ربما سبق وان ذقت مرارة الظلم لكن ما تعرض له ابني أخيرا من اعتداء جسدي ونفسي أذاقني طعما آخر للظلم.. لن أصفه بالمرارة.. لأن طعم المرارة هنا ألذ واطعم وقد تصلح اسما لنوع من المربى أو العسل أمام ما أحسه وأنا أحاول أن الملم الجرح الذي خلفه حادث الاعتداء هذا بداخلي وبداخل ابني لأعرف كيف أتعامل مع هذه التجربة، التي وضعت أسرتي في امتحان صعب أمام مبادئها وقيمها وأمام ما بدأ يفرضه الشارع ومثل هؤلاء من تغيير سيئ قد يدفعك إلى انتزاع ملامحك من وجهك وليس فقط ما تؤمن به من قيم أضحت ربما مثالية أكثر من اللزوم .. الحادث كان وراءه»جار» لن الصق به أي صفة سوى انه لا يليق أن يكون من هذا المجتمع حسب قول احد الأطباء بالمستشفى الإقليمي بالصخيرات تمارة، الذي سلمنا شهادة طبية في الموضوع، دون ان ينسى توجيه نصيحة لنا بالرحيل من جوار مثل هذا النوع من «البشر» الذي لا يتوانى عن الخروج إلى الشارع لإنزال الهزيمة بخصمه حتى لو كان الخصم طفلا.. والتربص بالأب والأم وكأننا في قرية لرعاة البقر في فيلم أمريكي فلم يكن ليشف غليله ربما سو ى هدم منزلنا و توجيه رصاصات نحو جباهنا حتى تفرغ الساحة المتربة وسط الحي ليلعب فيها أطفاله فقط..ولو انه لا يصلح للظهور في أي شاشة وإنما فقط في كواببيس أخذت تقض مضجع ابني.. الاسوا من كل هذا أن غالبية من علم بالحادث استهجن لجوءنا إلى «القانون»بعد أن قام الخصم إياه وهو من ألف معارك الشارع وارتياد أقسام البوليس بنفس الإجراء مدججا بشهادة طبية من نفس المستشفى ..ومدبجا نفس الشكاية في محضر الشرطة..ليصبح السؤال هل أصبح ضرب الناس في الشارع والاعتداء على الأطفال ثم التوجه إلى قسم البوليس أو المحكمة وكيل الاتهامات لمن اعتديت عليهم هواية ولعبة...لنصبح متساويين أمام هذا القانون الذي لا يطلع على الأفئدة ويعرف من يشعر بالغبن منا والتشفي في الآخر هو أم نحن ؟ ففي محضر الشرطة كتب الشرطي جملة جعلتني أفكر مليا فيمن استهجن واستخف بنا وبلجوئنا إلى الشرطة والإصرار على المحاكمة..الجملة هي «في قضية تبادل العنف» ...وكأنه ينتقم منا نحن من اخترنا الدفاع عن ابننا بواسطة القانون والذي كان يسألني في مخفر الشرطة:هل سيقومون بسجنه يا أمي؟ وكنت أجيبه :لا اعرف؟ ولم يكن يرد بل فقط يرمقني بنظرة مرتعشة هو من يريد منا ان ننصفه من هذا الذي اعتدى عليه والذي لا نعرف ماذا يخفيه وما الذي يضمره من شرهو من سنقابله صباح مساء لسوء حظنا كونه «جار» .. نصر على المحاكمة في ملف عنوانه تبادل العنف، والذي أفتى الجميع فيه بأنه ينتهي عادة بحكم دفع الطرفين لغرامة مادية.. لن اهتم بهذه النصائح وأتوق لمقابلة القاضي ليستمع إلى تظلم أسرتي وخاصة لابني الذي مورس عليه هذا العنف.. وأنا طفلة لم يسبق لي ان عشت حادثا مماثلا لأني تربيت في أسرة تقدس الجوار وكان الوالد يرحمه الله يردد الرسول أوصى على سابع جار، مع الأسف هذا الذي ابتلينا به لم نكن نعرف له اسما أو رقما وكان المحضر خاليا من الاسم والعنوان ... مر على الحادث أكثر من أسبوع، لم يتغير موقفنا ومازلنا مصرين على المحكمة إيمانا منا بقدسية القضاء وبعدالة قضيتنا ..فعلى الأقل سنقف إلى جانب طفلنا الذي سيدافع عن حقه .. أما هو فاكبر عقاب له هو اصطحابه لابنه في قضية اعتداء وزور ومؤكد انه سيقول له اكذب على القاضي كما كذبت أمام الشرطة وأمام الطبيب..ومن يدري فيوما ما سيطالبه بالكذب حتى على الوطن.. أشفق على ذلك الطفل كما أشفق على ابني فيكفينا من هذه المحنة أننا عرفنا من أي طينة نحن..وعلى الأقل لسنا من هؤلاء .. *** كلما نظرت إلى ابني اشعر بحر تلك الصفعات التي تلقاها على وجهه، واشعر ببطن كفي يؤلمني..وكأنه يريدني أن افعل ما قاله النبي عيسى من صفعك على الخد الأيمن رد له على الخد الأيسر.. اكتم غيظي ولا أطيل التحديق في وجه ابني فسؤاله مازال مطروحا: هل سيسجنونه ياامي؟