شاءت الصدفة ورب صدفة خير من ألف ميعاد كما يقولون، أن ألتقي اللاعب الدولي السابق مصطفى الطاهري، وكلما التقيته إلا وارتسمت في ذاكرتي وهي تعود بي إلى الوراء حيث السنوات الخوالي صورة ذلك اللاعب الأشقر الذي هز ميادين الكرة لعبا واستماتة وحماسة، بل وإخلاصا للمنتخب الوطني المغربي ولفريقه مولودية وجدة على مدى 12 سنة بدءا من سنة 1970 حتى سنة 1982، ومصطفى الطاهري وهو يداعب الكرة خلال تلك الحقبة الذهبية في تاريخ الكرة المغربية شكل قطبا دفاعيا قل نظيره موهبة ورجولة وبسالة تاركا بصمات تحفظها له الذاكرة بكثير من الإعجاب والتقدير محاربا على مختلف الجبهات داخل رقعة التباري دونما كلل أو ملل، زارعا الخوف في نفوس من كان يتولى حراستهم من مهاجمي أيام زمان وكانوا بحق نجوم زمانهم، وهم يحركون المدرجات فرجة وأفراحا وأعراسا كروية. لعب مصطفى الطاهري لكل من فرق مولودية وجدة ونهضة بركان واتحاد وجدة كما لعب لفريقين أجنبيين هما : ف. س. بيان السويسري وسان بيير ايموكولون الكندي، قبل أن يتقمص عن جدارة ألوان المنتخب الوطني أيام عزه ومجده الزاهر وقد خاض معه غمار 23 مقابلة دولية، وكان قاب قوسين من الاحتراف بالديار الألمانية بنادي ليفركوزن لولا شرط السن المحدد وقتئذ في 27 سنة، ومن الأسماء التي لعب مصطفى الطاهري إلى جانبها عبد الحميد الهزاز وبادو الزاكي وأحمد فرس وأحمد بلحيوان ومحمد مرزاق وكمال السميري وعزيز بودربالة ومحمد موح ورضوان الكزار وعبد المجيد الظلمي، هذا وفي جلسة سابقة جمعتني معه قبل عام مضى قال مصطفى الطاهري (54 سنة) وهو في حالة تأثر قصوى "لا أريد لأبنائي وفلذات كبدي أن (يتكرفسوا) مثلي، يكفي ما أنا فيه من عذاب وألم وحرمان، أمنيتي أن يرى أبنائي الثلاثة والدهم وقد رد له الاعتبار وأن الكرة قد أنصفته ولو معنويا بعد سنوات من الانتظار والترقب، وأن البسمة قد ارتسمت على محياهم، تلك هي أمنيتي وفيها إن هي تحققت أجد سعادتي وراحة بالي وضميري بعد أن أفنيت زهرة شبابي في كرة خاوية لا تسمن ولا تغني من جوع" هكذا هي حال مصطفى الطاهري وهي حال العديد من قدماء لاعبي مولودية وجدة الذين وجدوا أنفسهم بعد أن أكملوا مشوارهم الكروي وقد دخلوا دائرة النسيان بل وأصبحوا في خبر كان وكأنهم مجرد حكاية يحكيها الكبار للصغار بعد أن فعلت بهم السنوات العجاف في هذا الزمن الرديء ما فعلت.