كان الاعتقاد السائد لدى البيضاويين عند إبرام صفقة التدبير المفوض للماء والكهرباء ومع شركة فرنسية كبرى سيجلب مناهج في التدبير والتسيير العقلاني للشركة، والاعتماد على الكفاءات المغربية من مهندسين ذوي تكوين عال وتقنيين متخصصين إلا أن الاعتقاد سرعان ما خاب فتر لتحل محله ممارسات لا علاقة لها البتة بالتسيير العقلاني. حيث سيتضح للرأي العام من خلال الاطلاع على الأرقام الخاصة حجم الارباح، المصاريف ثم الاستثمارات لدى الشركة أنها اعتمدت في طريقة تدبيره أسلوب المراوغة ليس إلا مستغلة في ذلك انعدام المراجعة المستثمرة والمباشرة على الفواتير. ومادام الامر هكذا فان التلاعب سيبقى مستثمراً وهامش المناورة لدى الشركة سيستمر في الاتساع، إذ يتضح من خلال ذلك وبفضل هذا الاسلوب أن الشركة حققت ارباحاً هائلة تصل قيمتها إلى عدة ملايين من الدراهم خلال سنوات 2003 إلى 2005، وبالمقارنة مع قيمة الرأسمال الذي جلبته مجموعة »سويز« إلى المغرب والمحدد في 260 مليون درهم تقريباً يتضح أن المجموعة قد استعادت في بضع سنوات أكثر من ضعف هذا المبلغ الأصلي. وهذا يبدو أكثر وضوحاً إذ تبين لنا أنه خلال فترة 1997 إلى 2004 حققت مجموعة »سويز« عائدات تفوق في قيمتها مليار درهم، ولابد من الإشارة إلى أن المساعدة التقنية تعد في كثير من الاحيان مبرراً فقط لتحويل نسبة من الأرباح إلى الخارج. وبالتالي فهي تشكل طريقه للتهرب من الإداء الضريبي. فلا أحد يعرف نوعية الاستفادة التكنولوجية التي جلبتها »ليديك« إلى مدينة الدارالبيضاء سوى أوراق المصاريف المؤداة بسخاء من قبل الشركة لفائدة الأطر الأجنبية ولأجل تقارير لانعرف إلى أي حد هي مجدية. البعد الآخر للتدبير المفوض يخص الجانب الاستثماري، فعلى هذا المستوى أيضاً، نلاحظ أن هناك فرقاً ملحوظاً بين محمد الاستثمارات التي ينص عليها العقد وبين الاستثمارات الفعلية، حيث تبلغ نسبة الخصاص في هذا المجال حوالي 900 مليون درهم، وهكذا فإن نسبة إنجاز الاستثمارات المنصوص عليها يعد ضعيفا. والمقلق أكثر هو أن هذه الاستثمارات تمول عن طريق اللجوء إى الابناك المغربية حيث تصل نسبة الديون المحصلة من قبل الشركة إلى أكثر من مليار ونصف المليار من الدرهم في نهاية سنة 2004 وهو الرقم القريب من نسبة الأرباح التي تم تحويلها إلى الخارج (حوالي مليار درهم) هذه السياسة المالية تعد مضرة بالمستهلك الذي أصبح مطالباً بتحمل تكاليفها المتضمنة في سعر البيع المطبق من قبل »ليديك« تجاه ربنائها. كما أنها تعد غير مطابقة لمقتضيات عقد التدبير المفوض الذي ينص على أن الارباح المحققة من قبل ليديك يجب أن يعاد استثمارها وأن لايتم توزيع حصص الارباح سوى في نهاية السنة العاشرة لدخول العقد حيز التنفيذ أي في سنة 2008، على ألا تتعدى نسبة هذه الحصص 28 مليون درهم. وكل ذلك يتم في غياب تام عن الرقابة والمتابعة وحتى لجنة تتبع شركة ليديك التي كان لاعضائها دور فعال في تقويم أعمال الشركة وذلك عن طريق إبداء آرائهم ورفع تقاريرهم للسلطات العليا تم تحييدها وذلك بإعادة تشكيل أعضائها. مباشرة بعد الانتهاء من المسلسل الانتخابي الذي ابتدأ بإجراء الانتخابات الجماعية في يونيو الماضي عمد رئيس مجلس المدينة إلى إحداث تغييرات جذرية على مستوى لجنة تتبع شركة »ليديك«. هذه التغييرات كانت تسير في إتجاه إبعاد كل العناصر التي قد تشكل شوكة في حلق الشركة، وكان أول قرار اتخذته لجنة التتبع هو السماح لشركة »ليديك« بالزيادة في التعريفات المطبقة على استهلاك الماء بالنسبة للزبناء الخواص ابتداء من نونبر 2009، بما يتراوح ما بين 3 و 7 سنتيمات للمتر المكعب المستهلك مع الحفاظ على التعريفات المطبقة عن استهلاك الكهرباء والتطهير السائل، هكذا أصبحت اللجنة التي تساير مصالح ليديك تتمتع سلطات تقريرية بينما كاتب بسلطاتها في السابق استشارية فقط. هذه اللجنة أصبحت في الاتفاقية المعدلة تضطلع بدور حاسم وكبير، حيث لم تعد تبدي رأيها فحسب في القضايا التي تعرض عليها بل أصبحت تقرر في قضايا كبيرة، مثل الميزانيات السنوية والاستثمارات التي تبلغ 11 مليار درهم واعتمادات صندوق الاشغال، إضافة إلى كل ما يتعلق بالتعريفة. وذلك دون حاجة إلى الرجوع إلى المجلس. فكيف تقوم لجنة معينة غير منتخبة بالتقرير والحسم في هذه القضايا الهامة.