت الى تثمين البنية الحضرية وتقويتها، ليعرف المغرب عبر مساره التاريخي حركة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية وعمرانية، بصمت مجاله الترابي ونوعت صيغ تدبيره بين مد وجزر فترات قوة وفترات ضعف، لتشهد مرحلة ما قبل الحماية وجود تفرقة أساسية للإدارة الترابية متمثلة فيما كان يعرف ببلاد المخزن وبلاد السيبة. فبعد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 بسط الاستعمار نفوذه على المغرب، محاولا المس بهويته الإسلامية والعربية، وتميزت سياسة الجهوية إبان فترة الحماية بالحداثة إلا أنها جاءت في مراميها مناقضة للمعنى القانوني للجهة بحيث لم تكن للجهة في ترسانة مؤسسة الحماية إدارة مركزية وإنما للتأطير والتحكم السياسي والعسكري اللازمين لتهدئة البلاد من خلال مبادرات تقسيم المغرب خلال سنوات 1923 1926 1935 1940 ، وذلك بإحداث جهات عسكرية وأخرى مدنية واستعملت الجهة كإطار لعدم التركيز في نطاق الاعتبارات العسكرية والاستعمارية دون أي اعتبارات اقتصادية أو اجتماعية، حيث قسم الفرنسي (اليوطي) المغرب الى جهتين كبيرتين مغرب نافع والمتمثل في المغرب الأطلنتيكي الذي يضم مثلث (البيضاءفاسمراكش) الجهة الغنية فلاحيا وذات الإمكانيات الاقتصادية المهمة، ومغرب غير نافع المتمثل في المناطق الفقيرة وهي الجهة التي لاتعرف أي نشاط يذكر باستثناء استخراج المعادن وتصديرها خاما. أما بعد حصول المغرب على استقلاله، فقد واجهت الإدارة المغربية الفتية عدة عوائق، بوصفها الوصية على إرث الحماية بكل تراكماته، في هذه المرحلة تراجع الاهتمام بالتنظيم الجهوي ليحل محله التنظيم الإقليمي والجماعي بغية فرض سلطة الدولة المستقلة إداريا وسياسيا، إذ اعتبر التقسيم الإقليمي أساس التقسيمات الإدارية للدولة. ولم يظهر الاهتمام بالمجال الجهوي إلا بعد استفحال خطورة الفوارق والتفاوتات والاختلالات الجهوية، وعجز الإطار الإقليمي عن مواجهتها باعتبار محدوديته وقصوره عن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبسبب الاختلاف في بناء حجم الأقاليم وعدم تساويها من حيث عدد السكان والموارد الطبيعية، لتصبح بعد ذلك الجهة الوسيلة الملائمة لإعداد التراب الوطني، ومن تم بدأت بوادر اعتماد الجهوية من خلال المخططات التنموية الاقتصادية والاجتماعية المتعاقبة التي عرفها المغرب، ليلج مرحلة جديدة نحو ترسيخ الديمقراطية المحلية، لكن سياسة اعتماد المخططات التنموية كانت تفتقر الى التنسيق والانسجام وإلى رؤية واضحة للقضايا الجهوية. نظام الجهات الاقتصادية كأداة للتنمية وفي سنة 1971 جاء نظام الجهات الاقتصادية كأداة للتنمية بمقتضى ظهير 16 يونيو 1971 - بمؤسسات إدارية ومالية جديدة على المستوى الوطني والجهوي: اللجنة الوطنية للتنمية الجهوية سنة 1972 صندوق خاص للتنمية الجهوية أنشئ سنة 1973 والوزير الأول هو الآمر بالصرف على المستوى الجهوي نجد المجلس الجهوي الاستشاري المندوبيات الجهوية والمديريات لمختلف القطاعات الحكومية). وتم تقسيم المجال الترابي الى 7 جهات حددت هياكلها ومجالات تدخلاتها وإطارها القانوني. إلا أن هيمنة الجهتين الوسطى والشمالية الغربية وفق تقسيم 1971، أدى الى جلب اهتمام مختلف الفاعلين الاقتصاديين، مما أثر على السياسة التموينية العمومية للتجهيزات وعلى موجات الهجرة وأيضا على مستوى عيش السكان بالإضافة إلى التمركز المكثف، حيث أبان إحصاء 1994 أن 48 ٪ من مجموع سكان المغرب يتمركزون في الجهتين المذكورتين أعلاه. وفي سياق هذا الوضع جاء خطاب جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في 10 أكتوبر 1984 أمام المجلس الاستشاري للجهة الوسطى الشمالية مؤكدا الرغبة في إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية. وهكذا بدأ المد الجهوي يحظى باهتمامات خاصة، كان أبرزها التعديل الدستوري لسنة 1992 الذي ارتقى بالجهة إلى مصاف الجماعات المحلية، حسب مقتضيات الفصل 4 ، وتم تدعيمه في التعديل الدستوري لسنة 1996، حسب مقتضيات الفصل 100 من الدستور. ونتيجة لهذه المجهودات وفي سياق الأوراش الإصلاحات الكبرى التي تبناها المغرب جاء قانون 2 أبريل 1997، وأصبح للجهة كيان مستقل يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ليأتي خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله في 2010 ، ليعطي انطلاقة ورش هيكلي كبير لا شك أنه سيحدث تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية، وذلك بإيجاد النموذج المغربي للجهوية المتقدمة بركائزها الأربعة: التشبث بمقدسات الأمة وثوابتها/ الالتزام بالتضامن الجهوي/ التناسق والتوازن في الصلاحيات والإمكانات/ اللاتمركز الواسع في نطاق الحكامة الترابية الناجعة. فمن خلال هذه اللمحة التاريخية الموجزة للتطورات التي عرفها التنظيم الجهوي بالمغرب يتضح أن الجهوية كفكر وممارسة عرفها المغرب منذ القدم تطورت ونمت عبر المراحل التاريخية وتفاعلت مع الخصوصيات المغربية المتميزة بالتنوع الجغرافي والبشري والساعية إلى تعميق الوحدة الوطنية لتتخذ في المرحلة الراهنة وضعية جماعة محلية دستورية تسعى لدعم الديمقراطية المحلية ببلادنا وتقليص الفوارق والاختلالات التنموية المجالية ودعامة استراتيجية لإحقاق التنمية المستدامة. إن دستور 1996 وقانون الجهة 1997 وخطاب جلالة الملك لسنة 2010 المعلن عن فتح ورش للجهوية الموسعة يدفعنا للتساؤل عن: ا/ مامدى نجاعة الجهوية كمؤسسة لتدبير الشأن المحلي بالمغرب ؟ اا/ وماهي آفاق الجهوية وسبل دعم آلياتها من أجل حكامة محية تنموية؟ أولا: مادى نجاعة الجهوية كمؤسسة لتدبير الشأن المحلي بالمغرب؟ من خلال الخطاب السياسي والميثاق الجهوي تظهر الجهة كجماعة محلية ذات صلاحيات واسعة تكون مجالا جديدا للحوار والتشاور ووسيلة مثلى لإشراك السكان في تدبير شؤونهم المحلية، فهي إذن مستوى آخر لدعم اللامركزية والديمقراطية المحلية وإتمام البناء المؤسساتي. فالمجلس الجهوي وفق التشريع المغربي يتكون من ممثلين منتخبين للجماعات المحلية والغرف المهنية والمأجورين، كما يضم كذلك أعضاء البرلمان المنتخبين في رطار الجهة وكذا رؤساء مجالس العمالات والأقاليم داخل الجهة الذين يحضرون اجتماعاته. الشيء الذي يثير الانتباه هنا كون المشرع لم يتبن نظام الاقتراع المباشر من أجل اختيار أعضاء المجلس الجهوي كما هو معمول به في بعض الدول (فرنسا مثلا). أما من حيث الاختصاصات فالمجلس يمارس اختصاصاته على ثلاث مستويات: 1 / اختصاصات خاصة به 2 / اختصاصات تنقلها إليه الدولة. 3 / تقديم اقتراحات وإبداء الرأي حول الأعمال ذات المصلحة العامة التي تهم الجهة والداخلة في نطاق اختصاص الدولة أو أي شخص معنوي آخر من أشخاص القانون العام. لكن ولتفعيل هذه الاختصاصات ينبغي إصدار نصوص قانونية توضح الدور المنوط بالدولة وبالجهة وتحدد مجال عمل كل طرف منها ووسائل تنسيق تدخلاتها لتفادي تداخل الاختصاصات ولتحقيق الانسجام وضمان تدبير عقلاني للموارد العمومية، حيث إن الجهة لا يمكن لها ممارسة الاختصاصات المنقولة بحكم القانون في ظل غياب تحويل فعلي من طرف الدولة التي يعود لها اتخاذ القرار لتحديد موعد وحجم هذا النقل، وهل سيتم نقل الاختصاصات جملة أو قطاعية دفعة واحدة أو تدريجيا أم ستنقل الاختصاصات لفائدة جهة دون أخرى في ميدان دون آخر أو لمشروع زمني محدد. مما يعني معه أن هناك إشكالية تشريعية وسياسية تستدعي تعميم النقاش حولها من طرف جميع الفاعلين والمنشغلين بتهييء إطار الجهوية الموسعة. وبهذا فإن الاختصاصات الموكولة للمجالس الجهوية تظهر واسعة ومتنوعة حددها القانون بصيغة عامة وشمولية، يتعذر تدقيقها ووضع حدود لها بالقياس الى الاختصاصات الموكولة للدولة أو الهيئات العمومية الأخرى. ومن تم يطرح التساؤل عن مجال استقلالية المجالس الجهوية عن الدولة في ممارستها لتلك الاختصاصات وحدود رقابة الدولة عليها، ولعل محدودية استقلالية الجهة في المنظومة التشريعية الحالية تبرز من خلال الاختصاصات الموكولة لرئيس المجلس وعلاقته مع عامل مركز الجهة (الباب الخامس من قانون 2 أبريل 1997). فباستثناء بعض الاختصاصات التي ينفرد بها رئيس المجلس الجهوي، والتي ترجع بطبيعتها الى سلطته الرئاسية كرئاسة المجلس، وتمثيل هذا الأخير بحكم القانون في المؤسسات العامة ذات الطابع الجهوي، واستدعاء المجلس لعقد دوراته وإعداد النظام الداخلي للمجلس باتفاق مع أعضاء المكتب، فكل الاختصاصات التي تكتسي أهمية تتخذ من طرف الوالي، فهو الذي يمثل الجهة أمام المحاكم وينجز أعمال الكراء والبيع والشراء، ويبرم الصفقات باسم الجهة وينفذ الميزانية ويقوم بإعداد الحساب الإداري باعتباره ممثل للدولة (الفصل 102 من الدستور) فالعمال يمثلون الدولة في العمالات والأقاليم والجهات ويسهرون على تنفيذ القوانين وهم مسؤولون لهذه الغاية عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية. فمن خلال الفصل 102 من الدستور وقانون الجهة 1997 يظهر الاختلال والتفاوت جليا بين مؤسسة الجهة كخيار للامركزية واللاتمركز الإداري الذي يعتبر أسلوبا إداريا لتنظيم وتوزيع الاختصاصات بين الدولة ومصالحها الإدارية الخارجية علما أن دستور 1996 وقانون الجهة 1997 قوى مؤسسة الوالي (أي الدولة). وفي اعتقادنا فالجهة التي تستند على اللامركزية ينبغي أن تكون جهوية مكتملة تقوم على تفويت الصلاحيات والمسؤوليات الضرورية لممارسة الديمقراطية المحلية إلى الجهة لتصبح مؤسسة ترابية لصنع القرار ولتفعيل اللاتمركز الإداري وهذا لن يكون إلا بتوضيح مسؤوليات كل من الدولة والجهات وباقي الجماعات الترابية وإعادة تنظيم هذه المسؤولية عبر وضع أنظمة للتخطيط والتنمية الجهوية تضمن انسجام تدخلات كل الأطراف الاقتصادية والاجتماعية والوحدات الترابية اللامركزية من خلال نصوص قانونية وتنظيمية تحدد بدقة اختصاصات كل المتدخلين (الدولة - الجهة - العمالة أو الإقليم - الجماعة) بمختلف القطاعات التنموية، وبالتالي الإجابة على مجموعة من الأسئلة من بينها: - ماهو الإطار المؤسساتي الكفيل بتنسيق مختلف السياسات العمومية الجهوية؟ - ماهي العلاقة بين القطاعات الوزارية والمصالح الخارجية والجهة ككل؟ - ماهي حدود دعم استقلالية تسيير المصالح الخارجية؟ وهذا ما أكده جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه يوم 3 يناير 2010 الذي أعلن فيه عن الجهوية الموسعة من أجل تحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة، فالوضع المتقدم الذي يحتله المغرب في علاقته مع الاتحاد الأوروبي سيساعد بدون شك على جعل الجهة داخل المغرب بمفهومها الجديد إحدى الأدوات في مجال التعاون والشراكة، وإحدى الوسائل لإعطاء مستوى متجدد لما يجب أن تكون عليه الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، كما أن التجارب الدولية في كل من ايطاليا واسبانيا وألمانيا أعطت نماذج حية تؤكد أن الجهوية الموسعة تشكل مدخلا ناجعا للوحدة الترابية وتدبير التنوع العرقي والثقافي ومدخلا لبلورة تنمية فاعلة. وهذا ما سنحاول الإجابة عنه في السؤال الثاني والمتعلق ب ثانيا: آفاق الجهوية وسبل دعم آلياتها من أجل حكامة محلية تنموية إن نظام الجهوية بالمغرب كأداة لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة كسائر النظم سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، لاتنشأ من فراغ بل هو عبارة عن تطور متتالي الحلقات تستند كل مرحلة فيه لما سبقها وتكون أساسا لما سيعقبها، فإرساء قواعد جهوية ناجعة وفعالة كفيلة بدعم وترسيخ الديمقراطية المحلية بالصورة التي تعطي مفهوما جديدا لتدبير الشؤون العامة، يتطلب وجود مجموعة من المرتكزات والأسس الضرورية لذلك، وتخويل الجهات صلاحيات وازنة وتوفير الإمكانيات اللازمة لبلورة تدبير ميداني فاعل وناجع. لذلك فالحديث عن مرحلة جديدة من الجهوية لن يتأتى إلا عبر تحديث المنظومة التشريعية لهذه المؤسسة وكذا التنظيم الإداري. تحديث المنظومة التشريعية لمؤسسة الجهة: يتطلب : 1- تحديد مجال تدخل الجهة في الشأن المحلي والاختصاصات الموكولة إليها بصفة دقيقة، وتلك التي ستنقل إليها مستقبلا مع تبيان كيفية نقل الاعتمادات الموازية له وكذا الجدولة الزمنية التي سيتم خلالها نقل مختلف الاختصاصات المعنية وهل ستكون إجمالية أم بالتدريج؟ 2- إعطاء الجهوية مستوى ترابي أسمى من الجماعات المحلية الأخرى تدعيما وتقوية للديمقراطية في بعدها الجهوي لتحقيق التنمية المستدامة. 3- تقوية المؤسسة الجهوية المنتخبة ديمقراطيا وبالاقتراع المباشر. 4- وضع إطار جهوي تنفيذي وتمكينه من الوسائل البشرية واللوجيستيكية المساعدة لتنفيذ البرامج الجهوية. 5- إحداث إطار جهوي يستوعب الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والمدنية كقوة اقتراحية واستشارية. 6- تخويل المؤسسة الجهوية حق التشريع في المجالات الداخلة في اختصاصاتها في حدود لاتتعارض والتشريعات الوطنية والمقومات الأساسية للدولة. 7- تفعيل اختصاصات المجلس الجهوي وذلك ب: أ- توفير الوسائل البشرية المؤهلة الضرورية لتفعيل هذه الاختصاصات. ب - تفعيل النظام القانوني للتمويل الجهوي: فإذا كانت الجهة جماعة محلية طبقا لمنطوق الفصل 100 من الدستور تتوفر على استقلال مالي وإداري طبقا للفصل الأول من قانون 2 أبريل 1997 فإن عدم توفر رئيس مجلس الجهة عن صفة الآمر بالصرف والمخولة إلى والي الجهة تطرح العديد من العراقيل وطول الإجراءات. 8/ تحديد جزء من ميزانية الدولة للجهات في إطار تعاقدي للاضطلاع بالاختصاصات الموكولة إليها، مما يدفع في اتجاه إعادة النظر في القانون التنظيمي للمالية واعتماد هندسة جديدة للمالية العمومية. 9/ إحداث وتفعيل صندوق للتضامن بين الجهات للإحقاق التضامن بينها والحد من الفوارق المجالية. 10/ إحداث هيكلة جهوية مرتكزة على تمثيلية ديمقراطية للنخب الجهوية مؤهلة وقادرة على النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة يتم انتخاب أعضاء مجلسها الجهوي باقتراع مباشر يتمتع بسلطة تقريرية ينبثق عنه مؤسسة تنفيذية بصلاحيات واضحة وواسعة في التدبير الإداري والمالي إلى جانب مجلس استشاري جهوي يعتبر قوة اقتراحية واستشارية يضم ممثلين عن مجالس الغرف المهنية والخدماتية والفلاحية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمأجورين والمجتمع المدني بالإضافة إلى مؤسسة جهوية تضم كفاءات وأطرا مختصة تقنية وإدارية لتنفيذ مقررات وبرامج المجلس الجهوي التنموية. التنظيم الإداري: أ إعادة النظر في التقسيم الجهوي: فعلى هذا المستوى يلاحظ أن التقطيع الجهوي الحالي شابته العديد من العيوب نذكر منها: ٭ العدد الكبير للجهات مما يؤثر على حجمها وأهميتها الاقتصادية ٭ تكوين الجهات على أسس إقليمية. ٭ عدم استيعاب التقطيع الحالي للتطورات والتغيرات المجالية التنموية والديمغرافية. مما يستوجب إعادة النظر في التقطيع الجهوي لكي يتلائم مع المستجدات الديمغرافية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والمترجم للإرادة السياسية المطلوبة، والمرتكز على الخصوصيات الوطنية والمتشبث بثوابت الأمة ومقدساتها والمستحضر لإقرار التوازن والتكامل الاقتصادي والاجتماع والتنموي بين الجهات في إطار الوحدة الوطنية. ب ضرورة نهج سياسة محكمة في اللاتمركز: فاللاتمركز واللامركزية وجهان لعملة واحدة إذ بدون لا تمركز لا يمكن ضمان نجاح اللامركزية، واللاتمركز لا يعني خلق مصالح خارجية أو غير ممركزة للوزارات فقط، بل يجب أن تتوفر هذه المصالح على الوسائل المادية والبشرية وعلى سلطة أخذ القرار على الصعيد المحلي دون اللجوء إلى الإدارة المركزية عبر ضمان استقلالية للجهة في ممارستها لاختصاصاتها وفق إطار قانوني واضح ودقيق يوضح الاختصاصات الوطنية والجهوية، فمثلا يعتبر تحول الصلاحيات التي تهم ميادين التنمية الجهوية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية (تنشيط الاقتصاد الجهوي التشغيل التعليم البحث العلمي الصحة...) اهتماما جهويا بامتياز، مما يجعل هذه المصالح الإدارية الخارجية محاورا فاعلا وإيجابيا سواء عند مناقشة وإعداد المشاريع والبرامج الجهوية أو خلال المراحل اللاحقة المتعلقة بتنفيذها. فالسعي نحو اللاتمركز الواسع يتطلب حكامة ترابية جيدة تمكن المؤسسة المنتخبة من سلطات واضحة ومضبوطة في علاقتها بالمصالح الخارجية. وفي الختام وبالرغم من بعض العيوب والنواقص التي يعرفها النظام الجهوي الحالي فإنه لا يخلو من العديد من الايجابيات والمتمثلة أساسا في تراكم التجربة والخبرة والممارسة الميدانية والوقوف عن قرب على الاكراهات والمعوقات التنموية الجهوية وإبداع الصيغ الملائمة للتنمية المستدامة. مما يجعل آفاق الجهوية الموسعة في بلادنا واعدة ما دامت هناك إرادة سياسية حقيقية مستشفة من انطلاقة الورش الإصلاحي الكبير لمؤسسة الجهة الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه الذي دشن تأسيس لجنة استشارية للجهوية المتقدمة، ودعوة صريحة لإشراك واسع لكل القوى الحية بالبلاد من أجل بلورة منظومة جهوية مغربية مراعية لخصوصيتنا الوطنية.