عاشت منطقتا "وورمهو" و"لوون بلاج" شمال فرنسا، يوم السبت الماضي، حادثة إطلاق نار مروعة أودت بحياة خمسة أشخاص، بينهم رئيس شركة، اثنان من المهاجرين الكرديين، واثنان من عناصر الأمن. الحادثة التي أثارت صدمة واسعة في الأوساط الفرنسية تم الكشف عن تفاصيلها تدريجيًا، حيث سلم المشتبه به، شاب يبلغ من العمر 22 عامًا، نفسه للسلطات، مؤكدًا مسؤوليته الكاملة عن هذه الجرائم. بدأت الوقائع حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر في منطقة "وورمهو"، حيث أقدم المشتبه به على إطلاق النار على رئيس شركة نقل يبلغ من العمر 29 عامًا، في موقع معزول أمام أنظار عائلته. ورغم التدخل السريع من خدمات الطوارئ، توفي الضحية في مكان الحادث، مما صدم سكان المنطقة. لم يتوقف الجاني عند هذا الحد، بل توجه إلى منطقة "لوون بلاج"، حيث استهدف مهاجرَين كرديين كانا يسيران بجانب الطريق. أطلق عليهما النار وقتلهما على الفور، مما أثار موجة من الغضب والاستنكار داخل المجتمع المحلي ولدى الجاليات الكردية.
بعد ساعات قليلة من ارتكاب الجرائم، تواصل المشتبه به مع السلطات وسلم نفسه في خطوة أثارت جدلًا واسعًا حول دوافعه. وقد أفادت تقارير أولية أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية، إلا أن الشرطة الفرنسية لم تؤكد بعد هذه الفرضية. وخلال التحقيق الأولي، أقر المتهم بمسؤوليته عن الحادثة، مشيرًا إلى وجود "خلافات شخصية" مع رئيس الشركة، بينما لم تتضح بعد الدوافع وراء استهدافه للمهاجرين الكرديين.
تفاقمت المأساة بعد محاولة الشرطة التدخل لاعتقال الجاني، حيث وقعت مواجهة دامية بينه وبين قوات الأمن، أسفرت عن مقتل اثنين من عناصر الشرطة وإصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، قبل أن يتمكن الجاني من الفرار مجددًا، ثم تسليم نفسه لاحقًا.
أثارت الحادثة صدمة كبيرة في فرنسا، حيث عبّر المسؤولون المحليون عن إدانتهم الشديدة لهذا العمل الوحشي. ووصف رئيس بلدية "وورمهو" الحادثة بأنها "غير مسبوقة"، مطالبًا بتعزيز التدابير الأمنية في المنطقة لحماية المواطنين من العنف المتصاعد. من جانبها، أدانت منظمات حقوقية الهجوم الذي استهدف المهاجرين الكرديين، مطالبةً بفتح تحقيق شامل لتحديد ما إذا كان الجاني مدفوعًا بخلفيات عنصرية أو كراهية تجاه اللاجئين.
باشرت السلطات الفرنسية تحقيقات مكثفة في الحادثة، حيث أفادت النيابة العامة أن المتهم يواجه تهمًا بالقتل العمد وإطلاق النار على أفراد الأمن. وقد أُحيل إلى الحبس الاحتياطي بانتظار تقديمه للمحاكمة.
تسلط هذه الحادثة الضوء على تحديات الأمن الداخلي في فرنسا، وسط تصاعد المخاوف من انتشار العنف المسلح، مما يعيد فتح النقاش حول القوانين المرتبطة بامتلاك الأسلحة ودعم الصحة النفسية في البلاد. في ظل التوترات التي أشعلتها هذه الجرائم، دعا قادة المجتمع المدني والجهات الرسمية إلى ضبط النفس وانتظار نتائج التحقيقات. كما تعهّدت السلطات بتقديم الجاني إلى العدالة ومحاسبته على جرائمه المروعة، في وقت تستمر الجهود للتعامل مع آثار هذه المأساة على أسر الضحايا والمجتمع بأسره.