هل البكارة شرط عفة الفتاة ؟ وهل تصبح البكارة بالنسبة للشاب المغربي موضة قديمة أو تخلفا مجانيا في يوم قريب ؟ وهل البكارة الاصطناعية كاختراع حديث مساندة مباشرة ودعوة صريحة لعدم الخوف على ضياع البكارة التي أسست قوانين وجرائم الشرف ؟ أسئلة قد تكون مستفزة بعض الشيء، وحتما الإجابة ستكون لدى العديد ضبابية وغير صادقة، وذلك ما سنحاول رصده في تحقيقنا خاصة بعد ظهور الشرف البلاستيكي أو العذرية المغشوشة أو بصريح العبارة «بكارة صينية بأبخس الأثمان». المغاربة شعب استهلاكي جاء الآن دور الأسواق المغربية كي تنعم بالابتكار الجديد أو الغشاء الصيني الذي يصفه الكل باللعين فمبلغه رخيص ويتراوح ما بين 100 درهم و 130 درهم. فقد أيقنت الصين أن العرب عموما شعب استهلاكي، فاطلع تجارها على الثقافة العربية وفهموها أحسن فهم واستوعبوا نقط الضعف التي نجدها في عقلية البعض إن لم نقل الجميع. فأنتجت غشاء هو الأنسب لعقلية تفرض البكارة كشرط أساسي لإتمام الزواج، ونؤكد بأن هذه الأفكار لا يقف وراءها العامل الديني بقدر ما تقف العادات والتقاليد لتؤكد بأن «البكارة» هي الشرف، مع أن الكثيرات ممن تمارسن الدعارة يقترحن على الزبناء أوضاعا شاذة، حفاظا على البكارة وأملا في تحصينها إلى موعد الزواج والانتهاء من زمن العطب. الآن وبوصول البكارة الاصطناعية وغزوها لأسواقنا تساوت المغتصبات ببنات الهوى والعاهرات والمومسات، وأصبح الشرف في نظر البعض مجرد غلاف بلاستيكي مستورد ليس إلا، إنه « الغشاء الجديد» أو الغشاء السحري بأبخس الأثمان الذي عوض بعض المصحات عن عملها الذي كان يتطلب دفع مبلغ 3000 درهم في الأيام العادية ليصل إلى 1500 درهم في فصل الصيف موسم الأعراس. فما هو موقف الشارع المغربي ؟ وكيف لمجتمع تتلمذ في مدرسة الأخلاق والعفة والطهارة بدءا من ديننا الحنيف وانتهاء بتقاليد وعادات أن يقبل بعذرية مغشوشة ؟ معاناة حقيقية لفتيات مع غشاء البكارة الصيني بحسب ماتناقلته عدة مواقع إلكترونية فإن عددا من الصحف رصدت مجموعة من القصص الفردية التي عانت من عواقب استخدام غشاء البكارة الصيني، حيث نشرت استخدام إحدى الصينيات للغشاء الصناعي يوم زفافها، وبعد أن فض الغشاء نزل سائل أحمر ذو رائحة غريبة وفي اليوم التالي لاحظت وجود انتفاخ في جسمها يصاحبه ألم شديد ومع الإهمال أصيبت بعدوى بكتيرية شديدة تسببت بالتهابات في المبايض نتج عنه عدم حدوث حمل بعد عام من الزواج، ولاحظت فتاة ثانية أن استخدامها للغشاء الصيني تسبب في وجود رائحة كريهة وألم شديد نتيجة التهاب في القناة البولية، وثالثة أرادت أن تخفي على زوجها حقيقة عدم عذريتها، فقامت بشراء الغشاء الصناعي وعندما قامت بتركيبه في أول أيام الزواج، انفلت الغشاء ووقع وانقطع أثناء مشيها بحرص لصعود للسرير وقتها شعر الزوج بالخيانة وطلقها في اليوم الثاني. سفارة الصين بمصر تخرج عن صمتها وتحذر من غشاء البكارة الصيني أخيرا خرجت السفارة الصينية بمصر عن صمتها وحذرت من استخدام الغشاء، فيما أعلن أطباء أنه خطر على الصحة، فقد نقلت إحدى الصحف المصرية عن الوزير المفوض ونائب السفير الصيني بالقاهرة أن أغشية البكارة المتوفرة بالأسواق حاليا مجهولة المصدر ومستوردة عن طريق شركة غير مسجلة كمنتج طبي في الصين أو خارجها وأضاف أن الأطباء حذروا منها كما طالبت السفارة الصينية بالقاهرة من حكومتها في بكين بالتحقيق في الموضوع. وتجدر الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان أول من أنتج غشاء بكارة اصطناعي منذ 7 سنوات ب 100 دولار فقط. للشارع رأي على إثر البحث الميداني الذي أجريناه مع شبان وشابات يتراوح أعمارهم ما بين 20 و 35 سنة تبين لنا أن معظم الفتيات وإن لم نقل كلهن ليس لديهن علم بشأن البكارة الصينية، باستثناء البعض منهن من أدلى بمعلومات بسيطة، في حين نجد نسبة 2% من الفتيات يعتبرنها حل عملي ومنطقي لمن أرادت أن تفرط في شرفها بسرعة. أما الشباب فقد أبدوا امتعاظهم من هذا المنتوج الجديد الذي أباح للعاهرة والفتاة المغتصبة أن تتساوا من الناحية الجسدية، وكلهم أصروا على ضرورة شرط البكارة للفتاة كدليل على عفتها وأخلاقها، هذا بالإضافة لسلوكها وتعاملاتها الذي تظهر بشكل عملي مدى عفتها ونقاء أخلاقها، وفيما يلي بعض الآراء التي استقاينها من الشارع. البكارة الصينية نوع من التحايل على الرجل مروان 25 سنة طالب بكلية الآداب يعتبر البكارة الاصطناعية بصفة عامة والبكارة الصينية خاصة نوع من التحايل على الرجل يضيف لكن هذا لا يجعلنا نتهم كل الفتيات لأن البعض منهن يستحقن بكارة اصطناعية «المغتصبات منهن» في حين يرى واصل 27 سنة أنه لا سبيل للتلاعب بقضية الشرف والعذرية، ففي رأيه لا يمكن لأية فتاة أن تفقد عذريتها دون أن تعي ماذا تفعل، فالفتاة لديها حكم سابق على نفسها وإن هي استغلت الوضع «ابتكار صيني رخيص» فهذا سيجعلها لا تستطيع التحكم في سلوكياتها لأن العملية الترقيعية سابقا كانت مكلفة أما حاليا ومع اندثار الحاجز المادي لديها الحل البديل، الحقيقة أن البكارة الصينية لا تخدم مصلحة الشاب بالمرة. أما ف. وهي فتاة في مقتبل العمر تطرح سؤالا مهما وهو: ما هو الفرق بين البكارة الطبيعية والاصطناعية ؟ وهنا مربط الفرس، فلا يستطيع الإجابة عن هذا السؤال إلا من جربها بالفعل. في حين تقول كريمة : «لقد سمعت عن البكارة الصينية ولكن معلوماتي متواضعة، أين أستطيع إيجادها» وتضيف معلقة « لدي صديقة لي قامت بالعملية الترقيعية وهي الآن سعيدة في حياتها الزوجية، فلماذا لا نستفيذ من كل ما هو جديد ؟ سلمى تخالفها الرأي وتعتبر أن شرط العذرية ليس دليلا على عفة ونزاهة الفتاة، بل سلوكها وطريقة تعاملها مع الغير هما أساسا العلاقة بين شاب وفتاة، تعلق سلمى قائلة «فترة الخطوبة بالنسبة لي هي أهم فترة يستطيع الطرفان دراسة شخصية كل واحد منهما ومعرفة الخطأ والصواب». أستاذة علم الاجتماع بكلية الاداب بتطوان زهرة الخمليشي المجتمع هو من يفرض على المرأة إيجاد البديل أولا وقبل التطرق لموضوع البكارة الاصطناعية، أتمنى كباحثة سوسيولوجية أولا أن يعيد الرجل المغربي والمرأة المغربية النظر في اعتبارات اختيار الزوج أو الزوجة، فالزواج هو مؤسسة يجب أن لا تبنى على المظهر، بل على ما هو أخلاقي، قيمي، ديني، عقائدي وليس شكلي مرتبط بالبكارة أو أشياء تافهة ليست لها أي قيمة ما عدا القيمة الاجتماعية. حتى مع وجود الاكتشاف الجديد للبكارة الاصطناعية الصينية، فالبكارة لم تكن الميزة أو الدليل الفعلي للعفة والشرف، لأنه وكما توضح لنا الباحثة نوال السعداوي فهناك أشكال متعددة للبكارة، ويمكن أن تولد المرأة بدونها أو أن تفقدها بطرق أخرى غير الافتضاض، فالشرف والعذرية أكثر من مسألة قطرات من الدم، إنها مسألة أخلاق وتربية وسلوك. يجب علينا أن نعيد النظر في مسألة العذرية، فوجود البكارة ليست دليلا على عدم وجود ممارسات جنسية سابقة. وإذا نظرنا للأمر من الزاوية الدينية فنقول بأن الزنا حرام وأن أي ممارسة جنسية خارجة عن الإطار الشرعي هي حرام، وإذا طبق الدين فلا حاجة لنا للتحدث عن البكارة أو ما شابهها،البكارة الاصطناعية كيفما كان نوعها هي نوع من الغش والخديعة، وما دام ما هو اجتماعي يطغى على ما هو ديني فيجب الاعتراف بأن بعض السلوكات المرضية التي تغلف مجتمعنا، تفرض على المرأة أن تبحث عن البديل، أؤكد على أنه يجب إعادة النظر في العلاقات بين الجنسين فهاته العلاقات يجب أن تنبني على أسس متينة كالأخلاق الثقافة، الدين الحب، فقد أظهر البحث العلمي أن الأسس الهشة من السهل اكتشافها، ونصيحتي لكل فتاة أو فتى مقبلين على الزواج أن تكون الصراحة أساس علاقتهما. لعل موضوع غشاء البكارة عموما والبكارة الصينية خصوصا يشكل مادة دسمة في النمنمات الاجتماعية، وبالرغم من تعدد الطرق فالزيف هنا واحد، ويجب الوقوف مليا والتفكير فالبكارة ما هي إلا غشاء مادي قد تفقده الفتاة لسبب أو لآخر. وتستطيع أن تستعيدها بعملية بسيطة أو بغشاء صيني لا يكلفها سوى مبلغ بسيط، فهل ستكون هذه الموضة الجديدة هو إعلانا صارخ في وجه كل فتاة سولت لها نفسها استغلال شرفها حتى لاتقلق، فالتكلفة في متناول اليد، ومن تريد تستطيع أن تعبث وتلهو إلى أن يحين موعد الزواج لتثبت أمام الجميع وبشهادة « حسن السيرة والسلوك الصينية». وتضرب بذلك عرض الحائط كل الثوابت والقيم والأخلاق التي تدعوها للمحافظة على عفتها، وأنتم أيها الرجال، هل دماء ليلة الزفاف وحدها دليل العفة والطهارة لأنها ربما أريقت عشرات المرات، فأين ستقودنا عمليات إعادة العذرية وأين ستقودنا قبلها معتقداتنا وأفكارنا الهشة؟